في ظل الأزمات المالية بدول العالم تطل علينا ميزانية الدولة السعودية مرفرفة ببشارات الخير والنماء لأجيال المستقبل، تحمل بين أرقامها بشائر واعدة تشجعهم على العطاء والاستمرار بصروحهم الاقتصادية، هذه الميزانية قتلت أوهام المتشائمين بالاقتصاد السعودي، بل حوّلت أنظار دول العالم لشد الرحال للسعودية لاقتناص الفرص الاستثمارية. التوفيق بيد الله أولاً، وبشكر الله تدوم النعم.. فلك الحمد والشكر يارب العالمين، ومن الناس من طرح الله له البركة فأخرج له من كنوز الأرض وألان له قلوب العباد وأحسب أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله رجل مبارك أحسبه كذلك والله حسيبه، ولعل صفاء نيته وحرصه على مصلحة البلاد والعباد كانا هما السببان الأساسيان لتلكم البركة المتنامية. ففي عهده ارتفعت أسعار البترول لأسعار فاقت التوقعات وانتشر الأمن والأمان رغم ما تعيشه البلاد من نمو سكاني هائل، رافق ذلك زيادةٌ في الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية والبنى التحتية، ليجتمع في عهدنا اليوم مقومات الطفرة الاقتصادية الحقيقية. لأول مرة في تاريخ المملكة تسجل الميزانية فائضًا قياسيًا للعام الماضي ب306 مليارات ريال بالرغم من أن المتوقع كان عجز الميزانية ب40 مليارًا، وهذا يعني أن مجموع الإيراد غير المتوقع يقدر بحوالي 346 مليار ريال، اثر ذلك بشجاعة أبوية حكيمة لتقرير ميزانيةٍ هي الأكبر والأكثر إنفاقًا في تاريخ المملكة بواقع 690 مليار ريال وبزيادةٍ قدرها 110 مليارات ريال ما يشكل نسبة 19 % بتركيزٍ واضح على الاهتمام بالجوانب الأساسية التي ترتقي بخدمة المواطن: التعليم، الصحة، المساكن والأمن. ومع زيادة الإنفاق إلا أن الحنكة الاقتصادية تبدو جليةً في التوازن البديع بين أرقام الإيرادات والناتج المحلي وبين حجم الصرف والمشاريع الحكومية ومشاريع الإصلاح الاقتصادي كبرامج الحد من البطالة وتنمية الجانب البشري، والارتقاء بالمستوى الأمني، وأظن أن التاريخ سيتذكر هذا الانسجام الرائع بأبهى صوره وتناغمه وانسجامه. خلاصتي يبقى التنفيذ هو الثمرة المرجوة من وراء تلك الموازنة التاريخية، فالأمانة الملقاة على الوزراء والمسئولين تضاعفت بعد أن زاد حجم الإنفاق الذي يتطلع الجميع إلى رؤية نتائجه على أرض الواقع لا بمجرد الدندنة حوله أو تعثره في التنفيذ، إذ أخشى ما أخشاه أن نخفق في تنفيذ الموازنة فمن يتفحص الموازنة يرى أن حكومتنا الرشيدة تستطيع زيادة الموازنة ولكن قدرة كثير من الدوائر الحكومية لا يمكنها أن تستوعب حجم تلك المشاريع. وجميلٌ هو تصريح وزير المالية حينما أعلن أن جميع المشاريع المعتمدة ستكون متاحةً للجميع عبر الموقع الإلكتروني للوزارة ولكن أليس من الأجمل أن يرافق ذلك الإعلان أن يضاف إلى كل مشروع نسبة الإنجاز بصفة ربع سنوية؟ همستي أتمنى أن نكون شفافين أكثر بالموازنة بحيث تكون مفصلة.. ومهما تحدثنا عن الموازنة فيبقى إعلان الميزانية.