سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تداعيات الأحداث والتطورات الأخيرة على دول مجلس التعاون الخليجي في ندوة ناقشتها بالقاهرة:
الدكتور محمد السعيد إدريس الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية:
الموقف الخليجي من الأحداث كان واضحاً ..
أحدثت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولاياتالمتحدةالامريكية تأثيرات واسعة على العديد من دول العالم المختلفة، وأكد بعض المحللين ان العالم كله بعد 11 سبتمبر أصبح عالماً جديدا عن ذلك الذي كان موجوداً من قبل، فقد أحدثت الهجمات والحرب ضد الارهاب التي أعلنتها أمريكا نقلة نوعية في العلاقات الدولية وتوازنات اقوى في عدة مناطق من العالم، وتأثرت كثير من الدول اقتصاديا وسياسياً وأمنيا. ما هي تداعيات الأحداث الامريكية الأخيرة على منطقة الخليج؟! وكيف أثرت الأحداث سياسيا واقتصادياً وأمنيا على المنطقة؟ وما هي استراتيجيات دول الخليج لمواجهة هذه التداعيات؟ هذه الأسئلة كانت محور الندوة التي عقدت بالمركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بالكويت (فرع القاهرة) تحت عنوان «الهجمات الارهابية على الولاياتالمتحدةالأمريكية وتداعياتها على دول مجلس التعاون الخليجي» وحضرها نخبة من خبراء السياسة والاقتصاد والامن العرب وأدارها أشرف كشك مدير فرع المركز بالقاهرة. تداعيات سياسية في البداية تناول الدكتور محمد السعيد ادريس الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام التداعيات السياسية للأحداث على منطقة الخليج، وأشاد بالموقف الذي أخذته دول مجلس التعاون الخليجي عقب الهجمات الامريكية بادانة التفجيرات الارهابية وأكد ان دول الخليج كانت حريصة على مطالبة الولاياتالمتحدة بتوخي الحذر وعدم الاندفاع في توجيه اتهامات لا دليل عليها وأعلنت ذلك على لسان الامين العام للمجلس الذي أكد ان دول الخليج والدول العربية تدين جميع الأعمال الارهابية وتتصدى لها بكل الوسائل. وأشار ادريس الى ان الاشكالية الاساسية في التعامل مع الانعكاسات السياسية في الخليج المترتبة على الاحداث الامريكية الأخيرة والحرب في أفغانستان ان هذه الانعكاسات لا تقتصر فقط على الاثار المباشرة لهذه الحرب على دول مجلس التعاون الخليجي لكنها تمتد الى تداعيات أخرى محتملة لهذه الاحداث على صعيدين أولهما: هل ستشمل الخطوات الامريكية القادمة في الحرب ضد الارهاب دولاً عربية وإسلامية أم لا؟ وثانيهما مستقبل النظام العالمي بعد هذه الحرب وموقع الولاياتالمتحدة في هذا النظام. وأكد الدكتور ادريس ان هذه التطورات المستقبلية من شأنها أن تؤثر في العلاقة بين معظم الدول الخليجية والولاياتالمتحدة وقال: ان هذه العلاقات ربما ستختلف، تما عما كانت عليه قبل تفجر أزمة أمريكا مع الارهاب الدولي مشيراً الى أن هذه العلاقة لم تكن قبل الأحداث إيجابية في عمومها بل كانت تعاني من بعض المشاكل بسبب الموقف الامريكي السلبي من الممارسات الوحشية لقوات الاحتلال الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وقال ان دول الخليج لم تكن مهيأة للانصياع للأوامر الأمريكية والانخراط في التحالف الدولي ضد الارهاب وفق المفهوم الامريكي مما أدى الى نشوء أزمات في علاقات بعض دول الخليج بأمريكا ومنها اعلان الصحافة الغربية على المملكة العربية السعودية واتهام واشنطن لافراد سعوديين بالتورط بالتفجيرات دون وجود دليل على ذلك. آثار اقتصادية وتناول الدكتور محمد رضا العدل استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس التداعيات الاقتصادية للأحداث على منطقة الخليج مشيراً الى أن هناك تشابكاً بين المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة ودول الخليج، فالولاياتالمتحدة تعد الشريك التجاري الأول للدول الخليجية ولذلك فقد تأثر الاقتصاد الخليجي كثيراً بالأحداث الأمريكية. وقال: ان الاقتصاديات الخليجية كانت قبل احداث 11 سبتمبر تشهد انتعاشاً ملحوظاً فقد قدرت الايرادات الفعلية لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2000 بنحو 125 مليار دولار وأدى هذا التحسن في الايرادات الى نمو كبير في الانفاق العام. وأضاف: كانت دول الخليج احد أكبر المتضررين عقب أحداث 11 سبتمبر حيث تضررت الاستثمارات الخليجية الخارجية سواء في صورة أسهم أو ودائع بالدولار الأمريكي، حتى ان أحد التوقعات تشير الى ان خسائر السعودية قد تبلغ 28 مليار دولار من جملة استثماراتها البالغة 150 مليار دولار وفيما يتعلق بالبترول فقد أدت الاحداث الاخيرة الى ارتفاع سعر البترول الى أكثر من 31 دولاراً للبرميل ويبدو وأنه كان ارتفاعاً لحظيا بسبب الصدمة التي احدثت اضطراباً شديداً في سوق البترول والتوقعات بأنه قد يحد المعروض منه في السوق العالمي ولذلك ارتفع سعره. وحول توقعاته للأداء المتوقع لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي قال د، العذل انه يتوقع ان تنخفض ايرادات السعودية من النفط بنحو عشرين بليون دولار في عام 2002م في مقابل 66 بليون دولار كانت متوقعة في عام 2001م وفي الكويت يتوقع ان تتعرض لخسائر في عائدات الاستثمارات الخارجية تقدر بما يزيد على 20% في المتوسط، كما تقدر مصادر اجنبية ان التراجع في الاداء الاقتصادي العام في الامارات سوف يحدث بنسبة 15%. وطرح العدل استراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة مثل هذه الازمات من خلال الحيلولة دون ظهور عجز في الموازنة العامة وإجراء تحسينات هيكلية فيها بالتنسيق مع السياسة النقدية. ومواصلة انتهاج سياسة اقتصاد السوق الحر واجراء الاصلاحات الهيكلية لدعم نشاط القطاع الخاص وأيضا انتهاج سياسات داخلية وعمالية لتسهيل الاستيعاب الانتاجي للقوة العاملة الوطنية السريعة النمو وكذلك اجراء تحولات هيكلية في محفظة الاستثمارات الخارجية في اتجاهات أكثر نحو الاستثمار العيني المباشر في الاقطار العربية الأكثر نمواً ويمكن في هذا الاطار الدخول في مشروعات مشتركة بالاشتراك مع رأس المال الاجنبي. انعكاسات أمنية وحول الانعكاسات الأمنية للأحداث والتطورات الأخيرة على منطقة الخليج أكد أحمد ابراهيم محمود الخبير بوحدة الشؤون العسكرية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان هذه الأحداث تركت آثاراً بالغة على الروابط الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة ودول الخليج العربي من عدة نواح فأولا: هي استغلال أمريكا للأزمة وحربها على افغانستان وأي دول أخرى مستهدفة في المنطقة من أجل استكمال عملية التطويق الاستراتيجية الأمريكية لمنطقة الخليج والبقاء الدائم في المنطقة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. وثانيا: تعزيز التعاون الأمني والاستراتيجي الخليجي الامريكي فقد ايقنت أمريكا ان الحرب ضد الارهاب تحتاج بالدرجة الاولى الى التركيز على التبادل الأمني والمعلوماتي من أجل مواجهتها، وثالثا: التأثير على البنية الأمنية الداخلية في الخليج حيث أدت الفتاوى الدينية التي تدين الحملة الأمريكية على أفغانستان الى ظهور انتقادات واضحة لبعض المواقف الرسمية العربية. ورابعاً: التلميح بضرب العراق يمكن ان يفتح الباب أمام سيناريو الفوضى الشاملة في المنطقة خاصة مع تعقيد التفاعلات الاقليمية في الخليج فحدوث مثل هذه الضربة يمكن ان يتسبب في تهييج قطاعات كبيرة من العرب والمسلمين ضد السياسة الأمريكية. وخامساً: ان التطور الايجابي في العلاقات الأمريكية الايرانية يمكن ان يسبب آثاراً متنوعة على الأمن في منطقة الخليج العربي وسوف يتوقف مضمون هذه الآثار الى عمق هذا التقارب الأمريكي الإيراني.