ربع قرن مر على مهرجان الجنادرية منذ انطلاق فعالياته التي تعزز حضور التراث والثقافة العريقة في الواقع الحاضر، ويقدم للأجيال الحديثة بانوراما عملية لما كانت عليه الحياة التي عاشها الأجداد، وما اختزنوه من تراث يشرق على مر الأيام في وطن موحد يكتب ملحمة تاريخية خالدة ومستمرة جيلا بعد جيل. ولعل سباق الهجن الذي تتميز به استهلالية الفعاليات كل عام يمثل علامة فارقة في رحلة المهرجان عبر السنوات، وكان أول سباقاته في عام 1394ه على غير النظام المعمول به حاليا بعد أن تطور واكتسب زخما كبيرا في المتابعة والأهمية، ولأن الجنادرية بمثابة ملتقى أجيال فقد جمعت “شمس” جيل البدايات بالجيل اللاحق الذي يرى الفعاليات بوابة للعالمية والتعريف بتراث بلده العريق. يقول جمال الداود من الجيل السابق: “كانت الجنادرية في عهد الملك فيصل تقام على أرض صحراء وكانت تنصب الخيام، ويقام سباق الهجن على مستوى السعودية فقط، وجاء عهد الملك خالد وأصبحت هناك مشاركات لدول الخليج للهجن فقط، وكانت النقلة الواضحة في عهد الملك فهد عندما أقيم أول مهرجان في عام 1425ه يحمل بصمة تاريخ بدأت وتوسعت للمشاركات العربية وأصبح التطور الذي نراه مع الأيام، ثم إننا نرى لمسة يد والدنا أبو متعب على هذا المهرجان الذي أصبح كل عام يستضيف مشاركات دولية، إذن نحن ننطلق للعالمية، ومن رأى مهرجان الجنادرية في تلك الخيام ويراها الآن يرى التميز والتقدم والنقلة الحضارية وإبراز دور المرأة، فهنيئا لنا وللسعودية هذا الإنجاز التراثي”. ويضيف عبدالرحمن الجامع المولود في نفس عام إطلاق المهرجان: “كنت أذهب إلى الجنادرية طفلا وأنبهر بهذا التراث وكيف تحوي السعودية هذا الكم الهائل من التراث، وفي كل عام أرى التميز والتغير في جوانب هذه البصمة التي أصبحنا ننتظرها كشباب من عام إلى عام، وما لفت نظري هذا العام جائزة خادم الحرمين والمنطاد والمشاركات التي تفرح”. ويمثل داود الداود الجيل الجديد بسنوات عمره الإحدى عشرة، ويحلم بأن تكون له بصمة داخل الجنادرية يوما ما، وأن يكون مهندسا يضع لمساته داخل الجنادرية، وأن ينطلق بها هو وأبناء جيله إلى العالمية، ويقول إنه كان يعود في الأعوام السابقة لكي يحكي لأصحابه ما شاهده وأنه ينبهر كل عام بما يراه. أما أحمد العنزي من أهالي حائل فقد جاء من منطقته خصيصا لحضور فعاليات الجنادرية، ويقول: “يستاهل الوطن أن نأتي له، فهذا تراثنا، وهذا مهرجان للسعودية كلها تفرح به، وعسى الله أن يطيل عمر خادم الحرمين ولا يحرمنا رؤية الجنادرية عالمية بإذن الله”.