تُعدُّ البواسير من الحالات المرضية الجراحية التي يعاني منها الكثير من الأشخاص، وقد تطوَّرت الأساليب الجراحية لعلاجها ما بين استخدام تقنية الدباسة وعمليات ربط الأوعية الدموية، ولكن في النهاية هي أساليب تحتاج لدقة ومهارة مقترنة بخبرة وممارسة طويلة من جانب الجراح ليحصل المريض على النتائج المأمولة. وللتعرف أكثر على طبيعة الإصابة بالبواسير والطرق المختلفة لعلاجها كان لنا هذا الحوار مع نخبة من استشاري مجموعة د. سليمان الحبيب الطبية وهم الأستاذ الدكتور عبد الكريم البكري والدكتور أكرم اللوباني والدكتور أيمن المغربي والدكتور بابكر محمد والدكتور جورجيان هوفمان والدكتور حيان بسمار والدكتور محمد الشريدي والدكتور نادر حسين والدكتور ناصر الخاطر والدكتور هيثم صايمة. هل تعطينا فكرة عن البواسير؟ - البواسير هي انتفاخات تحصل في شبكة الشعيرات الدموية الدقيقة لمنطقة الشرج، وغالبًا ما تظهر البواسير بشكل تورمات في فتحة الشرج ونزف مع البراز وقد تتطوَّر ويحدث لها هبوط والتهابات وتخثرات. وتعد البواسير من أكثر اضطرابات الشرج شيوعًا. وتشبه إلى حد ما دوالي أوردة الساقين إلا أنها تحدث في قناة الشرج وممكن تقسيمها حسب نوع الأوردة المتدلية إلى البواسير الخارجية والبواسير الداخلية. الإمساك الشديد أهم الأسباب إذًا ما سبب حدوث البواسير؟ - الإمساك الشديد يؤدي إلى تدلي وبروز الأوردة التي تحيط بالشرج من الخارج ويمكن أن ترى البواسير الخارجية بسهولة كطّيات صغيرة لجلد مائل في لونه إلى البني وبارزة من حواف فتحة الشرج وتورمات في فتحة الشرج تستمر لفترة طويلة بعد التبرز ولا ترتد تلقائيًا ويضطر المريض لدفعها لداخل الشرج ويمكن أن تؤدي إلى حكة خفيفة وبعض الضيق ونادرًا ما تسبب البواسير الخارجية نزيف دموي، وهناك سبب آخر لتكوين البواسير لا يقل أهمية عن الإمساك وهو عادة الشد (التزحر). البواسير الخارجية البواسير الخارجية سببها في العادة بروز وتدلي الأوردة التي في أسفل المستقيم إلى الخارج في قناة الشرج وهي تنقسم إلى عدة مراحل تختلف باختلاف طبيعة تلك المرحلة، وعمومًا فإن الآلية العامة لحدوث البواسير هي عرقلة لمسار الدم من هذه الأوردة وتؤدي إلى تضخمها وبالتالي إلى ظهورها على شكل الانتفاخات، وسرطان أسفل القولون (المستقيم). حالات مرضية متعددة وما أسباب عرقلة مسار الدم؟ - إن أسباب عرقلة مسار الدم في هذه الأوعية عديدة منها الضغط الحاصل عليها في منطقة الحوض ومثال ذلك الحمل أو السمنة المفرطة أو بعض الحالات المرضية التي يعاني منها المريض في منطقة البطن السفلى أو في الحوض، وكذلك من الأسباب المعروفة للبواسير هي حالة الإمساك المزمن، يضاف إلى ذلك الالتهابات المزمنة الموضعية وبعض التقرحات أو الجروح في المنطقة. درجات متعددة وتتعدد درجات ومراحل البواسير إلى درجات الأولى عبارة عن نزول دم فقط والثانية يصاحب نزول الدم كتلة لحمية تختفي بعد الانتهاء من التبرز، أما الدرجة الثالثة فإن تلك الكتلة لا تعود إلا بيد المريض، فيما تحتاج الرابعة لتدخل الطبيب في غالب الأحيان. أعراض خطيرة وما هي الأعراض التي تنذر بوجود إصابة بالبواسير؟ - إن أعراض البواسير بشكل عام هي ظهور الدم، البروزات والألم. ولا بد من أن نذكر أن ليس كل ظهور دم من المخرج يعني أن المريض يعاني من البواسير، فهناك حالات عديدة تسبب ظهور الدم من المخرج، وربما تتعرض البواسير إلى التقرح أو التجلط وفي هذه الحالات فقط تصبح مؤلمة وتتراوح تلك الآلام بين البسيطة المحتملة إلى المبرحة غير المحتملة. الفحص السريري والمنظار للتشخيص ولكن كيف يتم التشخيص؟ - بتحليل شكوى المريض وأعراض المرض والفحص السريري، ومنظار الشرج والمستقيم. التجلط ينتج عنه تضخم مؤلم جدًا وماذا عن مضاعفات البواسير الشرجية؟ - أهم مضاعفات البواسير الشرجية التي يعاني منها المريض فقر الدم الناتج عن النزيف المستمر، والتهاب الشرج نتيجة للإفرازات المستمرة من البواسير المتضخمة، وكذلك تجلط الدم في البواسير وينتج عنه تضخم مؤلم جدًا ويحتاج لتدخل جراحي سريع. مراجعة الطبيب فور الشعور بالأعراض وعلاج البواسير يتم استنادًا إلى الحالة نفسها وذلك بالاعتماد على الوضع الذي يحضر به المريض إلى طبيبه، فكثير من المرضى يراجعون الطبيب بعد فترة طويلة من بداية الحالة، وهذا ليس صحيحًا فنحن ننصح بضرورة مراجعة الطبيب الجراح المختص حال شعور المريض بالأعراض. المعالجة الدوائية للدرجات الخفيفة إن العلاج يتلخص بإزالة أسباب ظهور البواسير، مثلاً معالجة الإمساك، وكذلك معالجة الحالات الالتهابية التي تتعرض لها المنطقة الشرجية، ويميل الأطباء إلى استخدام العلاج الدوائي قبل اللجوء إلى العلاج الجراحي فربما يحتاج الطبيب إلى وصف بعض المراهم المخدّرة لتخفيف آلام مريضه أو استخدام التحاميل لتخفيف الاحتقان في منطقة البواسير الداخلية. بدائل في الأسلوب الجراحي ما هي الطرق الجراحية المختلفة؟ - تشترك الطرق الجراحية لعلاج البواسير في الأسلوب الجراحي، إذ لا بد من إزالتها مع ربط الأوعية الدموية المغذية لها باستعمال وسائل مختلفة تعتمد على رؤية الجراح وحالة المريض، إضافة إلى إمكانية إزالة البواسير جراحيًا مع خياطة مكانها كليًا أو جزئيًا أو استئصالها باستخدام الدباسة الجراحية. عوامل تحديد المعالجة هل يعتمد العلاج على تفاوت درجات الإصابة بالبواسير؟ - نعم نوع العلاج يختلف وفقًا لنوع البواسير ودرجة الإصابة والأعراض المصاحبة، حيث إن البواسير الداخلية من الدرجة الأولى تعالج باستعمال الأدوية المقبضة للأوعية الدموية والمراهم لجعلها تنقبض وتضمر. والبواسير من الدرجة الثانية تعالج مثل الدرجة الأولى وقد تلجأ إلى وسائل أخرى مثل الحقن بمواد مجلطة أو استعمال الرباط المطاطي أو الأشعة تحت الحمراء وكلَّها تسبب ضمور البواسير في كثير من الحالات، ولكن في بعض الحالات تحتاج إلى تدخل جراحي عند عدم الاستجابة أو حدوث مضاعفات. طرق مختلفة لاستئصالها أما البواسير الخارجية يتم استئصالها جراحيًا ويستعمل العلاج الموضعي فقط لتخفيف الأعراض لحين إجراء العملية. الجراحة أحد الخيارات المفضلة ويُعدُّ التدخل الجراحي هو أحد الخيارات المفضلة للدرجات المتقدمة لعلاج مرض البواسير الشرجية وخصوصًا بعد تطور الطرق الجراحية واستعمال الأجهزة الحديثة لتقليل الألم ومشكلات ما بعد الجراحة وتعطى نسبة عالية جدًا من الشفاء. ربط الأوعية الدموية أحد الحلول الحديثة هنالك أيضًا طريقة ربط الأوعية الدموية من جذورها الأساسية ثم خياطة الجزء المترهل داخليًا بمساعدة الأشعة الصوتية (الدوبلر) وتُعدُّ تلك العمليات أحد الخيارات الحديثة في مجال علاج البواسير، حيث يقوم الجراح باستكشاف الشريان المغذي للباسور باستخدام تقنية الدوبلر للعثور على تدفق الدم في الشرايين الصغيرة المغذية للبواسير. آلام خفيفة بعد العملية وبعد تحديد مكان الشريان المغذي يقوم الجراح وضع خياطة حوله لتقليص تدفق الدم مما يؤدي إلى هبوط الأنسجة البارزة من فتحة الشرج، وتستغرق تلك العملية فترة قصيرة من الوقت والألم الناتج أقل من العمليات الأخرى ويمكن للمرضى استئناف حياتهم ونشاطهم الطبيعي في غضون خمسة أيام. دقة عالية وتتميز تلك التقنية بالدقة العالية وذلك لأنها تستخدم الدوبلر (الموجات الصوتية) وبالتالي تمكن الجراح من ربط الشريان المغذي للبواسير بشكل أكثر دقة وتأكيدًا، كما أنها لا ينتج عنها أية جروح. وقد أثبتت الدراسات أنه يمكن إجراؤها بشكل ناجح مع نسبة قبول ورضا المرضى خاصة الدرجات الثالثة والرابعة ولم تتجاوز نسبة عودة البواسير لهم عن 10%. نتائج مذهلة ثم أن نتائجها مذهلة ويمكن ملاحظتها بعد العملية مباشرة، أما عن التخدير، فهو إما كلي وإما نصفي ووجدنا أن التخدير النصفي أكثر إيجابية وفعالية حتى بعد العملية. الدباسة في إزالة البواسير وهناك تقنية أخرى لاستئصال البواسير باستخدام جهاز الدباسة PPH 01 لا تؤدي إلى حدوث جروح عند فتحة الشرج وبالتالي يحدث نسبة أقل من الألم، حيث يتم استخدام الدباسة بواسطة المنظار بإدخال الجهاز من فتحة الشرج ويقوم باستئصال جزء دائري من بطانة قناة الشرج على بعد نحو أربعة سنتيمترات من فتحة الشرج ثم يقوم بتدبيس طرفي الجرح الناتج عن الاستئصال، وبذلك يتم قطع الأوعية الدموية التي توصل الدم للبواسير الشرجية وسحب البواسير والغشاء المبطن للشرج إلى الداخل وبالتالي يختفي الترهل الحاصل حول فتحة الشرج والناتج عن البواسير. أقل ألمًا والدبابيس المستعملة في تلك التقنية صغيرة جدًا ولا يشعر بها المريض عادة وتسقط إلى الخارج وحدها خلال بضعة شهور بعد العملية، كما أن إجراء العملية بواسطة الدباسة يجعلها أقل ألمًا في المنطقة التي يتم فيها القطع والتدبيس؛ لأنها خالية من الأعصاب وبالتالي لا توجد آلام شديدة بعد العملية. مغادرة المستشفى في اليوم نفسه كما أنها تمنح المريض إمكانية مغادرة المستشفى في اليوم نفسه مع السماح له بتناول الطعام بعد الإفاقة من تأثير التخدير الذي غالبًا ما يكون تخديرًا كليًا للمريض حسب متطلبات العملية. مضاعفات قليلة يمكن أن تسمى هذه العملية (عملية تجميل لفتحة الشرج)؛ لأنها كذلك، وهي في منطقة خارج الألم وتعالج كل الجهات الدائرية مرة واحدة ولا تصيب العضلات المتحكمة في البراز ولا الوسادات الشرجية وبالتالي فهي تتجاوز مضاعفات العمليات السابقة وسلسلة إجراءاتها وبخاصة مع الخبرة الطويلة ولا تستغرق أكثر من 10 - 15 دقيقة فقط وربما أقل. أسئلة شائعة هل تعود البواسير بعد العملية؟ - مهما كانت طريقة إجراء العملية، فيمكن للبواسير أن تتكون من جديد إذا عادت الأسباب التي أوضحناها سابقًا؛ لأنها في النهاية أوعية دموية وشعيرات متضخمة ومتمددة والأوعية الدموية موجودة كغذاء الخلايا الحية وبالتالي يمكن أن تحدث طبعًا كأي عملية تقليدية بعد فترة من الزمن إذا عادت أو استمرت الأسباب. والبواسير لا تعود بعد التدخل الجراحي إلا إذا عادت بواسير جديدة نتيجة لعدم تحسن غذاء المريض الغني بالألياف. حالات مشابهة للبواسير وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك حالات مشابهة للبواسير في الأعراض مثل الشق الشرجي الذي يؤدي إلى نزيف دموي وتدلي لحميات من الشرج، وكذلك الإصابة بخراج عجاني (حول فتحة الشرج)، حيث يكون في بعض الحالات مشابهًا للبواسير. أما سرطان المستقيم فهو أحد أسباب حدوث البواسير وبالرغم من قلة حدوثه إلا أنه يتشابه بالبواسير؛ لأنه يسبب النزيف من فتحة الشرج، وبعض الأحيان مادة مخاطية لذلك وجب الحرص على فحص المريض للتأكَّد أن البواسير ليست لوجود ورم في المستقيم.