نُشر في صفحة التشكيل بالملحق الثقافي بجريدتنا الجزيرة الخميس الماضي تقرير كان عنوانه «هل أدى الخطاب التشكيلي (الإعلامي) السعودي دوره في دعم الساحة التشكيلية؟» أعد التحقيق الزميل إدريس العنزي أخذ فيه آراء لأسماء من مناطق عدة في المملكة، فجاءت أطروحاتهم متباينة بين المفهوم الفكري والطرح الإعلامي، فكانت محصلته أن الخطاب التشكيلي لم يرتقِ إلى طموح الفنان وفقًا للتراكمات المعرفية لدى أصحابنا المستهدفين. وأرى أن الخطاب التشكيلي هو خطاب كامل؛ أي أن المنتج الفني من لوحات وأعمال نحت وطرح الكُتَّاب المتخصصين بالشأن البصري بزواياهم وتصريحات الفنانين كل لا يتجزأ، ولكن اقتصر الأمر على الخطاب التشكيلي الإعلامي. إن الإشكالية هي في عدم فهم فلسفة الفن التشكيلي حتى نخرج بخطاب واضح، فالسواد الأعظم من التشكيليين يؤمنون بفلسفة الفن للفن، التي انعكست تلقائياً على منجزهم الفني وتصريحاتهم وعلى الكُتَّاب أيضًا، مما أدى إلى خطاب هزيل وغير متزن في كثير من الأحيان.. وإن فلسفة «الفن المبدأ والقضية» لا يوجد له حيز من المنجز الفني الذي يرتكز عليه الخطاب التشكيلي السليم، إذن لا بد من تحديد مفهوم فلسفة الفن أولاً، ومن ثَمَّ تتضح لنا هوية ذلك الخطاب. فعزلة التشكيلي عن محيطه تجعل منه إنسانًا ثانويًّا غير متفاعل مع قضايا مجتمعه.. وفي المقابل أجد لدى المفكرين «فلسفة الفكر» ولدى الروائيين «الرواية السياسية» ولدى الشعراء «القصيدة النضالية»، وأتساءل: أين التشكيليون من قضايا مجتمعهم؟! أين اللوحة من قضية التشكيليين أنفسهم..؟! ولتكن ندوة ملتقى المثقفين المختصة بالفن التشكيلي أنموذجًا قريبًا من الخطاب التشكيلي الهزيل، فقد كانت بعض الأوراق المطروحة تقليدية ولم ترتقِ إلى طموح الفنان، والوقوف عند همومه ومعاناته، وأن المداخلات من قِبَلِ الفنانين كانت متذمرة مما طُرِحَ ولا تحمل الوعي الثقافي بما يحاك من حولهم من تهميش وعدم إعطاء هذا الفن قيمته الحقيقية من قبل المسؤول في الوزارة!! ومداخلات أخرى كانت لُب قضيته عبارة عن «الأنا» فنعتت البقية بالسلبيين، وإن دَلَّ هذا الطرح في مجمل الندوة فإنما يدل على ضحالة مفهوم «القضية بالفن»، ومن ثَمَّ كيف لنا بخطاب تشكيلي حادٍّ يرتقي إلى القضية التشكيلية؟ القضية يا سادة أنه لا توجد قضية لدى الفنان التشكيلي ولا الكُتَّاب! باستثناء بعض الاجتهادات وهي لا تسمى «خطابًا تشكيليًّا»»!!