تكدس المعلمات وتزاحمهن داخل فناء وممرات مركز صحي مدائن الفهد بجدة يوم الأربعاء السابع من ربيع الآخر، يذكرني بتكدس المتسوقين في افتتاح أحد الأسواق الشهيرة بجدة قبل بضع سنوات، والذي راح ضحيته عدد من الوفيات والإصابات بسبب دعاية سلبية وغير موفقة عملها السوق آنذاك تنص على منح خصم على مشتريات السوق لأول 500 متسوق!! مركز صحي مدائن الفهد بجدة ليس سوقا تجاريا يهدف للربح وإنما مركز حكومي خدمي ضمن المنظومة الصحية التي تقدمها وزارة الصحة، ومع ذلك حدث فيه مثل ما حدث في ذلك السوق، بسبب غياب التنسيق وسوء التنظيم، حيث تحول المركز إلى ما يشبه مرمى الجمرات في أول أيام التشريق، لقد أصابه الشلل وعمت أرجاءه الفوضى والارتباك والتزاحم الذي أدى إلى حالات إغماء وإصابات واختناقات كادت تحدث كارثة للمعلمات لولا لطف الله، وذلك عندما تفاجأ المركز بآلاف المعلمات المشمولات بالأمر الملكي الخاص بتثبيت البديلات والمتعاقدات، واللاتي قدمن من جدة ورابغ والليث من أجل إجراء الكشف الطبي الخاص بإكمال مسوغات التعيين، ومما (زاد الطين بلة) انقطاع التيار الكهربائي بالمركز في ذات الوقت.. ومشكلة هؤلاء المعلمات تتحملها ثلاث وزارات معنية بالأمر، هي وزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة، فلكل من هذه الوزارات طرف أو مسؤولية حيال المشكلة.. مشكلتنا الأزلية في جميع أمورنا -وليس في هذه القضية فقط- غياب التنسيق، فلو كان هناك تنسيق منظم بين الوزارات الثلاث لما حدثت المشكلة، فليس من المقبول والمعقول أن تحدد فترة زمنية معينة لإجراء الكشف الطبي لجميع المعلمات، فبعضهن تنتظر الوظيفة منذ عدة سنوات وبالتالي فلا يضيرها أن تضيف إلى تلك السنوات العجاف شهرا أو شهرين من أجل أن تستكمل إجراءات تعيينها بيسر وسهولة هذا أولاً، وثانياً ليس من المقبول والمعقول أيضا أن تحول جميع معلمات مدينة جدة ومحافظاتها وهجرها وقراها إلى مركز واحد فقط!! فمهما بلغت إمكانات ذلك المركز لن يستطيع الإيفاء بإجراءات الكشف الطبي لهذا العدد الهائل من المعلمات!! ما المشكلة لو تم الفحص في أي مستشفى أو مركز حكومي في جميع أرجاء جدة وتوابعها؟؟ قد يتم نشر مقالي هذا بعد أن تحل المشكلة وبعد أن يتم فسح المجال لتوزيع مواقع الفحص على أكثر من مستشفى أو مركز، وهنا أقول لماذا نتعامل دائما مع الأحداث بعد وقوع المشاكل وليس قبلها؟ بمعنى آخر، لماذا نعمل دائما كردة فعل ونترك الفعل ذاته؟! لماذا لا نفكر وننسق ونخطط لكيفية تنفيذ الأعمال قبل أن نتخذ القرارات السريعة وغير المدروسة؟؟ هل علينا دائما أن نفشل ثم نصحح أخطاءنا؟؟ أنا متأكد أن وزاراتنا الثلاث فيها من الكفاءات الوطنية ما يجعلنا نفخر بهم ونعتز بعلمهم وخبراتهم !! ومع ذلك حدث ما حدث للمعلمات جراء عدم التنسيق وسوء التنظيم، ولاشك أن ما حدث لمعلمات جدة قد يكون حدث مثله لكل المعلمات في جميع مناطق المملكة، لأن الموضوع واحد والقرار المتسرع واحد وغياب التنسيق هو شعار المشكلة.