تجمع الكثير من الدراسات في الإدارة على أن هناك استعدادات فطرية في الإنسان تساعده ليكون مديراًَ ناجحاً متميزاً للمجموعة التي تحت إدارته والمدير الذي يفقد هذه الاستعدادات يعجز عن النجاح في عمله مهما اكتسب من خبرة واحتكاك وتجربة أو حتى حصل على كثير من الدورات في كيفية إدارة المجموعة ، وفي دراسات الخدمة الاجتماعية هناك شروط يجب توافرها في قائد المجموعة ليتمكن من قيادته بصورة مرنة ومميزة وفي التعليم تظهر هذه النقطة كثيرا .. ذلك أن كل مدرسة فيها مدير ومدرسون وموظفون وطلاب وأولياء أمور ومبنى وعُهَدْ وكل تلك الأشياء تحتاج إلى قائد محنك يستفيد منها لإنجاح الرسالة التعليمية. ولعل افتقار المدراء في هذه المدارس للقدرات الإدارية خلق كثيرا من المشاكل داخل أروقة هذه المدارس ودائما تحدث بعض المصادمات بين المدراء والمدرسين .. وهذا بالتأكيد له آثار سلبية تربوية كثيرة وعلى الرسالة التعليمية التي يحملها المعلم.. وهذا يأتي عكسيا على مصلحة الطالب .فالمشاكل لا تعطي فرصة أكبر للمعلم ليؤدي رسالته بنفسية مرتاحة وبالتالي قد يتسبب ذلك في تأثر الطلاب. ولعل أكبر الملاحظات على بعض المدراء في المدارس هي كثرة تقديم المعلمين لطلبات النقل هروباً من هذا المدير أو ذاك بحثا عن مكان مريح يستطيع أن يمارس فيه عمله وهو في قمة معنوياته ليتمكن من أداء رسالته بالشكل المطلوب والسلبيات تلك تسبب كثيرا من الارتباك والمتاعب لمراكز الاشراف التربوي وإدارات التعليم. وفي المدارس أيضا تظهر نماذج رائعة لبعض المدراء الذين يمثلون الصورة المثالية والتربوية للمدير وهو بحق واجهة جميلة للتعليم بشكل عام. ومن هؤلاء إبراهيم محمد الصغيّر مدير مدرسة ابن عبد البرّ بالنسيم بمنطقة الرياض .. ذلك أنه مثل يحتذى للمدير الناجح والحضاري والقيادي والتربوي والذي يقود مدرسته بكل إبداع ليثبت أن الإدارة فن فطري. «فالصغيّر» الذي يدير مدرسة من أكبر المدارس في الرياض استطاع أن يرتب أوراق المدرسة ويزيد من تفاعلها تجاه الرسالة التربوية .. فحقق خلال إدارته الكثير من الإنجازات .. فالمعلمون داخل المدرسة شعلة من النشاط بسبب المعاملة المتميزة التي يجدونها .. وهذه المعاملة كانت أحد الأسباب الرئيسية في خلق جو من الحب والتفاهم بين المعلمين رغم كثرة عددهم فأصبح العمل يسير بصورة منظمة دون تعقيد أو مشاكل ولعل من الغرائب أن استمارة النقل للمعلمين عادت دون أن يكتب أحد من المدرسين رغبته في النقل لأنه وجد الأجواء الصحية والمريحة لأداء رسالته. ومن المكتسبات ايضا .. ارتفاع المستوى التعليمي للطلاب، وانخفاض نسبة الرسوب .. كذلك تقلص عدد الغياب بشكل كبير خاصة في الأيام التي تسبق الاختبارات والتي يكثر فيها عادة الغياب والأيام الأولى لبداية الدراسة . وقد تلقى المدير شكرا من مركز الإشراف التربوي نتيجة النجاح في تحقيق هذه النسبة الخيالية في الغياب!!! وخلال فترة بسيطة ارتفع مستوى النشاط اللامنهجي في المدرسة ، حيث تم تفعيل دور الإذاعة المدرسية الصباحية خلال الطابور وأيضا بعد صلاة الظهر في المصلى الخاص .. وأيضا كان للجماعات المتعددة في المدرسة دور مهم في تنظيم المدرسة ومن هذه الجماعات جماعة النظام التي تقوم بدور مهم في ترتيب دخول وانصراف التلاميذ بصورة منظمة وقد حققت المدرسة إنجازا كبيرا بحصولها على المركز الأول في الإلقاء على مستوى منطقة الرياض وتلقى مدير المدرسة شكر مدير التعليم بهذه المناسبة وتلقى مدير المدرسة الشكر ايضا نتيجة المشاركة الفاعلة في مسابقة الأذكار في مدارس الحضارة الأهلية وأيضا من مركز الإشراف التربوي في المشاركة بالتوعية الإسلامية وتفعيل برامجها كما شاركت المدرسة في فعاليات مسابقة القرآن الكريم وتلقى المدير الشكر أيضا. وتم تكريم المدير نتيجة المشاركة في معرض التربية الفنية في مدرسة سعد بن أبي وقاص وكان للمدرسة مشاركة فاعلة في المسابقة العلمية الأولى في الرياضيات بمدرسة الزهري وأيضا المشاركة في اللقاء الطلابي الذي أقيم في مدارس «بدر الأهلية» وتميزت المدرسة بإدارتها الشابة والاهتمام بالظروف الفيزيقية المناسبة التي تتيح للطالب أن يستوعب شرح المعلم بصورة سريعة ومع كل تلك المميزات لهذا المدير فهو شخص متواضع ويتعامل مع الجميع دون تفريق في كسب احترامهم وحبهم وطاعتهم . إنني حينما أكتب عن هذا المدير إنما أصف الحقيقة فقط ومن باب أن يقال «للمحسن أحسنت» ولعل أن يكون في هذا المقال درس يستفاد من قبل مدراء المدارس في كيفية قيادة المدرسة للأفضل لأن ذلك كله سيعود لمصلحة العمل وإنتاجية المعلم التي تأتي بالطبع لمصلحة طلابنا. واللّه الموفق. أحمد المطرودي