تعد المكتشفات الأثرية والمخلفات العمرانية والتراث بأنواعه شاهدة على التاريخ والتراث الحضاري العريق، فهي أحد المصادر الهامة في معرفة التطور الحضاري للمملكة، ومما يعتمد عليه المؤرخين في دراسة حياة الأمم والشعوب وأنماط معيشتها وعاداتها وتقاليدها، والمملكة العربية السعودية غنية بالآثار والتراث وتحوي ثروة أثرية ذات قيمة لا تقدر بثمن. ويعود أول تنظيم رسمي للاهتمام بالثروة الثقافية في مجال الآثار إلى عام 1383ه، حيث صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء دائرة للآثار ترتبط بوزارة المعارف، ثم ألحق ذلك القرار بمرسوم ملكي تم بموجبه تشكيل المجلس الأعلى للآثار. وتسعى المملكة جاهدة بالاهتمام بالآثار تنقيباً ودراسةً وحفظاً وحمايةً وصيانةً، فقد قطعت شوطاً كبيراً خلال السنوات الماضية.. ودليل ذلك تحول إدارة صغيرة محدودة للآثار إلى هيئة طموحة في مساعيها وهي (الهيئة العامة للسياحة والآثار) والتي حققت قفزات ملموسة في تطوير السياحة الداخلية والآثار والمتاحف والتراث الوطني، وتسعى الهيئة من خلال أنشطتها الإعلامية من إصدارات وبرامج تلفزيونية وإذاعية ومواد صحفية إلى تعزيز الوعي بأهمية الآثار في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. يحق لنا الفخر وآثارنا اليوم تتنقل بين دول العالم، من خلال معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي صدرت الموافقة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على انتقاله إلى عدد من العواصم الأوروبية والمدن الرئيسة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تجسيداً للتوجه الذي أرسى دعائمه خادم الحرمين الشريفين بالحوار والتواصل بين الثقافات والشعوب، كما يهدف للتعريف بالحضارات المتعاقبة على مر العصور، ونقلها كرسالة إنسانية للشعوب والثقافات الأخرى. إن ما تحقق اليوم في بلادنا في مجال الآثار والمتاحف، وما تشهده من عناية كبيرة فائقة، إنما هو دليل على أننا نسير في خطى صحيحة وثابتة لحفظ تراثنا الوطني. ومن ضمن هذه الخطى رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمعرض الآثار الوطنية المستعادة الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار في المتحف الوطني بالرياض والذي يشهد الآن أيامه الأخيرة، حيث يعكس الاهتمام الكبير بالآثار وتنمية الوعي بها. وتنظيم هذا المعرض يدخل ضمن اهتمامات الهيئة العامة للسياحة والآثار باستعادة القطع الأثرية التي خرجت قبل الاهتمام بالآثار، وأخرى كانت مهملة بين يدي المواطنين في الداخل. من أهداف هذا المعرض التوعية بأهمية المحافظة على الآثار وحمايتها، ووقف العبث والتعدي عليها باعتبارها جزءاً مهماً من التراث الوطني الأصيل. يعتبر هذا المعرض وغيره من الأنشطة والفعاليات الأداة المثالية في زيادة وتحسين التوعية بالآثار والتراث، ومما أثلج الصدر أنه صاحب التنظيم فعاليات توعوية مصاحبة في المدارس والجامعات، هذا بدوره ساهم في تنمية حس إيجابي لدى الطلبة والطالبات يقودهم نحو المحافظة على الآثار والتراث وحمايتها. شكراً لكل من أعاد هذه القطع الأثرية إلى موطنها الصحيح، لتحفظ بإذن الله في مكانها الصحيح، وهي المتاحف المنتشرة في أرجاء المملكة.