كوكبة من اللاعبين المهرة يقدّمهم الهلال هذا الموسم على طبق من ذهب هدية للكرة السعودية بما يعني أن الكرة السعودية «ولاَّدة» وأن منجم المواهب ما زال يحفل بالعديد والمزيد من المبدعين، فقط ما على اللاعبين أنفسهم وما على أنديتهم إلا أن ترعاهم وتحافظ عليهم ليتم ترسيخ أقدامهم سواء في الهلال أو في المنتخب على نحو متصاعد ومتدرّج، لقد شاهدنا الظهير الجريء سلطان البيشي وكيف يتحوّل من خانة الظهير المدافع إلى خانة الجناح الذي يجندل المدافعين ويضع الكرة أمام المهاجم وفي مواجهة المرمى، كما رأينا لاعبي المحور حسام الحارثي ومحمد القرني وكيف أنهما البديلان الراكزان لخالد عزيز الذي قدّم كل ما لديه وذهب ليتقاعد في فريق قد يحتاج ما بقي لدى عزيز من جهد المقل وسيكونان أيضاً بديلين لعبد اللطيف الغنام الذي يشارف على الاعتزال وعليه فإنهما - حالياً- يقومان بدور الاحتياط الجاهز والجيد لعادل هرماش والغنام، أما اللاعب «القنبلة» فهو سالم الدوسري الذي فرض وجوده رغم صغر سنه وحداثة تجربته مع وجود يوسف العربي والكوري يو.. ولك أن تتخيّل لاعباً بعمر وتجربة سالم الدوسري يزاحم وبجدارة الأجانب الذين دفعت في سبيل جلبهم ملايين اليوروات. وقبل سلطان البيشي وشافي الدوسري والحارثي والقرني وسالم الدوسري وسلمان الفرج كان الهلال قد قدّم قبل ثلاثة مواسم أو أقل الموهوب عبد العزيز الدوسري والفنان نواف العابد، وللمعلومية فإن عبد العزيز الدوسري أو نواف العابد -رغم عمرهما القصير في الملاعب - إلا أن وجودهما في فريق بطل قد مكّنهما من صعود المنصات بما لم يتحقق للاعبين عواجيز أمضوا سنوات عديدة في فرقهم.. فما بالك بسالم الدوسري الذي لم يتعد تمثيله لفريق الهلال الأول عدد أصابع اليد الواحدة ومع ذلك فقد صعد المنصة وتوشح الذهب وفاز بالبطولة. الهلال لا يأتي بجديد في هذا النهج الذي هو أسلوبه منذ عقود على نحو ضمن له الاستمرار في البطولة والفوز.. وضمن له بالتالي تدفق الموهوبين للتسجيل في الهلال لأن النشء صار في معظمه هلالي الهوى ومن الطبيعي أن النفس البشرية نزاعة وميالة للمكسب والانتصار والهلال فريق كساب وفواز ومن هنا فقد ضمن لمسيرته الاستمرار وعدم النضوب أو الاتكاء على مواهب عاجزة أو عصر اللاعب حتى آخر قطرة من جسده وآخر جهد في عضلاته.. في الهلال يعتزل اللاعب قبل أن يشيخ، يعتزل وهو في سن الشباب قادر على العطاء لكنه يعتزل وهو يشعر بإشباع وامتلاء مادي ومعنوي من حيث عدد مرات الفوز أو من حيث حجم الجماهيرية أو حجم رصيده البطولي أو حتى مكاسبه المالية، ومن هنا فلا غرابة أن يرحل الفارس الهلالي قبل أن يتم ترحيله. يودع الملعب مكرهاً قبل أن يعزله الملعب ويودع الجمهور قبل أن ينعاه المدرج، يرحل بكرامته وعزته ومحبته في حفل حاشد وحضور نوعي وكمي فتبقى ذكراه عاطرة ويبقى سجله زاهياً ومتخماً بالمجد والألق.. ذكر فقط النعيمة وفهد المصيبيح ويوسف الثنيان ونواف التمياط وسامي الجابر ومحمد الدعيع.. والقائمة تطول وتطول لكنها لا تنتهي لأن الهلال مجد مستمر وعظمة لا تكل.. ومسيرة لا تتوقف.. ورحم ينضح بالإنجاب.