يبدأ فن الزواج عند المرأة بأن تتعرَّف على طبائع ذلك الرجل الذي سيكون زوجاً لها، وتتفهم أغراضه ومراميه الجسمية والنفسية. إن الزوجة التي تريد الخير بنفسها ينبغي أن تدرك لأول وهلة أن أنانية زوجها طبعية لا يمكن مقاومتها، إذ تراها تتجلَّى في كل عمل من أعماله اليومية، ولا يحسن بها أن تسيء الظن به، إذ يتحوّل عن مداعبتها بعض التحوّل، بينما هي في شوق إليه، فقد تشغله شؤون الحياة فتضطره إلى الركون وإلى السكون. بل قد يصيب عواطفه بعض الفتور من جراء أعماله والاشتغال بها، ولقد كان هذا الفتور في الرجل موضع دهشة المرأة وتفكيرها، على أنه كثيراً ما يكون مبعث هذا الجمود اشتغال الرجل بابتكار مشاريع خاصة بالعيش والبحث فيها وهموم العيش تدق أعناق الرجال وتسترقهم. وحسنٌ بالمرأة أن تعرف في الرجل مواطن ضعفه، ومواطن قوته، وأن تسعى في إثارة عواطفه الحبِّية الكامنة والعمل على إيقاظها بما عندها من قوة هي في نفسها راكزة، بل هي متأصلة فيها منذ حياتها الأولى، فتعمل بجهدها على أن تجرّ زوجها جراً إلى ميدان الحب وتكرر هذا العمل، فتراه ينقاد إليها. ففي قلب الرجل ناحية تظل ملتهبة، تحنو إلى الحب وتحن إليه أبداً حتى في الهرم. وفي ظل الزيجة السعيدة يرى كل من الرجل في المرأة والمرأة في الرجل، فضائل وحسنات تتجدّد في طوال السنين، بل إنهما يريان في كل يوم فضيلة جديدة وحسنة جديدة، وبذا تظل حياتهما سعيدة، بل يرى كل منهما في الآخر حياة بريئة ليس فيها عيوب البتة. إن المرأة في ذاتها سلوان الرجل منا، ففي طفولتنا نلتجئ إليها فتحنو علينا وتحن إلينا، وإذ ذاك نسترشد برشدها ونهتدي بهديها، وفي رجولتنا نسعى إليها فنستظل بعطفها ونستعين بها ونأتنس إليها، فقد وهبها الله عاطفة السلوان. وكثيراً ما يسقط الرجال في ميدان الحياة مكلومي الأفئدة فيسعون إلى من يضمد جراحهم ويقوّي عزيمتهم فلا يجدون ذلك إلا عند المرأة، إذ تأخذ بأيديهم وتضمهم إلى صدرها وتمسح عن خدودهم دموعهم. وها هو العلاّمة (لبلاس) يقرّر أن علمه الذي جمعه في أساطيره، لا يساوي قطرة من محيط حب المرأة.