في وقتها تلقيتُ دعوةً من أحد الأصدقاء القطريين، لحضور فعالية من فعاليات الأسبوع اللبناني في الدوحة، ضمن فعاليات وأنشطة الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010م، وقد أجبتُ هذه الدعوة وحضرتُ الفعالية بمعية سعادة وزير الثقافة والتراث القطري الدكتور حمد الكواري.. هذه الدورة تحمل شعاراً « الثقافة العربية وطناً.. والدوحة عاصمةً «، هذا الشعار يحمل في طياته عدة مضامين، ربما تعكس عمق الجانب الثقافي والأدبي العربي، وأنها ( أي الدول العربية) تشكل وطناً، ونظراً لوجود هذه الفعاليات في العاصمة القطرية الدوحة في هذه الدورة، وهذا العام 2010، ولأن الدوحة احتضنت هذه الفعالية بحماسٍ كبيرٍ أخذت الجزء الأخير من الشعار (والدوحة عاصمةً).. ما لفت نظري وأثار فضولي هو: ماذا تُعرب (وطناً) و(عاصمةً) وقد جاءتا ضمن مفردات الشعار لهذه الدورة..؟! وكوني أهتمُ بذلك وجهتُ حينها سؤالي لزوجتي كونها برفقتي، وأخذت تُعطي إجابات غير متأكدة منها، وفي حالة تشكك وغير مقنعة .! ما دعاني أن أتصل بصديقٍ يعمل محاضراً في جامعة جازان في السعودية ويحمل درجة الدكتوراة في هذا المجال فأجاب: (وطناً) تُعرب خبراً ل(كان) المحذوفة و (عاصمةً ) معطوفة عليها، وحسب قوله أن أصل الجملة : ( كانت الثقافة العربية وطناً.. والدوحة عاصمةً )، صراحة لم أقتنع من هذه الإجابة، الأمر الذي جعلني أتصل بأحد زملائي في المدرسة التي أعمل بها وهو من معلمي اللغة العربية، والذي قال : ربما ( وطناً ) تُعرب تميزاً ملحوظاً و(عاصمةً) معطوفة عليها.. وهو أيضاً غير متأكد من إجابته.! وكأنني شبه مطمئن ولكنني أحببتُ أن أصل إلى اطمئنان كامل فاتصلت بصديقٍ وأستاذ متقاعد ضليع في النحو والصرف من الإخوة الأردنيين وكأنه وافق قول زميلنا المعلم.. لكن الهواجس جعلتني أطلب من زميل آخر، والذي يحمل أبوه درجة الدكتوراة ويعمل محاضراً بجامعة الملك سعود بالعاصمة السعودية الرياض أن يسأل أباه، وجاء الرد من أبيه بعد تداوله مع أحد زملائه والذي يحملُ درجة علمية في النحو والصرف( أستاذ دكتور) بأن ( وطناً ) تُعرب حالاً و(عاصمة) معطوفة عليها، وليس خبراً ل(كان) ولا (تمييزا ملحوظاً).. هذه جملة واحدة قد أشغلتُ بها أساتذة يحملون درجات علمية عالية في الصرف والنحو، حيث تعددت الآراء وتباينت في إعرابها ومكنون فلسفتها.! من هنا لا غرابة إن أشكلنا نحن غير المتخصصين في النحو في بعض قواعد النحو والصرف، وها طبعا غير مبرر لنا..!! ومن هنا أيضا أتساءل: أليس هذا مدعاة للتأمل في عمق وعظمة اللغة العربية وأسرار علومها..؟!! وأخيراً تبقى الثقافة هي الوطن والوطن هو العاصمة.