يكاد يتفق الكثير من أبناء هذا الوطن ومن الوافدين إليه للعمل أو للحج أو للعمرة أو للزيارة، أن بلادنا تحتوي على العديد من عناصر الجذب السياحي، ففيها المناطق أو المواقع الأثرية، وفيها المناخ المناسب للسياحة الصيفية، وللسياحة الشتوية، وفيها مراكز التسوق، والتي تحتوي على كل جديد تشهده أسواق لندن وباريس ونيويورك، بل إن بعض أسواقنا يعرض فيها من السلع مالا تعرفه بعض الأسواق العالمية، وبلادنا تضم بين جوانبها مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، وهي تعد من مراكز السياحة الدينية، والتي لا يوجد مثيل لها على وجه البسيطة. إذاً ما هي الحلقة أو الحلقات المفقودة في سياحتنا الداخلية، وماذا ينقص السياحة الداخلية، ولماذا الاقبال على هذه السياحة لا يزال دون المستوى المطلوب بدرجات، وكيف أن البلايين من الريالات ما زالت تنفق من السعوديين في السياحة الخارجية؟ لعل من أهم ما تفتقده سياحتنا الداخلية، التسويق الجيد والقائم أولاً وقبل كل شيء على عملية الاتصال التسويقي، المطلوب عمل دراسات للجمهور المستهدف لمعرفة ماذا يريد من السياحة، وما هي الخدمات التي يبحث عنها عندما يسافر للسياحة، إنها ببساطة عملية للتعرف على ما يبحث عنه السائحون، أو بلغة التلفزيون ما يطلبه السائحون على وزن ما يطلبه المشاهدون. بعد معرفة ما يبحث عنه السائح، تأتي المرحلة الثانية وهي البدء في تحقيق هذه المطالب ولو بشكل تدريجي، طبعاً لا يمكن استفتاء كل مواطنة ومواطن وكل راغب في السياحة، ولكنْ هناك طرق علمية في اختيار العينات الممثلة للجمهور المستهدف، أثبتت نجاحها في الدراسات التسويقية، وفي مجال تسويق السياحة على وجه الخصوص. هناك اهتمام عالمي بالتسويق وادارته في كل المجالات وبينها بل وفي مقدمتها مجال السياحة، ولعل ذلك يظهر فيما تقدمه بعض الشركات السياحية العالمية من استبانات، هدفها الأول البحث فيما يريده السائح لتحقيقه، ولتجنب كل ما ينغص اقامته، والنتيجة النهائية لمثل هذه الدراسات التسويقية عودة السائح نفسه للسياحة في نفس البلد، وقيام نفس السائح بوظيفة الوسيلة الاعلانية لدعوة زملائه ومعارفه لقضاء اجازاتهم وعطلاتهم للسياحة في هذه الدولة أو المدينة التي حققت له ما يطلبه. السياحة في عالم اليوم هي تجارة وصناعة وقبل ذلك علم وفن، والظاهر حتى الآن اننا نتعامل معها كتجارة فقط وبالأسلوب التقليدي للتجارة، حيث تقوم السياحة الداخلية عند بعض غير قليل ممن يتعاملون مع السائحين في تقديم الخدمات السكنية والمعيشية والترفيهية، على تحقيقَ الأرباح السريعة مع عدم التفكير مطلقاً في عودة هذا السائح إلى هذه المنطقة في الأعوام والسنين القادمة. المجتمع السياحي في انتظار نتائج دراسة علوم السياحة وفنونها من خلال كلية الأمير سلطان للسياحة في أبها والكلية الأخرى المتوقع افتتاحها في المنطقة الشرقية، وما سوف يضيفه المتخرجون في هاتين الكليتين إلى صناعة السياحة في بلادنا، وهل سنرى مشاريع سياحية، وتسويقاً علمياً للسياحة الداخلية، وقبل ذلك هل ستتاح للشباب السعودي المتخصص في السياحة والفندقة والتخرج في هاتين الكليتين فرص التدريب على رأس العمل في مؤسسات السياحة الوطنية. الأمل ألا يقابَل هؤلاء الخريجون بما قوبل به زملاؤهم السعوديون المتخرجون في العديد من التخصصات وذلك برفضهم على أساس أن العمل في المجالات السياحية يعتمد على الموهبة، وان السعودي غير صالح للعمل في النشاط السياحي وكأن السياحة والعمل في مجالها صالحة لأن يعمل فيها كل الجنسيات في العالم إلا السعوديون.