إطلاق 134 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية نيوم الطبيعية    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    ورش عمل تخصصية تعزز الابتكار في هاكاثون أنسنة المشاعر المقدسة.    بخاري: انتخاب عون و«الاستشارات» يسهمان بتعزيز نهضة لبنان    هل تعرقل الخلافات الإسرائيلية صفقة غزة؟    اتحاد القدم يعتمد إطلاق مسابقة دوري النخبة السعودي تحت 21 عاماً    نواف سلام يستقيل من منصبه كرئيس ل «العدل الدولية»    بوستيكوجلو يستنكر تعرضه لهتافات مسيئة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية في الخطط الأمنية    نائب أمير مكة يكرّم رئيس جامعة أم القرى لدورها في مؤتمر الحج    الشباب يُعلن رحيل كويلار    القنصلية السعودية في لوس أنجلوس تدعو المواطنين لتوخي الحذر    منتدى العمران الرابع يكرِّم "تلال العقارية" لدعمها القطاع العقاري بالمملكة    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة السماري    البسامي: أمن ضيوف الرحمن ركيزة أساسية عند إعداد الخطط الأمنية    إطلاق أضخم ماراثون للقراءة بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتضن ملتقى الابتكار    مانشستر سيتي يتوصل لاتفاق مبدئي مع البرازيلي الشاب فيتور ريس    تشيكل لجنة مركزية للجهات الأمنية بالمنافذ    انتهاء التصويت ل"Joy Awards 2025" والاستعداد لإعلان الفائزين في الحفل السبت المقبل    المملكة توقع مذكرات تفاهم مع 6 دول لتعزيز الشراكات في قطاع التعدين والمعادن    جمعية سيل" ماء ونماء" تنفّذ مبادرة سقيا ضيوف الرحمن    ارتفاع معدل التضخم في المجر خلال ديسمبر الماضي    تعمل بنظامي «الهايبرد والكهربائي».. «أجرة مكة» تدخل حيز التنفيذ    محافظ الأحساء يستقبل المدير الجديد لشركة stc    الربيعة يزور جناح وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج الرابع بمحافظة جدة    مستشفى الأفلاج العام يكشف عن إحصائياته ويحقق إنجازات نوعية في خدماته الصحية    في إنجاز طبي سعودي.. ابتكار تقنية طبية متطورة لعلاج أمراض فقرات الرقبة بعد 7 سنوات من التطوير    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع المركز الوطني للرقابة على الإلتزام البيئي    مقتل 120 في الخرطوم.. البرهان: مستعدون لسلام يحفظ أمن السودان    الجلسة العُلمائية لمبادرة تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة تُشدِّدُ على الإجماع الإسلامي "قديماً" و"حديثاً" على الحق المشروع للمرأة في التعليم    وزير الخارجية يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الجزائري    المجموعة الاستشارية للأشخاص ذوي الإعاقة تعقد اجتماعها الثاني للدورة الثانية    أسهم أوروبا تعوض بعض الخسائر مع تراجع عوائد السندات الحكومية    برئاسة السعودية.. إبراز الهوية على طاولة «إذاعات العرب» في تونس    الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية لمواجهة جدري القردة في سيراليون    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن أربعة مشروعات طبية تطوعية في الكاميرون    استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على منزلين جنوب قطاع غزة    17 نصيحة من «المساحة الجيولوجية» لمواجهة مخاطر الزلازل    استمرار الرياح النشطة مع توقع أمطار خفيفة وضباب على بعض المناطق    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    لا ناقة لي ولا جمل    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    مقترح للدراسة في رمضان    الصناعة تطلق 15 ممكناً وحافزاً في برنامج "المشغل الاقتصادي"    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع يهودي على الساحة الأمريكية
نشر في الجزيرة يوم 13 - 04 - 2012

الانتخابات بالنسبة لجماعات المصالح والضغط في الولايات المتحدة مثل السبانخ بالنسبة للبحار بوباي، وهو شخصية كارتونية شهيرة تظهر دائما أقوى من الآخرين لأنها تأكل كميات كبيرة من السبانخ. لذلك لم تكن مفاجأة أن يشهد المؤتمر السنوي لمنظمة لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) وهي أقوى جماعة ضغط في واشنطن وموالية لإسرائيل بشكل كامل مثل هذا النوع من التملق الذي يصل إلى درجة «العهر» السياسي لأنه يتزامن مع عام انتخابات الرئاسة الأمريكية.الرئيس الأمريكي باراك أوباما وفي ظل جمود عملية السلام بين العرب وإسرائيل يقول: «أنا ظهر إسرائيل» تعبيرا عن دعمه لها. وعندما بدأ الجمهوري ميت رومني الساعي إلى الفوز بترشيح حزبه له في انتخابات الرئاسة خطابه المسجل تساءل المرء عما إذا كان هذا المرشح الجمهوري سوف يتعهد بإلقاء خطاب تنصيبه من القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل. ففي هذا الخطاب المسجل وعد بأن تكون القدس أول محطة له كرئيس لأمريكا.
الحقيقة أن منظمة (إيباك) القوية تواجه إزعاجا شديدا خلال السنوات الأخيرة بسبب ظهور كيان منافس لها صغير لكنه شرس. ففي الرابع والعشرين من مارس الماضي عقدت مجموعة مختلفة من اليهود الأمريكيين اجتماعا في قلب العاصمة واشنطن خلال المؤتمر السنوي للمنظمة اليهودية الجديدة المعروفة باسم «جيه ستريت». ومنظمة «جيه ستريت» تنمو بسرعة لكنها مازالت كيانا صغيرا بالقياس إلى أيباك. هذه المنظمة تضم حاليا 50 موظفا واختارت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك ليكون المتحدث الرئيسي في مؤتمرها.
ومنظمة «جيه ستريت» مؤيدة للسلام وتروج دائما لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس وجود دولتين للفلسطينيين والإسرائيليين. تقول أيباك: إنها على الحياد بين الأحزاب والقوى السياسية في إسرائيل لكن علاقتها أقوى بحزب الليكود اليميني. أما «جيه ستريت» فترى أن الدفاع عن الفلسطينيين الذين يعيشون بلا دولة والتنديد بالأضرار التي يلحقها الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية هو جوهر وجودها. وقضية أيباك الآن هي متى سيرسل الرئيس أوباما قاذفاته لضرب المنشآت النووية الإيرانية. للوهلة الأولى يبدو هذا الأمر مجرد خلاف حول السياسة الخارجية. ولكن ماذا لو كان هذا الصراع الصامت بين أيباك وجيه ستريت يتعلق بأمر آخر هو مستقبل اليهود الأمريكيين أنفسهم؟.
وقد دخل أستاذ العلوم السياسية ورئيس التحرير السابق لمجلة «نيو ريبابليك» الأسبوعية الليبرالية الموالية لإسرائيل بيتر بينارت إلى ساحة الجدل الذي أطلق خلال مؤتمر منظمة جيه ستريت الأسبوع الماضي كتابه «أزمة الصهيونية».
يقول بينارت رغم أنه عاشق للصهيونية إلا أن على إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية من أجل حماية ديمقراطيتها. ولذلك فهو يدعو في كتابه إلى وفي مقالته التي ينشرها في صفحة الرأي بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليهود الأمريكيين إلى إطلاق اسم «إسرائيل غير الديمقراطية» على الضفة الغربية وإلى مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية بها. ويقول: إنه بهذا السلوك يمكن لليهود الأمريكيين دعم إسرائيل وليس الاحتلال.
بصراحة شديدة فإن فكرة مؤسسة (جيه ستريت) تحتاج إلى ما يشبه فتحة في الدماغ من أجل التجاوب معها. فهذه المنظمة تواجه صعوبة بالفعل في إقناع من تريد جذبهم إلى صفوفها بأنها صديق مخلص لإسرائيل. فقد سارع مؤسس جيه ستريت اليهودي الأمريكي جيرمي بن عامي إلى النأي بنفسه عن أفكار بينارت، وكذلك السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل أورين الذي سارع بمهاجمة بينارت حيث قال: إن ما يقوله الكاتب والباحث السياسي «يتجاوز كثيرا التيار العام في إسرائيل».
وإذا لم تكن المقاطعة هي أفضل الأفكار فإن هذا الكتاب سيئ بكل المعاني. ورغم أن الكتاب أفرد مساحة واسعة للحديث عن نوايا العرب تجاه إسرائيل فإن الجزء الأهم في هذا الكتاب ليس المتعلق بالشرق الأوسط وإنما المتعلق بالعلاقة بين إسرائيل والجالية اليهودية في أمريكا.
يقول بينارت: إن قلة من اليهود الآخرين جعلوا الليبرالية جزءا أصيلا من هويتهم الذاتية. فعلى مدى ما يقرب من قرن كامل كان اليهود الأمريكيون يصوتون بكثافة لصالح الديمقراطيين. وفي عام 2004 عندما سأل عن أفضل تعريف للهوية اليهودية اختار الكثيرون «العدالة الاجتماعية» كما اختار كثيرون «الالتزام الديني» و»دعم إسرائيل». وفي انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008 كانت نسبة اليهود الذين صوتوا لصالح أوباما ضعف نسبة المسيحيين الذين صوتوا له. ويتساءل بينارت، كيف يمكن لجالية يهودية مشهورة بليبراليتها أن تدعم قيادة مترددة في الدفاع عن الديمقراطية في الدولة اليهودية؟.
ويجيب بينارت عن هذا التساؤل بالقول: إن المؤسسة اليهودية في أمريكا اليوم لم تكن وليدة الليبرالية اليهودية الأمريكية العريقة وإنما نشأت كرد فعل مضاد لها.
ويواصل الباحث السياسي اليهودي عرض فكرته فيقول: إنه بعد الانتصار الإسرائيلي في حرب 5 يونيو 1967 المعروفة باسم حرب الأيام الستة بلغ الإعجاب بالصهيونية في أمريكا مداه. ولكن في السبعينيات أصبح الكثيرون في مختلف أنحاء العالم وكذلك اليسار في أمريكا ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها دولة مستأسدة. ولتصحيح هذا التصور اعتقد قادة الجالية اليهودية في أمريكا أنه عليهم تذكير اليهود والعالم بأن اليهود ضحايا. شخصية الضحية مع التركيز من جديد على المحرقة (الهولوكوست) حلت محل الليبرالية «كأيديولوجية محددة لهوية الحياة اليهودية المنظمة» في أمريكا.
والحقيقة أن هذا هو الاتجاه الذي سارت فيه المؤسسة اليهودية المنظمة في الولايات المتحدة بغض النظر عن مدى السير في هذا الاتجاه. ولكن أغلب اليهود الأمريكيين وبخاصة الشباب منهم لم يمضوا في اتجاه «الضحية والتركيز على الهولوكوست». ومن أجل الخروج من حصار المؤسسة اليهودية في أمريكا حول الكثيرون من الشباب اليهودي طاقتهم الليبرالية إلى اتجاهات أخرى أوسع من دائرة الطائفة فاشتركوا في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي والمنظمة القومية للمرأة. وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل أو بالكثير من الموضوعات الأخرى فإن هؤلاء الشباب يكونون على يسار المنظمات اليهودية التقليدية مثل أيباك ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية التي تدعى تمثيل اليهود الأمريكيين.
بينارت يرى أن المأساة الحقيقية هي أنه حتى المنظمات اليهودية مثل «رابطة مكافحة التمييز» فقدت طريقها بين أسسها الليبرالية والمبدأ الجديد «إسرائيل على خطأ أم صواب». فأوباما الذي كان بطلا للصهيونية الليبرالية حيث اختاره أصدقاؤه اليهود والموجهون في شيكاغو وهارفارد يتهم اليوم بمعاداة إسرائيل. كما أن الكثيرين من اليهود الأمريكيين الشبان يبتعدون عن الصهيونية ويرتبطون بمنظمات غير يهودية. لذلك فإن التنازل عن السيطرة على المؤسسات اليهودية في أمريكا لصالح أقلية أرثوذوكسية لا يتناسب مع الديمقراطية الإسرائيلية.
ويعتقد بينارت أن اليهود الأمريكيين مطالبون بتطهير أنفسهم من خلال ربط أنفسهم بالهوية الأخلاقية لإسرائيل والدفاع عن هذه الهوية وليس الاستسلام لأفكار المتطرفين الذين يؤيدون الاحتلال.
وبغض النظر عن ردود الفعل المنتظرة على كتاب بينارت فالحقيقة أن الرجل يحمل مشاعر نبيلة ويوجه رسالة تستحق الإنصات.
* مجلة (الإيكونوميست) البريطانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.