في كثير من الأحيان وفي ظروف ومناسبات خاصة يكون لك طموحات خاصة بك مختلفة عن غيرها. طموحات تود تحقيقها في حينها قبل أن تفقد بريقها أو قيمتها وتكمن قيمة وجمال تلك الطموحات التي تحلم بها والأماني التي تود تحقيقها، تكمن في أنها ليست لك شخصياً بقدر ما هي لأناس عزيزين عليك وقريبين منك بل إن قيمة تلك الأماني أياً كان نوعها تزداد أكثر حينما يكون هذا الشخص الذي تحبه أو تكن له معزة خاصة في نفسك هو من طلب هذا الشيء منك وتمنى أن تلبيه له لأنه يعرف من أنت. حينئذ، ماذا عساك أن تفعل؟ هل تعتذر تماماً؟ هل تطلب تأجيل الموضوع أو الطلب؟ وهل؟ وهل؟ أبداً بل سوف تفرح من كل قلبك وتضع كل مشاغلك وارتباطاتك جانباً ولا تفكر سوى في شيء واحد لا غير. وهو: كيف احقق له ما يريد بالطريقة التي يريد؟ أليس هناك من شيء آخر أقدمه له أيضاً؟ إنك هنا تفرّغ نفسك لهذا الطلب وتحاول بكل ما تستطيع أن تقدم أفضل ما لديك وأروع ما يمكن أن يعكس تلك العلاقة الوطيدة والقوية والثقة الكبيرة التي تكنها له والاعجاب الكبير لشخصيته وروحه الحلوة واخلاقه الدمثة معك بل وحتى خجله الجميل الذي يأسرك ويجذبك نحوه ويجعلك لا ترد له طلباً لانه فرض احترامه عليك منذ البداية. وهذا الشيء ليس بالضرورة أن يكون شيئاً محسوساً كهدية مثلاً بل قد تكون خدمة معينة ربما لشخص آخر وقد تكون زيارة له هو حيث يسكن وحيث يريد أن يشعر بأنك قريب منه وأنك ضحيت بشيء من وقتك من أجل زيارته ومن أجل أن تثبت له أنه لا المسافات الجغرافية ولا الظروف الاجتماعية يمكن أن تكون حائلاً دون أن تزوره وتكون قريباً منه ودون أن تشاركه فرحته بما لديه أو ما يحتفل به أو حتى ما يؤلمه ويشتكي منه. ولعل ما يُفرحك وانت تقوم بالاستعداد لتنفيذ ما يريده منك هو حرصك على تقديم هذا الشيء بشكل يرضيه. بل وبشكل غير متوقع وبه عنصر المفاجأة وانتظارك لردود فعله بعد استلامه له او رؤيته له أو سماعه عنه. وحتى لو كنت أنت لست الانسان الذي يقوم بهذا العمل بل انساناً وسيطاً فإنك سوف تزعج من سوف يقوم بهذا العمل وتتردد عليه دائماً وتتصل به باستمرار من أجل التأكد أن ينهيه في حينه وبالشكل اللائق الذي يستحق من سوف يرسل إليه أو يُعطى اياه وربما لو كان هذا الأمر لك شخصياً لما حرصت عليه بهذا الشكل ولما قلقت عليه بتلك الصورة! ولكن ماذا تقول سوى انه الحب والمعزة والمكانة الكبيرة لهذا الانسان الذي تود ان تعطيه اي شيء تستطيع عليه لانك تحترمه وتقدره وتثق لدرجة أكبر من أن توصف أو يُعبر عنها بكلمات. والغريب أحياناً أننا قد لا نحب التسوق مثلاً أو أداء عمل معين ولكن لأنه من أجل شخص معين نغير من مبادئنا وعادتنا ونحن في غاية السعادة والسرور، لأننا نشعر بمشاعر غريبة لم نألفها من قبل، مشاعر تنسينا كل شيء من حولنا وكل شيء كنا ننتقده في الماضي بل اننا نتعلم أشياء جديدة لم نفكر فيها من قبل! أليس هذا غريباً وجميلاً في نفس الوقت؟! خذ مثلاً حينما تشتري هدية ما مهما كانت بسيطة، فإنك لا ترضى بإرسالها لهذا الشخص الغالي أو اعطائها اياه كما هي ابداً، بل سوف تفكر في اي علبة اضعها فيها وما نوع الورق الذي سوف أغلفها به. وأين أجده وهل يكفي كل ذلك أم لابد من وضع لمسات جمالية أخرى خارج الهدية مع الغلاف وعناصر مفاجأة داخل الهدية وبالتالي قد تذهب من سوق لآخر ولأكثر من مرة في سبيل أن تشتري مكملات تلك الهدية من اكسسورات جمالية مختلفة ترضي ذوقك أنت شخصياً. دون أن تفكر في الوقت الضائع أو التكلفة المادية أو الجهد المبذول! ترى ماذا يمكن أن نسمي هذا؟ وبماذا يمكن أن نفسره؟ هل تعرف أنت السبب؟ إننا احياناً رغم التعب الذي نشعر به والضغوط التي تمارس علينا أو حتى الاحراج الذي نواجهه بسبب ادائنا لعمل شيء ما فإننا نشعر براحة نفسية وسعادة كبيرة تنسينا ذلك التعب والضغوط والاحراج. لأننا نمر بمشاعر غريبة مختلفة تشعرنا بقيمة أنفسنا أو على الأقل تشعرنا بأننا قادرون على التعبير عما نحب ونشعر به بطريقة عملية، طريقة تجعلنا لا نهتم بشيء أو بأي شخص كائن من كان سوى فيما بين يدينا وفيما نريد تحقيقه. انه شيء جميل بالفعل لانك تثبت من خلاله انك اما ان تعمل شيئاً صحيحاً يستحق التقديم أولا، تماماً كما هو حالك حينما لا تستطيع ان تجزِّئ مشاعرك او تقسطها، فإما ان تحب بصدق وبعمق أو لا تحب لان هذا هو نمط شخصيتك وهذا هو أنت ان احببت فإنك تعطي دون حدود لذلك فهذا هو جزء مما يضايق بعضنا أحياناً، وهو أن لديه مشاعر فياضة واحاسيس صادقة ولكنه لا يظهرها أولا يبدو عليه كذلك، ولكنه في واقع الأمر ربما كان ينتظر ذلك الانسان الذي يحلم به والذي يستطيع أن يعطيه كل مشاعره وحبه دون أن يخاف من استغلال تلك المشاعر أو عدم تقدير هذا الحب لذلك تظل مشاعرنا الجميلة الصادقة البريئة حبيسة بداخلنا حتى اشعار آخر الله وحده أعلم به. ولكن المشكلة أحياناً انك في غمرة فرحتك بانتهاء ما قمت به لأعز الناس عليك وفي انتظار ردة فعله على حصوله عليه او استلامه: أو تقديمه له يحدث ما لا تتوقعه من مفاجآت فتعكِّر مزاجك وتكدِّر صفوك وتضايقك! منها ألا يصل هذا الشيء أو العمل لصاحبه أو يتأخر أكثر من اللازم. كما هو الحال مع البريد أو أن يصل وقد شوهت معالمه أو ألا يُقَدِّر من قبل من يوصله لصاحبه وبالتالي لا يُعامل معاملة حسنة تليق بقيمته ويبدأون في توصيله له بالتقسيط كما هو الحال مع الحقائب الضائعة المحملة بالهدايا في المطارات التي ترسل لك دفعات وما عليك سوى الانتظار، وبالتالي تفقد الهدية قيمتها لأن جزءاً من جمال الهدية مهما كانت بسيطة هو وصولها في حينها وبخاصة حينما تكون لأطفال ينتظرون بشغف هديتهم. وبيني وبينكم حتى نحن الكبار ايضاً.. أليس كذلك؟ لا تقل لي أرجوك! لأنني سوف لن ....! معذرة ولا شك أنك في ظل هذه الظروف من الاحباط تتضايق ليس لأن ما خططت من أجله وما تمنيته لم يأت كما تريد فقط بل لأنك كنت تتمنى لو لم تكن أنت مصدر هذا الضيق الذي أصاب الطرف الآخر الذي يهمك أمره من جراء مشاعر الضيق لديه بسبب احباطه هو الآخر؟ ولكنك حينما تفكر بعقلانية سوف تكتشف انه ليس كل شيء نخطط لأجله نحصل عليه وليس كل ما نتمناه نجده في ايدينا ولكننا حينما ننظر بايجابية لمثل تلك الامور سوف نكتشف اموراً اخرى أكثر جمالاً، أمور أقل ما فيها أننا كسبنا أشخاصاً لا يقدرون بثمن، اشخاص لا يجود علينا الزمن بمثلهم في كل وقت. اشخاص نفخر أننا تعرفنا عليهم وكسبنا ثقتهم وحبهم واشخاص تحتم علينا علاقتنا الجميلة بهم أن نحافظ عليهم ولا نتخلى عنهم لأنهم عملة نادرة وهذا يكفي ليكونوا هم اللطف كله ونكون نحن على الوعد الذي قطعناه بأن نكون معهم ولهم فماذا أكثر؟ همسة : لا أنكر أيها الود الصافي يا من لا أستطيع أن أرد لك طلباً.. يا من لك مكانة كبيرة في قلبي.. يا من احترمك كاحترامي لنفسي.. ويا من اخاف عليك أكثر من نفسي.. *** لا أنكر.. أنني حزنت كثيراً.. أحبطت كثيراً.. استأت كثيراً.. حينما علمت.. أن ما وعدتك به.. حينما طلبته مني.. وما تعبت فيه من أجلك.. حينما أصررت عليه.. وما أعددته لك.. كي أكافئك به.. لم يصل إليه كما ينبغي! كما كنت أريده.. جميلاً كجمال روحك.. رائعاً كروعة اخلاقك.. راقياً كرقي ذوقك.. * * * ولم يقدم لك.. كما كنت أتمنى.. أن تراه بنفسك.. كي تعرف مكانتك لدي.. ومن أنت بالنسبة لي.. *** ولا أنكر حينها.. أنني تمنيت لو لم أعدك بشيء! لو لم أعدّه لك! لو لم أفكر في الموضوع! لو لم أخبرك به من الأصل! أو اوافقك عليه منذ البداية! *** ولا أنكر أيضاً.. أنني حزنت أكثر وأكثر.. خصوصاً حينما لمست بنفسي.. نبرة الحزن في صوتك. وأنت تحدثني.. وعبارات الاسف والاعتذار.. تقدمها وتكررها لي.. الواحدة تلو الأخرى.. وتؤكد عليها.. بطرق مختلفة.. وشعورك بالذنب.. من حين لآخر.. وكأنك ارتكبت جرماً في حقي! وكأنك أنت السبب في حزني.. أو في عدم ايصال ما اعددته لك.. أو ما وعدتك به.. أو في تأخيره.. أو في عدم اظهاره.. كما تريده أنت.. وأريده أنا.. * * * علماً أن ما ضحيت به من أجلي.. وما خسرته بسببي.. رغم حاجتك الماسة اليه.. في هذه المرحلة بالذات.. رغم أن ذلك كله.. وغيره كثير وكثير.. لا يمكن أن انساه لك.. أو اعتبره شيئا عادياً.. أو مجرد رد الجميل منك لي.. وكأن ما بيننا علاقة رسمية! وكأن ما يربطنا علاقة عادية! * * * نعم.. لا أنكر.. بأنني حزنت حينها كثيراً.. تألمت لأجلك.. وتعكر صفو يومي.. وما بعده وبعده.. لأن الآخرين.. لم يقدّروا ما اقدمت عليه.. من أجلك.. لم يروه.. كما أراه أنا وأنت.. ولم يعطوه ما يستحقه.. من اهتمام.. كما كنت أتمنى.. بل لأنني افسدت عليك فرحتك.. *** ولكنني.. حينما جلست مع نفسي.. حينما فكرت بعمق.. حينما نظرت بتفاؤل.. لكل من حولي.. حينها قلت لنفسي.. أليس ما قدمت جميلا؟ أليس ما قمت به رائعاً؟ أليس ما هدفته نبيلاً؟ *** فلِمَ الحزن؟ لِمَ الاحباط؟ لِمَ الاستياء؟ لِمَ اضايقك معي.. وانت نفسك يهمك سعادتي؟ تريد ابتسامتي؟ *** الا يكفي أن ما عملته.. هو من أجلك؟ ومن أجلك أنت فقط؟ ومن أجل سعادتك؟ *** ألا يكفي.. أنك أنت من كنت سببه؟ وأنت من طلبه مني؟ ذات يوم؟ وانت من كان محوره.. في كل شيء؟ *** فماذا يهمني من الآخرين اذن؟ اطلعوا عليه أم لا؟ رأوه جميلاً أم لا؟ شكروني عليه أم لا؟ *** وماذا يعنيني.. ان ابرزوه كاملاً أم ناقصاً؟ ان قدموه في وقته أم اجلوه؟ ان وافقوا عليه أو رفضوه؟ *** ألا يكفي أنك أنت وحدك.. من اطلع عليه بنفسك؟ في حينه.. قبل ان يراه الآخرون.. وعرفت أنه لك؟ وانك أنت المقصود؟ *** ألا يكفي ذلك مؤشراً.. لتعرف ما أرمي إليه؟ وما أعنيه؟ لتعرف ما أريد قوله لك؟ دون أن اتفوّه به؟ لتعرف ما الفرق.. بينك وبين غيرك؟ ولِمَ أنت دون غيرك؟ أهتم به.. افتخر به.. اسأل عنه.. اطمئن عليه.. اخاف عليه.. ألا يكفي كل ذلك.. من أجلك؟..