بداية أعتقد أن الولاياتالمتحدة بعد أن أفرجت عن الإنترنت الذي يُقال إنها كانت تستخدمها وزارة الدفاع الأمريكية لتخزين المعلومات العسكرية والأمنية لكل ما يخص أمنها القومي أفرجت عنها ليستخدمها العالم في نقل وتبادل المعلومات وكأنه تقنية قديمة رمتها في الزبالة وهي لا تعلم أنها ستقلب وجه العالم وستحقق بعضاً من تطلعاتها خاصة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. كل المراقبين يرون أن الإنترنت مهَّدت الطرق لذلك من خلال الحرية الشخصية في التعبير عمَّا كان غير متوفر في الساحة العربية وكذلك استقبال أفكار الشعوب الأخرى عبر هذا التزاوج الفكري والثقافي الذي يمر عبر الإنترنت من كل شعوب الأرض على مختلف أيدلوجياتهم وبالتالي تلاشت القبضة التي كانت لدى بعض هذه الحكومات والحجر الذي كان بأيديها، فلا يستطيع في الغالب أن يُقال أو يُسمع إلا ما يروق لها ولذلك تحطّمت هذه القبضة على صخرة الإنترنت بشكل مؤدب وغير مزعج وبشكل سلس ما لبث أن ترسخ لدى الطرفين من شعوب وحكومات، لكن الحكومات الذكية التي تراعي شعوبها لم تغفل هذه التطلعات والتعامل مع همومهم لتحقيق الممكن منها، أما الحكومات المتكلسة والتي لا تعي هذا التغيير ولا تحسب لمواطنيها أي حساب فقد جرفها التيار وها نحن نشاهد بعضها وما آلت إليه الأمور فيها.هناك من يقول إن أمريكا والغرب يدركون هذا التحول ويعرفون أنه سيحصل بعد أن تفعل الإنترنت فعلتها بعد سنوات من ترسخها في كيانات شرق أوسطية كانت تعاني الظلم والقهر لأنها وسيلة سهلة تساعد على انحسار الخوف لدى هذه الشعوب ونتائجها في نجاح التغيير أقوى من الأسلحة النووية، وهناك من يقول إن هذا نصر من الله للشعوب المستضعفة والمظلومة ودائرة من الدوائر على الأنظمة الظالمة والمستبدة التي ظلت جامدة ومتحصّنة خلف قوة الحديد والنار فجاءت الإنترنت لتقوّي قلوب هذه الشعوب ليخطوا الخطوة الأولى وتنهار أمامها هذه القوة. وصحّ القول: بشّر الظالم بالعقوبة ولو بعد حين. بقي أن نقول: هل بعد هذا كله أن العالم العربي أو الشرق الأوسط سيتحول إلى دول ترفل بالديمقراطية وتنال شعوبها من خيراتها وتتعدل موازين التنمية فيها إلى أرقام إيجابية وعالية؟ وهل سيكون العالم العربي والإسلامي بسبب هذا التحول الدراماتيكي مماثلاً لحجم الاتحاد الأوروبي ويكون هو القوة الاقتصادية والعسكرية القادمة المؤثّرة في العالم بعد أن تصبح أوروبا القوة العجوز بعد أن تشيخ بسبب ديونها ومعاناتها الاقتصادية التي ظهرت لنا مقدماتها. العلم عند الله، والله فاعل بخلقه ما يشاء. * * * - شقراء