العنف البالغ في الاعتداء على مركز التجارة العالمي والمشاهد المؤلمة والبطولية كانت بعض سمات نيويوركالمدينة العالمية التي هزتها عام 2001 أسوأ كارثة في تاريخها وتبقى أمامها عملية نهوض طويلة بإدارة رئيس بلديتها الجديد، وسيُحكى في نيويورك أكثر من أي مكان آخر في الولاياتالمتحدة عن ما قبل وما بعد 11 ايلول/سبتمبر، فقد اسفر انهيار البرجين التوأمين وكل منهما من 110 طوابق عن وقوع اكثر من ثلاثة آلاف قتيل أو مفقود وسبب صدمة لدى السكان ووجه ضربة هزت اسس العاصمة الاقتصادية المزدهرة في الولاياتالمتحدة، وبعد ثلاثة اشهر وبينما تستعد المدينة للاحتفال بالميلاد بصورة لم يسبق لها مثيل اخمدت النيران اخيرا في انقاض البرجين فيما يعيش جنوب مانهاتن حالة طوارئ في بعض مناطقه بينما سجلت خسارة حوالي 100 الف وظيفة، وتقدر السلطات المالية في المدينة الكلفة الاجمالية للاعتداءات بين 90 و105 مليارات دولار، وتتالت مراسم الدفن وإحياء الذكرى كل يوم تقريبا وصباح 12 ايلول/سبتمبر اعلن رئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني الذي ارتقى بحضوره وقوة شخصيته إلى مرتبة بطل وطني عندما نعلم الحصيلة النهائية سيكون رقما مهولا، وحتى مع نهاية العام لم يحدد بعد رقم الحصيلة النهائي فقد اشار رئيس الاجهزة الطبية في المدينة إلى ان قوة الانفجار وحرارة المواد المشتعلة ادت إلى تبخر العديد من الضحايا بينما ما زال يجب نبش الجثث الاخرى بين الانقاض وهو ما يواصله عشرات من عناصر الاطفاء والشرطة والانقاذ على مدار الساعة، وقال كيري سالكوفيكز وهو معالج نفسي متخصص في الاستشارات مثقل بالعمل ان ضخامة الصدمة التي تعرضت إليها نيويورك في 11 ايلول/سبتمبر عظيمة إلى درجة انها ليست مشكلة يسهل التعافي منها، غير ان بوادر التعافي بدأت تبرز، فلم تعد الاحاديث كافة تقتصر على المأساة فحسب، وأدت الصور البطولية التي انطبعت في اذهان سكان نيويورك لرجال اطفائهم وشرطتهم وهم يصعدون ادراج مركز التجارة العالمي كي لا ينزلوها مجددا إلى الابد إلى تقاربهم وباتت العلاقات الانسانية اكثر دفئا وسهولة ومباشرة، واشار سالكوفيكز إلى ان نيويورك لم تكن ذائعة الصيت في البلاد لوطنيتها أو لطفها، ولكن اليوم باتت هاتان الميزتان من صفات المدينة فقد اصبح الناس في الشهرين التاليين للاعتداءات اكثر ودا ونما شعور بالاتحاد عوضا عن الانقسام، وذلك صحيح بشكل أو بآخر ولا ادري كم من الوقت سيستمر الوضع على هذا المنوال، وحظيت نيويورك التي لطالما نظر إليها بحذر وقلة تفهم بل حتى بعدائية بموجة من التعاطف والكرم التي لم يسبق لها مثيل، وما زال المتطوعون يفدون حتى اليوم من كافة ولايات البلاد للانخراط في صفوف الصليب الاحمر أو مطابخ بعض المطاعم التي تقدم الطعام المجاني للعمال ورجال الاطفاء قرب بقايا الطابق الارضي من مركز التجارة العالمي، كما قلبت مأساة 11 ايلول/سبتمبر التركيبة السياسية في المدينة رأسا على عقب فبينما بدا لمارك غرين ان فوزه سهل في معقل الديموقراطيين هذا مني بالهزيمة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر أمام ملياردير شبه مجهول لدى العامة هو مايكل بلومبرغ، وقد تأثر الناخبون برسالته «المطلوب قائد، لا سياسي» وسيرته كرجل اعمال واداري وخاصة بالدعم الذي قدمه إليه رودي جولياني الذي انطبق عليه قانون يمنع قضاء اكثر من ولايتين كل منهما تستمر اربع سنين، ويتسلم بلومبرغ مهامه في الاول من كانون الثاني/ يناير وقد ورث مهمة صعبة تقضي بإعادة النهوض بالمدينة والإشراف على نهاية اعمال ازالة الانقاض «التي لا يفترض ان تنتهي قبل اواخر الربيع» واتخاذ قرار حول ما سيبنى في موقع البرجين التوأمين والعمل على اعادة السياح واعادة الثقة إلى موظفيه،