بعد مرور عام على الثورة السورية التي اندلعت شرارتها الأولى في الخامس عشر من مارس في العام الماضي كان من الطبيعي جدا أن تلجأ المعارضة السلمية إلى تغيير طريقة تعاملها مع نظام الرئيس بشار الأسد الذي لم تخف دمويته وقبضته يوما على الشعب السوري، وبقدر اختلاف نموذج الثورة السورية عن ثورات الربيع العربي جاء تفرد المعارضة في التعامل مع هذا النظام الأمني العتيد. البداية كانت في أعقاب الحملات الأمنية الواسعة التي شنها النظام مؤخرا على عدد من المدن ولاسيما حمص وإدلب إذ بدأ الثوار السوريون الذين تيقنوا من غياب أي تدخل دولي لحمايتهم أو حتى حصولهم على شحنات أسلحة من دول الجوار، يفكرون في تفعيل طرق جديدة، إلى جانب المظاهرات اليومية، لإنهاك الأمن وإسقاط النظام عبر تفعيل حرب العصابات وعمليات الاختطاف والهجوم على رموز السلطة. وبالفعل نجح الثوار السوريون في اختطاف بعض رموز الجيش النظامي كان أبرزهم اللواء طيار بالقوات الجوية محمد عمر الدرباس بالقرب من دمشق، كما تمكن أربعة رجال مسلحين من قتل العقداء عبد الكريم الراعي وفؤاد شعبان على مقربة من حلب بهدف دفع عملاء النظام إلى التفكير أكثر من مرة قبل اتخاذ قرارها بدعم الأسد. ومن هنا باتت المعارضة السورية مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بضرورة أن تعتمد على نفسها وقامت بتحديد أهدافها جيدا إذ قررت أيضا تركيز هجماتها على ثكنات الجيش والحواجز العسكرية لتشجيع الجنود الموالين للنظام على الانضمام لهم. وعلى النقيض يخشى بعض المراقبين من هذا التحول في تكنيك المقاومة السورية ويؤكدون عدم جدوته لأن انتشار الجيش السوري المدعوم من إيران وروسيا، في جميع أنحاء البلاد سيجعل من الصعب جدا تنظيم مقاومة قوية تحت قيادة موحدة، كذلك فإن حرب العصابات التي تتبناها المقاومة لا تشكل تهديدا وجوديا بالنسبة لنظام الأسد بل إنها في حالة نجاحها ستشكل تهديدا للمجتمع السوري نفسه لأنه قد يصعب التخلص منها كوسيلة للضغط حتى بعد سقوط نظام بشار ولاسيما في حالة وصول أسلحة من لبنان والعراق إلى أيدي الشعب السوري. * «لوفيجارو» الفرنسية