يقال: « أنت ما تأكل»، و»ليس معدتك تمرضك بما تأكل» ولكنك تمرضها بما تؤكلها... هذه مقولات تتوقّع سماعها من أخصائي التغذية.. غير أن التغذية ليست للجسد فلا ينبغي أن تؤكله ما يمرضه، ولا أن تُمرضه بما تشتهيه... فالتغذية للروح، وللنفس، وللعقل، وللوجدان أبعد تأثيراً في صحة حياتك كاملة..., وفي استقامة سيرورتك وافية... أنت صحيح بما تغذّي به فكرك.. وبهي بما تغذّي به روحك... وسليم بما تطعم به وجدانك.. وهانئ بما تسقي به نفسك.. ولأن كل فرد يحسب كفاية غيره فيما يمليه عليهم من قناعاته، بمثل ما يفعل مع ذاته... بممتلكاته من أغذية الأفكار، والآراء، والقناعات، والاعتقادات، والاجتهادات،.. فإن أحداً لن يتوقف عن الهدر بما يقول، وعن توقع صحة، وسلامة، وبهاء، وهناءة كل من يسمع إليه.., وفي ظنه أن عليه الامتثال له.. كما يفعل هو مع نفسه.. تتفشى أمراض، وأمراض بفعل الإنسان ذاته.. يمشي وهو مكبل بالأمراض، طالما ليس له حس يقظ نحو الذي يفعل.. نفسه تمرضه بما يطعمها.. وجدانه يمرضه بما يغذيه به.. فكره يشقيه بما يمده به.. نفسه تتكبل ضمن دائرة ما يمدها به.. يتحدث ولا يسمع غير صوته.. يقول ولا يصدق غير قوله... يفعل ولا يقنع بغير ما يفعل.. والحقيقة هي أن ليس أخصائيو التغذية الجسدية وحدهم من يملك مقاييس العلاج.. إذ تقف حدودهم عند الذي يتناول صحة الجسد.. على أن الجسد لا يمرض إلا بما يقدّمه له صاحبه..! حتى في هذا.. وعليه، فالإنسان ذاته عليه أن ينخرط في مدارس كثيرة..., يزج فيها نفسه طالباً التعلّم، ومن ثم الاختصاص في تغذية الروح، والعقل، والوجدان... ليحسن قياس نسبة أمراضه، ومن ثم اختيار برنامج علاجها، غذاء ودواء.. تلك الذات التي لا تمرض دون أن يكون هو من يمرضها.. فجهله بمعايير وأنواع غذاء أجزائها كلها، يرديه لمهلكة الأسقام..! ويقصيه فلا يسمع إلا أنينها..