إن علاقة الإنسان بالألبان وماشية اللبن علاقة أزلية كمصدر غذائي مهم، ومع تطور الحضارات والعلوم تطورت هذه العلاقة وعرف الإنسان كيفية الاستفادة القصوى من القدرات الوراثية لماشية اللبن وتحسين إنتاجها كماً ونوعاً، كما طور الإنسان طرق تصنيع وحفظ وتداول الألبان ومشتقاتها واهتم بها كأحد المصادر المهمة للأمن الغذائي. تعتبر مشاريع الألبان الطازجة المتخصصة في المملكة أحد أهم المشاريع الاستثمارية في القطاع الزراعي التي شهدت تطوراً كبيراً وسريعاً، وكان ذلك نتيجة للسياسات الزراعية التي طبقتها الدولة، والاستثمارات الضخمة التي قدمها القطاع الخاص، التي أسهمت في قيام هذه المشروعات على مستويات عالمية عالية إنتاجاً وتقنية وإدارة. بدأت مشاريع الألبان في المملكة في أواخر السبعينيات بمتوسط إنتاج 4500 لتر- السنة للبقرة الواحدة، ليتجاوز حالياً إنتاجها 9500 لتر- السنة للبقرة، نافست بها إنتاجاً وجودة الدول المتقدمة وذات الخبرة العالية في هذا المجال. كانت توقعات بعض الدراسات عام 2006م أن يصل إنتاج المملكة من الحليب الطازج إلى 1.300.000 طن عام 2010م، ولكن الإنتاج الفعلي زاد على ذلك ووصل إلى أكثر من 1.530.00 طن؛ أي بمعدل إنتاج يومي يزيد على 4.2 مليون لتر من حوالي 25 مزرعة متخصصة، وإجمالي قطيع يقدر بنحو 322.000 رأس، منها 160 ألف حلوب وبنمو سنوي يقدر بنحو 4%. صناعة الألبان في المملكة لها مساهمة واضحة في الناتج الزراعي المحلي حيث إن التقديرات تشير إلى أنها تزيد على 14% من الناتج الزراعي المحلي لعام 2010م، وهذا النمو والتطور السريع في مجال صناعة الألبان شجع أكبر شركة ألبان عالمية للدخول والاستثمار في صناعة الألبان في المملكة، وذلك بالمشاركة مع إحدى شركات الألبان الكبيرة. لم تقف مشاريع الألبان عند المنتجات التقليدية، بل تجاوزت ذلك بإنتاج أصناف كثيرة من مشتقات الألبان ذات القيمة المضافة، ونظراً للجودة التي تميزت بها منتجات الألبان السعودية أصبح عليها طلب من الدول المجاورة حتى أصبحت هي المقياس للجودة لدى المستهلك في تلك الدول ولله الحمد. للمحافظة على مكتسبات هذه الصناعة والرقي بها، قام منتجو الألبان الطازجة بتأسيس اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان الطازجة في مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية بهدف تبادل الخبرات الفنية والعمل مع الجهات المختصة في برامج تطوير ووقاية الإنتاج الحيواني مثل برنامج مكافحة مرض الحمى القلاعية بمحافظة الخرج، بالإضافة إلى المساهمة في برامج خدمة المجتمع من خلال المشاركة مع بعض الجهات الحكومية في حملات التوعية الصحية والغذائية والقيام بحملات إعلامية توعوية للمجتمع، علاوة على المشاركات الفردية لبعض المشاريع في برامج اجتماعية وبيئية. لقد تركزت أهم مشاريع الألبان في منطقة الخرج، وتشير تقديرات اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان الطازجة إلى أن أكثر من 65% من إجمالي إنتاج المشاريع المتخصصة كان من منطقة الخرج، ولهذا فإنه من البديهي أن تقام مهرجانات الحليب في منطقة الخرج لما تتمتع به هذه المنطقة من ميزة في إنتاج الألبان الطازجة، ليس على مستوى المملكة فحسب بل على مستوى دول الخليج إن لم يكن الشرق الأوسط، ويأتي مهرجان الخرج للحليب هذا العام بنسخته الثانية ليؤكد أهمية هذه المحافظة في المساهمة في الأمن الغذائي.