تُعدّ البواسير من الحالات المَرَضية الشائعة، التي تؤدي إلى الإصابة بتضخم في أوردة المستقيم، وغالباً ما تظهر في شكل تورمات بفتحة الشرج ونزف مع البراز، وقد تتطور ويحدث لها هبوطٌ والتهابات وتخثرات. وقد تطورت التقنيات المتبعة في جراحات البواسير؛ حيث أصبحت تُجرى من دون نزف أو آلام تُذكر، وبنسب نجاح عالية، ودون الحاجة للإقامة السريرية. وللحديث عن هذا الموضوع التقينا كلاً من د. أكرم اللوباني، د. أيمن المغربي، د. حيان بسمار، د. محمد عاطف، د. نادر حسين ود. ناصر الخاطر. أهم الأعراض تتمثل أهم أعراض البواسير في ظهور الدم من فتحة الشرج، وإصابة البواسير بالتقرح، إضافة إلى الشعور بآلام. وتتراوح تلك الآلام بين البسيطة المحتملة إلى المبرحة غير المحتملة، وكذلك تورمات في فتحة الشرج تستمر لفترة طويلة بعد التبرز، ولا ترتد تلقائياً، ويضطر المريض لدفعها إلى داخل الشرج، ويمكن أن تؤدي إلى حكة. درجات مختلفة وتتعدد درجات ومراحل البواسير الداخلية بدءاً بالدرجات الأولى، وهي عبارة عن نزول دم فقط، والثانية يصاحبها نزول الدم وكتلة لحمية تختفي بعد الانتهاء من التبرز، أما الدرجة الثالثة فإن تلك الكتلة لا تعود إلا بيد المريض، في حين أن الدرجة الرابعة تبقى الكتلة خارج فتحة الشرج ولو حاول المريض إدخالها فإنها تخرج ثانية. والبواسير الخارجية سببها في العادة بروز وتدلي الأوردة التي في أسفل قناة الشرج، وهي تنقسم إلى مراحل عدة، تختلف باختلاف طبيعة تلك المرحلة. وعموماً فإن الآلية العامة لحدوث البواسير هي عرقلة لمسار الدم من هذه الأوردة، وتؤدي إلى تضخمها؛ وبالتالي إلى ظهورها على شكل انتفاخات، ويتم استئصالها جراحياً، ويُستعمل العلاج الموضعي فقط لتخفيف الأعراض إلى حين إجراء العملية. التشخيص يتم التشخيص بتحليل شكوى المريض وأعراض المرض والفحص السريري، ومنظار الشرج والمستقيم، ويتم بعد ذلك تحديد المضاعفات التي يعاني منها المريض كفقر الدم الناتج عن النزيف المستمر، والتهاب الشرج نتيجة للإفرازات المستمرة من البواسير المتضخمة، وكذلك تجلط الدم في البواسير. مراجعة الطبيب فور الشعور بالأعراض وعلاج البواسير يتم استناداً إلى الحالة نفسها، وذلك بالاعتماد على الوضع الذي يحضر به المريض إلى طبيبه. وكثير من المرضى يراجعون الطبيب بعد فترة طويلة من بداية الحالة، وهذا ليس صحيحاً؛ فنحن ننصح بضرورة مراجعة الطبيب الجراح المختص حال شعور المريض بالأعراض. المعالجة الدوائية للدرجات الخفيفة ويتلخص العلاج بإزالة أسباب ظهور البواسير، مثلاً معالجة الإمساك، وكذلك معالجة الحالات الالتهابية التي تتعرض لها المنطقة الشرجية، ويميل الأطباء إلى استخدام العلاج الدوائي قبل اللجوء إلى العلاج الجراحي؛ فربما يحتاج الطبيب إلى وصف بعض المراهم المخدرة لتخفيف آلام مريضه أو استخدام التحاميل لتخفيف الاحتقان في منطقة البواسير الداخلية. العلاج حسب الحالة تعالَج البواسير الداخلية من الدرجة الأولى باستعمال الأدوية المقبضة للأوعية الدموية. أما البواسير من الدرجة الثانية فتعالج مثل الدرجة الأولى، وقد تلجأ إلى وسائل أخرى مثل الحقن بمواد مجلطة أو استعمال الرباط المطاطي أو الأشعة تحت الحمراء، وكلها تسبب ضمور البواسير في كثير من الحالات، ولكن في بعض الحالات تحتاج إلى تدخل جراحي عند عدم الاستجابة أو حدوث مضاعفات. الجراحة أحد الخيارات المفضلة ويُعتبر التدخل الجراحي أحد الخيارات المفضلة للدرجات المتقدمة لعلاج مرض البواسير الشرجية، خاصة بعد تطور الطرق الجراحية واستعمال الأجهزة الحديثة لتقليل الألم ومشاكل ما بعد الجراحة، وتعطي نسبة عالية جداً من الشفاء. من دون نزيف أو جروح أحدث تقنية جراحية في هذا الإطار هي HAL-RAR-DOPPLER II لمعالجة البواسير الشرجية من دون ألم، التي تمكّن الطبيب من إجراء جراحات البواسير بدرجاتها كافة من دون أي نزف أو جرح أثناء وبعد العملية، وكذلك دون أن يشعر المريض بأي ألم يُذكر، وبنسب نجاح عالية. وتعتمد على الموجات فوق الصوتية، كما أن المريض لا يحتاج إلى مسكنات قوية بعد الجراحة، ويمكنه الخروج بعد 6 ساعات من إجراء العملية دون الحاجة للإقامة السريرية. والعملية تتم تحت التخدير، وهنا نؤكد على خبرة طاقم التخدير وصرامة أساليب التعقيم المتبعة في غرف العمليات؛ حيث إن لها دوراً مؤثراً في رفع نسب نجاح تلك العمليات. مقدار أقل من الألم يتم تحديد الشرايين والأنسجة المتدلية لربطها بدقة عن طريق هذا الجهاز، وتجرى عملية ربط للشرايين المغذية للبواسير بدون جرح كما هو المعتاد، ومقدار الألم بعد العملية أقل بكثير مما يحدث في العمليات الأخرى التقليدية، وليس له أية آثار جانبية تُذكر. دقة في التدخل الجراحي وتتضمن تلك التقنية شاشتَيْن لرؤية الشرايين المطلوب علاجها وتحديدها بدقة مكاناً وعمقاً، إضافة إلى تسجيل الأماكن التي يتم فيها عمليات الربط وطباعتها عن طريق طابعة موصلة بالجهاز لحفظها بملف المريض؛ حتى يمكن العودة اليها في أي وقت، كما أنها تتميز بقدرتها على منع دخول الدم الزائد للقناة الشرجية، إضافة إلى أن كمية الألم التي تعقب العملية لا يمكن مقارنتها بالذي يعقب جراحة البواسير بالطرق التقليدية. الدباسة أحد الحلول الناجحة وهناك تقنية أخرى لاستئصال البواسير باستخدام جهاز الدباسة PPH 01 الذي لا يؤدي إلى حدوث جروح عند فتحة الشرج؛ وبالتالي يحدث نسبة أقل من الألم؛ حيث يتم استخدام الدباسة بواسطة المنظار بإدخال الجهاز من فتحة الشرج، ويقوم باستئصال جزء دائري من بطانة قناة الشرج على بعد نحو أربعة سنتيمرات من فتحة الشرج، ثم يقوم بتدبيس طرفي الجرح الناتج من الاستئصال، وبذلك يتم قطع الأوعية الدموية التي توصل الدم للبواسير الشرجية وسحب البواسير والغشاء المبطن للشرج إلى الداخل؛ وبالتالي يختفي الترهل الحاصل حول فتحة الشرج والناتج من البواسير. مغادرة المستشفى في اليوم نفسه والدبابيس المستعملة في تلك التقنية صغيرة جداً، ولا يشعر بها المريض عادة، وتسقط إلى الخارج وحدها خلال بضعة أشهر بعد العملية، كما أن إجراء العملية بواسطة الدباسة يجعلها أقل ألماً في المنطقة التي يتم فيها القطع والتدبيس؛ لأنها خالية من الأعصاب؛ وبالتالي لا توجد آلام شديدة بعد العملية. كما أنها تمنح المريض إمكانية مغادرة المستشفى في اليوم نفسه، مع السماح له بتناول الطعام بعد الإفاقة من تأثير التخدير، الذي غالباً ما يكون تخديراً كلياً للمريض حسب متطلبات العملية. لا تعود بعد الجراحة إلا إذا تكررت الأسباب مهما كانت طريقة إجراء العملية فيمكن للبواسير أن تتكون من جديد إذا عادت الأسباب التي أوضحناها سابقاً؛ لأنها في النهاية أوعية دموية وشعيرات متضخمة ومتمددة، والأوعية الدموية موجودة كغذاء الخلايا الحية؛ وبالتالي يمكن أن تحدث طبعاً كأي عملية تقليدية بعد فترة من الزمن إذا عادت أو استمرت الأسباب. والبواسير لا تعود بعد التدخل الجراحي إلا إذا عادت بواسير جديدة نتيجة لعدم تحسن غذاء المريض الغني بالألياف.