أصابت سلسلة جرائم القتل الأخيرة في جنوبفرنسا الفرنسيين بالصدمة ولكنها أيضاً اختطفت سباق الرئاسة الفرنسية قبل شهر واحد تقريبا من إجراء الانتخابات. فمع قيام القاتل بإطلاق النار على مدرسة يهودية في مدينة تولوز الفرنسية ليقتل 3 أطفال وسيدة ثم يتم الكشف عن قيامه بقتل عدد من الجنود الفرنسيين من أصول عربية وكاريبية. هذه الجريمة ليست جريمة قتل عادية وإنما قتل بدم بارد تم التخطيط لها بشكل جيد لتستهدف مجموعات عرقية أقلية في فرنسا هم العرب واليهود والسود. وقد تم تقريبا تعليق الحملة الانتخابية ولكن الحقيقة أنها تكاد تكون مستمرة وراء الستار حيث كان هاجس كل مرشح هو «كيف أتجنب ارتكاب أي أخطاء يمكن أن تؤثر علي يوم التصويت؟».خلال الفترة التي سبقت الكشف عن هوية القاتل كان السؤال الذي يشغل جميع المرشحين وبخاصة ماريان لوبان هو إلى أي مدى أدت هذه الهجمات على أبناء أقليات إلى اضطراب الحملة الانتخابية المضطربة بالفعل؟ الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي يواجه حالياً اتهامات بالتقارب مع أفكار ماري لوبان وجبهتها اليمينية المتطرفة إلى الدرجة التي دفعت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية إلى إطلاق اسم «نيكولاس لوبان» على الرئيس الفرنسي في إحدى افتتاحياتها. وفي أول يوم للمأساة قال مرشح الوسط بايرو إن مناخ الكراهية ضد الأجانب والمهاجرين وأبنائهم أحد أسباب عمليات القتل التي استهدفتهم. وعلى الرغم من أنه لم يصل إلى درجة اتهام الرئيس الفرنسي مباشرة بالتورط في نشر مناخ الكراهية فإنه قال إن الرئيس تجاهل تماما الظروف التي سمحت بمثل هذا الحادث. ولكن هذه التصريحات يمكن أن تصبح ضده بعد أن تأكد أن القاتل غير مرتبط بجماعات النازيين الجدد والجماعات اليمينية المتطرفة. في المقابل فإنه بعد أن تم الكشف أن القاتل ليس من المتأثرين بالأفكار المناهضة للأجانب فإن الرئيس ساركوزي يمكن أن يتأذى من الموقف استنادا إلى تصريحاته السابقة وتصريحات وزير داخليته وحليفه القوي كلود جو الذي قال إن «كل الحضارات لا تتساوى في القيم».ورغم ذلك فإن ساركوزي هو أفضل من استفاد من الحادث بين المرشحين حيث إنه أمر قوات الأمن بالتحرك الفوري ونظم احتفالات لتكريم الضحايا. كما أنه ذكر الشعب الفرنسي بدوره في إنهاء أزمة اختطاف رهائن في مدينة نويلي غرب باريس عندما كان شابا. والحقيقة أن الموقف بالنسبة لساركوزي يتوقف على طبيعة الأمور بعد انتهاء الأزمة وهل سيكون النقاش خاص بالأمن وما إذا كان ساركوزي أو منافسه الاشتراكي هو الأفضل لتحقيق الأمن؟ أو أن النقاش سيتركز على القيم وتماسك المجتمع الفرنسي حيث سيكون ساركوزي وتصريحاته ذات الصبغة العنصرية محل تهديد. * نائب رئيس تحرير صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية سابقاً (الجارديان) البريطانية