اللعبة السياسية التي تدار بها ثورة الشعب السوري، يشترك في سيناريوهاتها جميع الدول الكبرى وبنسب معينة، فالجميع مع الأسف يتلاقى في نقطة واحدة وهي بقاء نظام البطش في سوريا، قد تختلف تلك الدول الكبرى في التفاصيل وفي الوسائل المستخدمة، ولكنها تتفق في المحصلة النهائية وهي بقاء الأسد رئيسا لسوريا، حيث صدر بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بشكل متخاذل وخجول ولم يكن فيه أي إنصاف للشعب السوري الذي يتعرض للقتل يوميا.. قد يكون وزير الخارجية الروسي هو الوحيد الذي كشر عن أنيابه وتخلى عن أي لباقة دبلوماسية فصرح علنيا بأن (سقوط النظام الحالي في سوريا سوف يؤدي إلى قيام نظام سني في سوريا، وإن المسيحيين والأكراد والعلويين والدروز سوف يتعرضون للضرر من هذا التغيير) لقد تحرر لافروف من مبادئ واستراتيجيات العمل الدبلوماسي إلى العمل بمنهجية الطائفية البغيضة وهذا لا يليق بوزير خارجية محترم!! هل يشكل وزير الخارجية الروسي الأب الروحي للشعب السوري الذي يهتم بمصالح الشعب أكثر من أنفسهم؟ أم أنه يمثل المحامي الأكبر لذلك الطاغوت الأسد الذي انتهج القتل والسحل للثورة السورية الحرة؟ وإذا تجاوزنا لافروف مؤقتا وعرجنا على الولاياتالمتحدةالأمريكية، تلك الحكومة القوية والمؤثرة في مجريات الأمور على مستوى العالم، هل يعجزها أن تتخذ قرارا أحاديا لحماية الشعب السوري على غرار قراراها الأحادي للتدخل في العراق؟! أم أن حجم المصالح هو المعيار المحرك لتلك القرارات؟ هل يعجزها أن تتبنى قرارا شبيها بقرار التدخل في ليبيا؟ إنها لغة المصالح التي تحرك القوة المتفردة بالقرار، فمتى ما كانت عازمة ومصممة أقدمت على العمل بالوسيلة التي تراها وتفرضها على الآخرين دون الالتفات إلى إرادة الدول أو الشعوب، ومتى ما كانت متململة وغير جادة أوعزت ذلك إلى ضرورة الالتزام بتلبية رغبات الإرادة الدولية بالإجماع، وهذا ما يحصل تجاه الثورة السورية، بل لن أكون مبالغا لو قلت أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدعم بشار الأسد من تحت الطاولة لكونه الوحيد في -نظرهم- الذي سيحقق الأمن والاستقرار لإسرائيل، فقد يأتي غيره حاملا لواء تحرير الجولان وبالتالي يشكل قلقا وإزعاجا للربيبة إسرائيل! هذه نقطة، والنقطة الأخرى أنه لا يوجد في سوريا مصالح أمريكية استراتيجية تستدعي تدخل الدولة العظمى كما تدخلت في العراق وليبيا! هذه هي الحقيقة التي لابد أن تعرف الولاياتالمتحدةالأمريكية أن العرب يدركونها ويفهمونها، بقي القول، بأن الأمل في الله سبحانه وتعالى ثم في قوة وعزيمة وإصرار الشعب السوري الأبي، على مواصلة ثورته المباركة ورفع شعارها بتغيير نظام الأسد الدموي ليحل محله نظام وطني ديموقراطي يحقق لسوريا العدل والحرية، بعيدا عن النظرة الطائفية التي صرح بها لافروف، والتي لا تخدم إلا الأسد وزبانيته ممن تلوثت أياديهم بدماء الشعب السوري.