من الصعب جداً أن تشعر بفقد عزيز أو قريب، ولكن الأمر لا يقل صعوبة عندما تفقد من عرفته في موقف الكرام، ولم تلمس طيلة معرفتك به إلا مواقف تستحضر النخوة والشهامة، وتجمع طيبة القلب إلى حسن الخلق، تجالسه دقائق، فتشعر وكأنك تعرفه منذ سنوات. المغفورله بإذن الله الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الفهد السعيد، هو هذا النموذج الإنساني الراقي الذي بنى عماداً في اقتصاد الوطن، ومنارات كثيرة في الفضاء الاجتماعي والإنساني، حتى أصبح وجهة لمن يريد أن يتعرّف على وجه سعودي أشرق بالتواضع، وتجمّل بالابتسامة الراضية، ورحل مؤمناً بما في كلمة الإيمان من معنى. لقد كان المرحوم ينظر إلى دوره في مجتمعه ووطنه نظرة شمولية، دفعته ليأخذ دور المواطنة الصالحة، وكرّس بأخلاقياته رسالة إنسانية تقوم على مفهوم الأخوة للجميع، والإحساس بهمومهم، وصارت قضايا الناس جزءاً لا يتجزأ من مسؤوليته، فقدم بيمناه ما لم تعلمه شماله، وكانت ثقافة التيسير سياسته، واحترام الآخر فكره، وبشاشته دائماً الصورة الأخيرة التي تحفظها ذاكرة كل من عرفه أو تشرّف بزيارته. إننا شهود الله في أرضه، وشهادة الحق تقتضي أن أقول وأسطر ما عرفته عن هذا الراحل الكريم الذي لامست سجاياه الكريمة في مواقف عدة، فضلاً عمّا سمعت وعرفت، ومن يقلّب صفحات حياة هذا الراحل، يعي أنه ترك مكاناً يستحق التدوين في تاريخ رجالات الوطن، فضلاً عن مساحة التقدير التي تركها في نفوس من عرفوه. الرحمة هي دعاؤنا، مع تضرعنا للعلي القدير أن يسكنه فسيح جناته، في عليين، إنه سميع مجيب. أ.د. محمد بن حمود الطريقي