الأكزيما الوراثية هو مرض جلدى عبارة عن التهاب مزمن وغير معد يسبب الحكة، كما أن هناك عوامل وراثية تسبب هذا المرض وهو يعد من أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً في العالم الحديث، حيث يصيب 15 % من الأطفال و10 % من البالغين. وهو إحدى الحالات التأتبية بالإضافة إلى الربو وحساسية الأنف وحساسية العين, وقد وجد ارتفاع في عدد الحالات المسجلة لهذا المرض في السنوات الأخيرة، وقد يعزى ذلك إلى ازدياد نسبة الملوثات في البيئة وكذلك ازدياد الوعي بأعراض المرض لدى أولياء الأمور وأيضاً ارتفاع قدرة الأطباء على تشخيص المرض. أسباب المرض على الرغم من التقدم الهائل في وسائل البحث العلمي والتشخيص المعملي إلا أن السبب الرئيسي والحقيقي لهذا المرض لا يزال غير معلوم إلا أن هناك بعض العوامل التي وجد أن لها تأثيراً على ذلك المرض، وأول هذه العوامل هو العامل الوراثي، فقد اكتشفت بعض الجينات التي وجد أن لها علاقة بالمرض وأيضاً وجد بعض الخلل في الجهاز المناعي لبعض المرضى المصابين بهذا المرض؛ فقد وجد زيادة في الأجسام المضادة نوعية E ووجد زيادة في الخلايا الليمفاوية المساعدة نوع (2) عند بداية الإصابة ومع مرور الوقت يزداد كلا النوعين (1، 2). كما وجد بعض الاختلاف في البروتينات العصبية في هؤلاء المرضى عن الأشخاص الأصحاء وأيضاً وجد دور لمادة الهيستامين بالجلد علاوة على العوامل البيئية والتي من أهمها الجفاف والأتربة والملوثات وأيضاً حشرة التراب المنزلي وبعض الأنواع من الجراثيم. وبدراسة التركيب التشريحي للجلد وجد أن هؤلاء المصابين بذلك المرض لديهم نقص في مادة السيراميد بالجلد وهي مادة موجودة في الطبقة القرنية من الجلد وتعمل على منع تبخّر الماء من الجلد وهذا ما يفسر جفاف الجلد لدى هؤلاء المرضى كما يؤدى الى تصدع في الجدار العازل المحيط بالجلد والذي يحمية من العديد من المؤثرات البيئية الضارة. تشخيص المرض الحساسية البنيوية ليس لها شكل مرضي خاص بها ومحدد، كما أن ليس لها تجربة معملية معينة لتشخيصها فهي عبارة عن مجموعة من الأعراض التي تظهر على الجلد وتكون مصاحبة لتاريخ مرضي معين، وقد عقد العديد من علماء الأمراض الجلدية في العالم العديد من المؤتمرات ونشرت العديد من الأبحاث العلمية لوضع أسس لتشخيص هذا المرض وأخيراً تم الاتفاق بين غالبية علماء العالم على وضع المعايير التشخيصية للأكزيمة التأتبية: - حالة جلدية حاكة أو تاريخ حك أو فرك للجلد لدى الطفل. - تاريخ حكة في ثنيات الجلد، مثل ثنيات المرفقين أو خلف الركبتين، أو أمام الكعبين أو حول الرقبة (أو الخدين في الأطفال تحت سن 4 سنوات). - تاريخ ربو أو حساسية الأنف أو تاريخ مرض تأتبي في الأقارب من الدرجة الأولى بالنسبة للأطفال تحت سن 4 سنوات. - حالة جفاف عامة بالجلد خلال السنة الماضية. - أكزيمة مرئية بمناطق الثنيات أو أكزيمة تصيب الخدين أو الجبهة والسطح الخارجي للأطراف في الأطفال تحت سن 4 سنوات. وهذا المرض ممكن أن يصيب أي عمر من الأعمار ويسبب حكة شديدة ويبدأ عادة بعمر 2-6 شهور في أغلب الحالات. أنواع المرض ويمكن تقسيم المرض إلى حساسية بنيوية عند الرضع وحساسية بنيوية عند الأطفال وحساسية بنيوية عند البالغين، وتختلف أعراض المرض طبقاً للعمر، فالحساسية البنيوية عند الرضّع تبدأ الإكزيما عادةً على الوجه ولكن يمكن أن تصيب مناطق أخرى كالرأس، وأكثر الأماكن إصابة في الوجه هي الخدان والفروة والجبهة وتقف عادة عند مركز الوجه وتتصف بالحمامي مع حطاطات وحويصلات مع حكة شديدة تجعل الرضيع في حالة هياج وبكاء مستمر وحك وجهه عن طريق اليد وربما يخرج من الجروح بعض السوائل، وعندما يبدأ الطفل بالزحف يمكن أن تُصاب الركبتان والكوعان وكذلك المناطق الخارجية من الرجل. ويتأرجح المرض بين الظهور والاختفاء ويتميّز الجلد بشدة جفافه والشعور بحكة مستمرة قد تعوق نوم الأطفال ويشفى نحو نصف الحالات تقريباً بحلول السنتين وبعضها يدخل مرحلة الحساسية البنيوية عند الأطفال. الحساسية البنيوية عند الأطفال قد يبدأ الالتهاب في هذه السن أو يكون استمراراً للإصابة عند الرضع، وفي هذه المرحلة تكون أكثر الأماكن تعرضاً للإصابة هي ثنايا الجلد عند المرافق وخلف الركبتين والرقبة والمعصمين والقدمين وفي هذه المرحلة تتأرجح الالتهابات من حادة مع نزف وتقيحات والتهابات ثانوية أو ظهور جفاف للجلد وتستمر الحكة الشديدة خاصةً مع جفاف الجو في فصل الشتاء. الحساسية البنيوية عند البالغين أيضاً قد يبدأ المرض عند البلوغ أو يستمر من مرحلة الطفولة، وتتميّز الأعراض الجلدية في هذه المرحلة بجفاف الجلد وتحزّزه وازدياد سمكه في بعض المناطق المصابة ويمكن أن يصيب الأطراف العليا أو السفلى أو البطن أو أي مكان آخر بالجسم وتستمر الحكة الشديدة أيضاً في هذه المرحلة. العلاج تعليمات مهمة لأولياء الأمور 1 - وجود الطفل في بيئة رطبة قدر الإمكان، إما باستعمال جهاز humidifier مع التكييفات أو بوضع إناء من الماء تحت التكييف كما ينصح بالابتعاد عن درجات الحرارة الشديدة الارتفاع أو شديدة الانخفاض والمحافظة على التهوية الجيدة بالمنزل. 2 - يفضّل التخلّص من السجاد أو الموكيت بالمنزل نظراً لأن حشرة التراب المنزلي وهي أحد مسببات المرض تسكن هذه الأماكن وإن لم يتيسر ذلك فينبغي تنظيفها يومياً بالمكنسة الكهربائية وكذلك ينبغي غسل فلتر المكيفات باستمرار و إزالة الغبار باستخدام قطعة قماش مبلّلة. 3 - ارتداء الملابس القطنية والابتعاد عن الأصواف والألياف الصناعية. 4 - على الآباء أن يعلموا أن هؤلاء الأطفال لهم تركيبة نفسية ومزاجية خاصة تجعلهم سريعي الغضب والانفعال وقد يميل بعضهم للانطواء وعادة ما تكون نسبة ذكائهم مرتفعة وبعض من هؤلاء أصبحوا قادة لبلادهم في مستقبل الأيام. 5 - عدم استخدام الماء الساخن أو البارد عند الاستحمام ويفضّل استعمال الماء الفاتر المماثل لحرارة دمعة العين واستعمال الصابون المرطب والمنظفات المرطبة للبشرة دون غيرها. كما ينصح بالاستحمام بطريقة الغمر وليس الدوش بحيث يجلس المريض في البانيو بالحمام فترة تسمح للماء أن يتخلل جلده. 6 - يوصى بوضع مرطب للجلد بأكمله قبل الخروج من الحمام بحيث يحفظ الماء ويختفي جفاف الجلد الذي يسبب الحكة. هذه الطريقة الطبيعية البسيطة تمكّن الكثير من المرضى من التخلّص من مشكلة الحساسية الوراثية الأساسية وهي الحكة. 7 - قص أظافر الطفل جيداً حتى لا يؤذي الجلد عند الاحتكاك. 8 - إن لشعر الحيوانات دوراً مفاقماً ويفضل إبعاد الحيوانات ذات الفراء عن غرفة نوم الطفل. أساليب علاجية تقليدية أولاً: المرطبات - تتعدّد أنواعها بالصيدليات، وتعد المرطبات الجلدية هي خط العلاج الأول والرئيسي لعلاج هذه الحالات فهي تزيل جفاف الجلد وتضفي على الجلد نعومة ورطوبة تخلصه من الاحتكاك، وقد وجد حديثاً أن لها تأثيراً مضاداً للالتهابات ويوصى باستعمال المرطبات المحتوية على مادة السيراميد وهي مادة طبيعية موجودة بالطبقة القرنية بالجلد واستخدامها يعوّض التصدع في الجدار العازل المحيط بالجلد. ثانياً: الكورتيزون الموضعي: ما زال الكورتيزون الموضعي في صدارة العلاجات لذلك المرض ويرجع ذلك لقدرته الفائقة والسريعة على زوال أعراض المرض والحكة الناجمة عنه إلا أن أعراضه الجانبية دفعت العديد من الشركات الخاصة بالأدوية إلى تحسين خواصه والتحكم في شدته لتقليل آثاره الجانبية قدر الإمكان. وينصح باستعمالة بعد المرطب بحوالي نصف الساعة. ثالثاً: مضادات الهيستامين: اختلف العلماء حول دور الهيستامين في إحداث المرض ولكن اتفقوا على الدور العلاجي لمضادات الهيستامين خاصة تلك المسببة للنعاس في تهدئة المرض وتقليل الحكة لديهم. أساليب علاجية حديثة 1 - مثبطات الكالسيونيورين: ويوجد منه نوعان من الكريمات حتى الآن وتتميّز هذه المثبطات بأنها تضاد التغيّرات المناعية التي تحدث هذا المرض دون سواها في الجهاز المناعي، وأيضاً تتلافى الكثير من الأعراض الجانبية للكورتيزون وقد صرحت بتداولها منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) ولكنها أثارت حولها بعض التساؤلات عن مدى سلامتها دون أن تطالب بمنعها. وهناك العديد من الدراسات الحديثة التي تنصح باستعمال كل من الكورتيزون ومثبطات الكالسيونيورين للسيطرة على المرض ثم الاستمرار بمثبطات الكالسيونيورين لبعض الوقت. 2 - العلاج الضوئي: وهو يستخدم منذ فترة طويلة بواسطة الأشعة فوق البنفسجية من نوع A أو نوع B والجديد الآن هو توافر أجهزة تحمل النوعين معاً وتثبت فاعليتها العالية أكثر من الأجهزة التي تعمل على نوع واحد من الأشعة فوق البنفسجية. د. هشام عزام - دكتوراه الأمراض الجلدية والليزر والتجميل - إستشاري بمستشفى أدمة