رحل شخص كريم، حباه رب عظيم بالخلق القويم والطريق المستقيم، إنه عمنا «إبراهيم» الشهم الجواد السخي المخلص الوفي الودود الأريحي. رحل عن الدنيا إلى حمى رب غفور، يا لها من دنيا الرابح فيها الصبور القانع المطمئن الزاهد فيها الشكور. لم يكن ذلك المساء جميلاً حينما تساءلت ابنتي «غيداء» وصوتها متهدج «عمي إبراهيم في المستشفى»؟! عرفت بعدها الحقيقة الموجعة والتي حاولت الأسرة التكتم عليها مراعاة لمشاعرنا.. هاتفت رفيقة دربه وشريكة عمره «جواهر» فإذا اللوعة والحزن في نبرات صوتها، هدأت من روعها وأنا التي كنت أطلب منها أن تهدئ من روعي. كم لك يا عمنا من حظوة ومكانة.. أسكنت حبك في القلوب.. أسسته شيَّدت بنيانه.. خرج من المستشفى، فرحنا وابتهجنا واستبشرنا، لكنها أيام تعد على أصابع اليد، فقد استدعى مرضه دخوله مرة أخرى أسير السرير.. وجلت قلوبنا وجزعت نفوسنا ودعونا الله أن يبدّل سقمه صحة وعافية. وأنا في طريقي إليه بصحبة ابنتي «غدير» حرصت غدير أن تكون هديتها باقة من الورود ذات ألوان متعددة، تقول إن «عمي يحب تعدد الألوان!! استقبلنا بترحاب وبوجهه البشوش وطمأننا عليه، وعاتبنا عتاب المحب لما أبديناه من وجل عليه، سأل عن الكبير والصغير، وسأل كثيراً عن والدتي أطال الله في عمرها، تبادل الحديث مع ابنتي وودعناه بدعاء ورجاء.. وبعد 48 ساعة من زيارتنا له، فإذا بنا نفاجأ بالخبر المفجع المبكي الموجع.. انتقاله إلى رحمة الله. تطلعت ابنتي «غادة» لعيني الدامعتين وهالها الذهول الذي لبسني، عرفتْ وصُدمتْ وخرّتْ على الأرض تبكي في صمت. يا لهذا الموت كم أخذ حبيباً.. يا لهذا الموت كم أدمى قلوباً.. يا لهذا الموت كم أشقى نفوساً.. ليس أصعب ولا أشد ولا أقسى من رحيله سوى تقديم العزاء لشقيقه «أبو رائد» رفيق دربه، وكانت لحظات عصيبة عشتها وعايشتها الله يعلم كيف احتملناها نحن الاثنان.. فالحمد لله على قضائه وقدره.. هو للكل «عم» هو للكل خال «هو» من خيرة الرجال، إن أردته أباً فهو للكل أب أو إن أردته أخاً فهو للكل «أخ» هو في كل الأحوال الرفيق والصديق الباذل جهداً ومالاً. عُرف عنه «برّه» بوالدته أطال الله في عمرها وصلة الرحم وحرصه الدائم على أن يجمعنا في مناسبات عديدة لحرصه على التواصل. رحمك الله يا عمنا «إبراهيم» وأسكنك فسيح جناته، وعزائي للفاضلة والدتك «حفظها الله» ولزوجتك وإخوانك وأخواتك، اللهم اغفر له وارحمه واجعل الفردوس مثواه. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. آمنة محمد الهليّل