عندما اعترف السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بأن الفيفا يحتاج إلى إصلاحات وتقدم سلفه البرازيلي جواو هافيلانج باستقالته من اللجنة الأولمبية الدولية، كان ذلك إيذانًا بأن يكون عام 2011 نقطة تحول بارزة في مسيرة التغيير بالسلطات المهيمنة على الرياضة العالمية. وأعلن هافيلانج 95 عامًا الرئيس السابق للفيفا استقالته من عضوية اللجنة الأولمبية الدولية في مطلع ديسمبر الحالي وذلك قبل أيام قليلة من مثوله المقرر أمام لجنة القيم باللجنة الأولمبية للتحقيق معه بشأن ادعاءات بتورطه في فضيحة الحصول على رشى من مؤسسة «آي.إس.إل» التي كانت راعية للفيفا ومالكة لحقوق البث التلفزيوني لبطولاته قبل أن تعلن إفلاسها منذ سنوات. وبرر هافيلانج استقالته بأسباب صحية ولكن الأمر المؤكد أنه أفلت من التحقيقات التي كانت مقررة معه للاشتباه في تورطه في قضية الفساد. وسبق لهافيلانج أن حقق نجاحًا هائلاً خلال فترة رئاسته للفيفا، حيث نجح في تحويل الفيفا إلى منظمة رابحة بشكل لم يكن متوقعًا من قبل كما لعب هافيلانج دورًا بارزًا في فوز مدينة ريو دي جانيرو بحق استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقررة عام 2016. وطالت الادعاءات بالتورط في الحصول على رشى من «آي.إس.إل» عددًا من أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا وكذلك بعض أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية وعدد من الاتحادات الرياضية الدولية لتحصل المنظمة في المقابل على عقود جيدة للتسويق وامتلاك حقوق البث التلفزيوني. وكان سقوط هافيلانج هو آخر الصدمات التي شهدها عام 2011 وخصوصًا أن هافيلانج نجح على مدار 24 عامًا قضاها في رئاسة الفيفا في تحويل الاتحاد إلى أغنى منظمة رياضية في العالم. وبعد الاختيار المثير للجدل في ديسمبر 2010 لكل من روسيا وقطر لتنظيم بطولتي كأس العالم 2018 2022 وعلى الترتيب، أصبحت الانتخابات على رئاسة الفيفا في مايو الماضي فصلاً جديدًا في كتاب الفضائح التي تحيط بالفيفا. وتحول الصراع على رئاسة الفيفا إلى حرب سيئة بين بلاتر ومنافسه الوحيد القطري محمد بن همام قبل أن يعلن ابن همام انسحابه من المعركة قبل يومين من موعد الانتخابات. ووعد بلاتر لدى انتخابه لفترة رئاسة رابعة بأن يكون شغله الشاغل في هذه الولاية الرابعة هو إعادة المصداقية للفيفا من خلال مجموعة من الإصلاحات. وبدأ بلاتر بالفعل في أول هذه الإجراءات بعدما عمد الفيفا إلى تشكيل لجنة للإدارة الرشيدة تتألف من 18 عضوًا برئاسة مارك بيث خبير علم القانون الجنائي بجامعة بازل. وضمت اللجنة أيضًا عددًا من الشخصيات البارزة في مجالات كرة القدم والسياسة والاقتصاد ومكافحة الفساد. ولكن أبرز القضايا التي شغلت الجميع كانت قضية الفساد الخاصة بمؤسسة «آي.إس.إل» التي لم يكشف بلاتر عن تفاصيلها حتى الآن رغم تعهده السابق بالكشف في منتصف ديسمبر عمّا أسفرت عنه تحقيقات السلطات السويسرية بهذا الشأن. وبرر بلاتر تأخره في عملية الكشف عن نتائج التحقيقات باعتراض طرف ثالث ووجود عقبات قانونية بعد الدعوى القضائية التي أقامها هذا الطرف الثالث. وأكّد بلاتر حرصه على الكشف عن نتائج التحقيقات بمجرد زوال هذه العوائق القانونية. ورددت بعض التقارير أن الأسماء المتورطة في قضية مؤسسة «آي.إس.إل» تشمل العديد من المسئولين السابقين والحاليين بالفيفا ومن بينهم هافيلانج وزوج ابنته ريكاردو تيكسييرا رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم والكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي للعبة (كاف) والباراجوياني نيكولاس ليوز رئيس اتحاد كرة القدم في قارة أمريكا الجنوبية. ويتمتع جميعهم، باستثناء هافيلانج، بعضوية اللجنة التنفيذية بالفيفا حاليًا، علمًا بأن الفيفا لم يسبق له إجراء أي تحقيق مماثل بينما عمدت اللجنة الأولمبية الدولية إلى التحقيق مع كل من بلاتر وحياتو والسنغالي لامين دياك رئيس الاتحاد الدولي لألعاب االقوى بصفتهم أعضاء باللجنة الأولمبية قبل استقالة هافيلانج بينما اكتفت اللجنة بالتحذير والتوبيخ لحياتو ودياك. وإذا كان عام 2011 بمثابة نقطة تحول فيما يتعلق بتغيير مسار القائمين على السلطة في أبرز المنظمات الرياضية العالمية، فإن عام 2012 قد يجيب على العديد من الأسئلة التي تتعلق بقضايا الفساد التي ظهرت في عام 2011م.