في يوم الخميس 7-1-1433ه تناقلت وسائل الإعلام خبر وفاة الشيخ عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان- رحمه الله- وودع وطنه ودنياه، إلى عالم غير عالمه، ومقر غير مقره، ليترك لنا نتاج فكره سنين متواصلة من العناء، والعطاء، والبحث، والتقصي. في يوم الخميس 7-1-1433ه تناقلت وسائل الإعلام خبر وفاة الشيخ عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان- رحمه الله- وودع وطنه ودنياه، إلى عالم غير عالمه، ومقر غير مقره، ليترك لنا نتاج فكره سنين متواصلة من العناء، والعطاء، والبحث، والتقصي. ومن منا لا يعرف هذا الرجل الذي عشق روح الإبداع والتفاني في سبيل النهوض بالأدب منذ نعومة أظفاره، في وقت يندر فيه من كان يفتح الخطاب ليقرؤه على الناس!! وإن كنت سأتحدث عن عبدالكريم الجهيمان فماذا سأقول؟ عن عبدالكريم الصحفي، أم الأديب، أم الناقد، أم الباحث، أم الشاعر، أم المثقف!! ولد ذلك الأديب في عام (1330ه - 1912م) في بلدة غِسلة (بكسر الغين) بالقرائن، والقرائن اسم يُطلق على بلدتي غسلة والوقف، كونهما متقارنتين (ويبدو هذا المسمى قد أطلق عليهما لاقترانهما)، ويبعدان عن شقراء حوالي 5 كيلو مترات، بل إن بلدته الوادعة التي أنجبت ذلك الرجل قد دخلت ضمن مدينة شقراء. تلقى تعليمه الأولي في نجد لدى الكتاتيب في بلدته غسلة، ثم انتقل إلى الرياض، ودرس لدى مشايخ المساجد، ثم غادر إلى الحجاز، والتحق بسلاح الهجانة في العام ذاته في مكةالمكرمة، ولبث فيه لمدة عام، ثم انتقل للدراسة في المعهد العلمي السعودي- وذلك بطلب خاص من جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله- ودرس فيه مدة ثلاث سنوات تخرج بعدها، وانتدب لإنشاء المدرسة النموذجية الأولى في مدينة السيح بمنطقة الخرج وذلك عام 1930م. وبعد مضي عام على إنشائه المدرسة الأولى في مدينة السيح، طلب منه الملك سعود - رحمه الله- أن ينتقل إلى الرياض ليقوم بتدريس أبنائه، وهو ما حصل في العام 1930م، وبقي في تعليم أنجال الأمير مدة عام واحد. وانتقل بعد ذلك إلى الظهران وأنشأ جريدة (أخبار الظهران) وهي أول صحيفة تصدر من شرق الجزيرة العربية، غير أن الصحيفة التي كان يرأس تحريرها سرعان ما أوقفت بعد أعداد قليلة، حين نشر الجهيمان بعض المقالات التي كانت تعد جريئة في وقته، ومنها مقال يدعو إلى (تعليم المرأة) ولم تكن هناك مدارس لتعليم الفتيات في أي منطقة من الجزيرة آنذاك. وفي فترة الستينات والسبعينات زار مدناً عديدة في العالم، وألف عنها العديد من الكتب، أهمها كتاب اسمه (رحلة مع الشمس)، يحكي فيه فصول رحلته العالمية حيث غادر من الشرق وعاد من الغرب، كما ألف كتاباً بعنوان (ذكريات باريس) يتحدث فيه عن مدينة باريس التي أمضى فيها قرابة الستة أشهر مطلع الستينات الميلادية. وقد تم تكريمه في أحد مهرجانات الجنادرية. ويعد الجهيمان أحد رواد التراث الشعبي في المملكة، حيث ألف موسوعة الأساطير الشعبية في شبه الجزيرة العربية، ويتألف من خمسة أجزاء، كما قام بتأليف موسوعة الأمثال الشعبية: من عشرة أجزاء. ومن مؤلفاته أيضاً: أين الطريق، ودورة مع الشمس، وديوان خفقات قلب، وذكريات باريس، ورسائل لها تاريخ، وكتاب دخان ولهب، وهو عبارة عن مجموعة مقالات أصدرها في عدة صحف سعودية منها جريدة الظهران. ويأتي ذلك اليوم الذي يعلن فيه نبأ وفاة ذلك الأديب بعد رحلة معاناة مع المرض، عن عمر يناهز المائة عام ونيف من العطاء والإبداع، ليغيب فيه عن الأنظار أديب ومثقف سعودي جاهد وجالد، ليكون أحد المبرزين في الثقافة. وبرحيل عبدالكريم الجهيمان يتوارى نجم قد لاح في الأفق، كيف لا وقد أفل ذلك النجم!! رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، ولا يسعني في ذيل ذلك المقال التأبيني لحياة ومآثر ذلك الأديب إلا أن أرفع صادق العزاء والمواساة لأبناء الفقيد وآله وأحبائه سائلاً المولى سبحانه وتعالى بأن يتغمده برحمته ويسكنه جنان الخلد إنه ولي ذلك والقادر عليه، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. مدير عام إدارة العلاقات العامة بالأمانة العامة لمجلس الوزراء