يمثل صيام رمضان تغيراً في النظام الغذائي والحياتي لمرضى السكري مما يؤدي إلى حدوث تغير مصاحب في التحكم بالمرض. من هذا المنطلق فإن أ.د. عبدالمحسن الفارس أستاذ واستشاري طب الأسرة بكلية الطب بجامعة الملك سعود ينصح مريض السكري باستشارة الطبيب ذي الخبرة والالمام في علاج هذا المرض مع المعرفة بالأحكام الشرعية للموضوع. وعموماً بالنسبة لمرضى السكري من النوع الهش والذين تضطرب نسبة السكر لديهم بسرعة، وبالنسبة للمرضى المعرضين للاصابة بالحموضة الكيتونية، فغالباً ما ينصحون بالامتناع عن الصيام، مع ملاحظة أن الحكم في هذا الموضوع هو جهاز تحليل السكري فبواسطة اجراء عدة قراءات يستطيع المريض بمساعدة طبيبه اجراء تعديلات على جرعة الدواء أو الغذاء بهدف تحكم أفضل بنسبة السكر. أما مرضى السكري الذين يعتمدون في علاجهم على الحمية أو الحمية والحبوب، فغالباً ما يكون الصيام مفيداً ومنصوحاً لهم به إلا إذا كانت لدى المريض أمراض أخرى مصاحبة مثل الفشل الكلوي والتي قد تتأثر بالجفاف «قلة تناول السوائل» فالحكم يختلف بناءً على ذلك. توقيت تناول العلاج: ينصح د.الفارس المريض بأخذ الدواء قبل الوجبة بربع إلى نصف ساعة، فمثلاً عند الافطار يتناول تمرة واحدة مع علاج السكر ويتناول طعام الافطار بعد صلاة المغرب. وكذلك أخذ الدواء قبل السحور بنصف ساعة. نوعية الطعام: ويؤكد د.الفارس أن الدراسات الحديثة أثبتت أن أنواع الطعام تتفاوت بشكل كبير في سرعة رفع سكر الدم. وهو ما اصطلح عليه اسم «معامل السكري» فالأطعمة ذات المعامل العالي مثل حبوب الجلوكوز والعسل والتمر والرز والحلويات والخبز الأبيض، ترفع السكر بشكل سريع وضار مما ينتج عنه شعور المريض بالتعب، والعطش الشديدين وزيادة التبول، لذلك على مريض السكري تناول هذه الأطعمة عند شعوره بأعراض انخفاض السكر، والتقليل من تناولها في الظروف العادية ما أمكن. أما الأطعمة ذات المعامل المنخفض مثل التفاح والحليب واللبن وسكر الفاكهة وخبز النخالة وبعض الفواكه، فإنها ترفع السكر بشكل تدريجي يتناسب مع سرعة امتصاص الدواء فلا يحصل اضطراب مفاجئ في نسبة السكر في الدم. لذا ينصح بتواجد هذه الأطعمة على مائدة مريض السكري اليومية. فحص نسبة السكر: من الضروري اجراء تحليل للسكر في أوقات مختلفة من اليوم، خاصة بعد الافطار وبعد السحور بساعة أو ساعتين وكذلك في منتصف النهار وقبل الافطار، حتى يتمكن المريض والطبيب من العمل سوياً في وضع حل لأي خلل يتم اكتشافه. ارتفاع أو انخفاض سكر الدم أثناء الصيام: عند شعور المريض بأعراض انخفاض السكر مثل التعرق والرعشة والفتور العام في الجسم وزيادة عدد دقات القلب وقلة التركيز والشعور بالجوع الشديد والدوار والصداع، عليه بالافطار فوراً، وتناول أحد الأطعمة ذات معامل سكري عال مثل التمر والعسل وحبوب الجلوكوز كما سبقت الاشارة إليه. أما عند حصول أعراض ارتفاع السكر والتي تشمل الشعور بالعطش الشديد وزيادة التبول والشعور بالتعب والاعياء، ففي هذه الحالة لا بد من قياس نسبة السكر في الدم وسرعة استشارة الطبيب الذي قد ينصح المريض بأخذ وحدتين من الأنسولين سريع المفعول. يوم العيد: عادة ما يحدث تغيير مفاجئ للنظام الغذائي في هذا اليوم، فتكون الوجبات غنية جداً بالنشويات والسكريات وذات خاصية رفع السكر بشكل سريع، فلا بد أن يكون التحول الغذائي للمريض تدريجياً وأن يتجنب قدر الامكان الأغذية ذات معامل السكر العال، واستبدالها بالفواكه والخضراوات وغيرها من الأطعمة المناسبة. وختاماً لا بد من التنويه بأن مريض السكري إذا احتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى وصبر على مرضه فإن الله سبحانه وتعالى سيجزل له الثواب. وعلى المرضى الذين لا يمكنهم الصوم ألا يتحرجوا من الأخذ بالرخصة الشرعية اتباعاً لقوله تعالى:« فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر».