يبدو أنّ وزارة الصحة لا زال لديها إشكالية في وضع خططها في مجال المستشفيات، رغم حديث مسئوليها المتكرر عن الخطط المتقنّة والطموحة. إحدى الإشكاليات تبدأ بتحديد حجم المستشفيات المطلوب بكل منطقة، حيث لا زالت تفتقد الآلية العلمية الواضحة في تحديد حجم المستشفيات بناءً على الكثافة السكانية وبناءً على خبراتها الذاتية. ففي مجال خبرتها الذاتية نجد وزارة الصحة سعت إلى رفع عدد الأسرة في غالبية مستشفياتها، بل وبالغت في بعض الحالات (أنظر مقالاتي حول حجم المستشفيات بتاريخ 8 يناير وتاريخ 11 يناير 2012م). التغيير أو تحديداً زيادة عدد الأسرة نلحظه في مستشفيات لم تكتمل ويتم استخدامه كمبرر لعدم إنجاز بعض المشاريع في وقتها، فها هو مدير الشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية يبرر عدم اكتمال مستشفى الخبر والذي بدأ العمل به منذ أكثر من خمس سنوات، بسبب تغيير مواصفاته وزيادة عدد أسرّته من 200 إلى 400 سرير. بالمناسبة سبق أن كتبت حول عدم منطقية وضع مستشفى سعته 200 سرير فقط بمحافظة الخبر عام 2006م، ويسعدني أن التفتت وزارة الصحة إلى ملاحظتي تلك فقامت بزيادة عدد الأسرّة. هذا العام أعلنت وزارة الصحة عن مشاريعها الجديدة ومنها إنشاء مستشفى الأمير سلطان بمدينة الرياض بسعة 500 سرير. لاحظوا أنّ الوزارة قامت وتقوم بزيادة عدد الأسرّة بمستشفياتها بالرياض، بما في ذلك أسرّة مدينة الملك سعود ومدينة الملك فهد الطبيتين ليتجاوز الألف بكل منهما، فلماذا لا يكون مستشفى الأمير سلطان 800 سرير منذ البداية، حتى لا تضطر إلى عملية الأبراج الإضافية التي أصبحت سمة لمستشفيات الصحة بكل المناطق؟ مثال آخر؛ أعلن عن مشروع مستشفى بمدينة الطائف (الحوية) بسعة 200 سرير فقط. مرةً أخرى هل هو مجد وضع مستشفى بهذا الحجم الصغير بمدينة ذات كثافة سكانية كالطائف (منطقة الحوية يسكنها أكثر من نصف مليون نسمه والمستشفى سيخدم جميع محافظة الطائف)، أم أنّ الأولى تأسيس مستشفى لا يقل عن 500 سرير. هل سنأتي بعد سنة لنقوم بتغيير المخططات ونزيد السعة ونؤخر إنجاز المشروع كما حدث في مستشفيات الخبر وبلجرشي وغيرها؟ بمناسبة الإعلان عن مشاريع المستشفيات الجديدة؛ أليس مستغرباً إعلان ميزانية إنشاء مستشفى لا توجد له أرض بعد؟ مثل مستشفى الحوية الذي أعلن مسئول الشؤون الصحية بالطائف بعدم توفر أرض يبنى عليها المستشفى؟ هل ستتكرر قصة المركز الصحي بعسير الذي اكتشف أنّ هناك وظائف معتمدة له، وهو لا يوجد في أرض الواقع؟ مستشفى الحوية المعلن عنه ليس الوحيد بدون أرض، لكننا نشير إليه لأنّ تصريح المسئول لإحدى الصحف موثق بشأنه! ألخص هنا بأنّ القطاعات الصحية لدينا لديها إشكالية تخطيطية كبرى في تقدير حجم الأسرّة المطلوب بكل منطقة، فتلجأ إلى الإضافات والتعديلات التي مهما كانت جودتها فإنها تخل بتوازن المستشفى وآلية تشغيله. كأنه لا يوجد مرجعية علمية أو لا يوجد لديها تجارب سابقة سلبية في هذا الشأن تتعلم منها، إضافة إلى وجود المشكلة التخطيطية هناك شبه تضليل على الناس حينما نبشر باعتماد مستشفيات بمناطقهم بينما، نحن لا نملك حتى الأراضي المناسبة لتلك المستشفيات، وكأننا نبيعهم الوهم في هذا الشأن.