سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. سلمان بن راشد الزياني الإنجازات الحضارية العملاقة لخادم الحرمين الشريفين
أمين عام وعضو مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث
عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وأطال عمره، شهدت المملكة العربية السعودية الشقيقة، وعلى يديه الكريمتين، الكثير من الإنجازات الإنمائية الحضارية والإنسانية العملاقة، نقلت السعودية إلى الألفية الثالثة بكل ثقة واقتدار. فقد اتسم عهد جلالته الميمون بالانفتاح الكامل على أبناء شعبه والممارسة المباشرة للديمقراطية بأكمل صورها بين الحاكم وشعبه من خلال اتباع سياسة المجالس المفتوحة باعتبارها صورة صادقة للتلاحم بين الشعب وقادته وسنة حميدة يحرص عليها الراعي، ويحتاج إليها الرعية، فهي فرصة لتبادل الآراء من أجل خدمة الوطن ونهضته والمحافظة على استقراره وأمنه ولتمكن جلالته من متابعة شئون مواطنيه أولاً بأول. وقد حدد النظام الأساسي للحكم الصادر في عام 1992م الاستراتيجية التي يجب أن تتبعها الدولة في تسيير أمورها حيث قرر أن على الدولة أن تحمي عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله وإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما بما يمكن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة وأن تحرص على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة، وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة. وللمجتمع السعودي مقومات أساسية أكدها النظام الأساسي للحكم، حيث نص على أن الأسرة هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، كما يربون على أساس احترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد والاعتصام بحبل الله والتعاون على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم. وعلى الدولة أن تحرص على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية ورعاية جميع أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم، كما عليها واجب تعزيز الوحدة الوطنية ومنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام. وتحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، وتكفل حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية، وتيسر مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل، وترعى العلوم والآداب والثقافة، وتعنى بتشجيع البحث العلمي وتصون التراث الإسلامي والعربي وتسهم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية. كما تلتزم الدولة بتوفير التعليم العام وبمكافحة الأمية، وتعنى بالصحة لكل مواطن، وتعمل على المحافظة على البيئة وتطويرها ومنع التلوث عنها. كما يضمن هذا النظام عدم جواز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام، وللمساكن حرمتها ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام. والعقوبة شخصية في النظام السعودي، ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص شرعي أو نص نظامي، ولا عقاب إلاّ على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي، وتضمن الدولة صون المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيره من وسائل الاتصال. أما بشأن إتاحة الفرصة للمواطنين بعرض شكواهم وتظلماتهم، فقد أكد النظام الأساسي للحكم بأن مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن ولكل من له شكوى أو مظلمة ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون. كما ضمن النظام استقلالية القضاء ولا سلطان على القضاة في قضائهم غير سلطان الشريعة الإسلامية، وكفل حق التقاضي بالتساوي للمواطنين والمقيمين، وبين الإجراءات اللازمة لذلك. ولتعزيز وحماية هذه الحقوق للمواطن السعودي، فقد انضمت المملكة العربية السعودية الشقيقة في هذا العهد الميمون إلى ثلاث اتفاقيات دولية متعلقة بحقوق الإنسان. ففي عام 1996م انضمت السعودية إلى اتفاقية حقوق الطفل. وفي عام 1997م انضمت إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللا إنسانية أو المهينة والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، معترفة بذلك بما احتواه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعبرة عن إيمان حكومة خادم الحرمين الشريفين بكرامة الإنسان وقدره، وبتساوي الجميع في الحقوق، وبأن حقوق جميع أعضاء الأسرة البشرية متساوية وثابتة، وأن ذلك يشكل أساس الحرية والعدل والسلام. والسعودية هي مهبط الرسالة المحمدية الخالدة، وقد تأسست لتكون دولة إسلامية متميزة تحتضن الحرمين الشريفين وتلتزم بالمبادئ الإسلامية والنهج الشرعي القويم. وقد أدى ذلك إلى تطوير مبدأ الشورى في ظل النظام الإسلامي القائم ليلائم تطلعات المواطنين السعوديين. ففي عام 1992م، أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمره الملكي السامي بالعمل بنظام مجلس الشورى الجديد الذي حل محل نظام مجلس الشورى السابق الصادر في عام 1347 هجري، وذلك عملاً بقول الله تعالى «وشاورهم في الأمر» وقوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم»، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في مشاورة أصحابه، وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة، ليصبح هذا النظام من ضمن الأنظمة الإصلاحية العديدة التي أصدرها الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وذلك بعد دراسة مستفيضة ومتأنية جعلت من هذا المجلس مؤسسة تشريعية ذات كفاءة عالية تعتصم بحبل الله وتلتزم بمصادر التشريع الإسلامي وتحرص على خدمة الصالح العام وتحافظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة ومصالح الأمة. كما أتاح هذا النظام الفرصة للمجلس في أن يدلي برأيه في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء. كما أتاحت له إمكانية مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبداء الرأي فيها، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، ومناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى واقتراح ما يراه حيالها. كذلك مكن هذا النظام المجلس من دراسة إصدار أوتعديل كافة الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات قبل أن يتم إصدارها بمراسيم ملكية وأعطى لكل عشرة أعضاء في المجلس حق اقتراح مشروع نظام جديد أو تعديل نظام نافذ ليتم عرضه على رئيس المجلس الذي بدوره يرفعه مباشرة إلى خادم الحرمين الشريفين. ومواكبة لما تشهده المملكة من تطورات في كافة المجالات، فقد سعى خادم الحرمين الشريفين في عام 1992م إلى تطوير النظام الإداري المحلي للمملكة وأصدر مرسومه الملكي السامي المتعلق بنظام المناطق وذلك بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة ورغبة في تحقيق أهداف الدولة في رفع مستوى العمل الإداري والتنمية في مناطق المملكة والمحافظة على الأمن والنظام وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم في إطار الشريعة الإسلامية. ومن خلال هذا النظام تم تنظيم مناطق المملكة وتحديد مقر إمارة كل منطقة، بحيث تتكون كل منطقة إدارياً من عدد من المحافظات والنواحي والمراكز ويراعى في ذلك الاعتبارات السكانية والجغرافية والأمنية وظروف البيئة وطرق المواصلات، ويكون لكل منطقة أمير يساعده نائبه في أعماله ويقوم مقامه عند غيابه. وعلى أمير المنطقة أن يحافظ على الأمن والنظام والاستقرار وتنفيذ الأحكام القضائية بعد اكتسابها صفتها النهائية وكفالة حقوق الافراد وحرياتهم وعدم اتخاذ اي اجراء يمس الحقوق والحريات إلا في الحدود المقررة شرعاً ونظاماً، والعمل على تطوير المنطقة اجتماعياً واقتصادياً وعمرانياً وتنمية الخدمات العامة في المنطقة ورفع كفايتها. كما عليه إدارة المحافظات والنواحي والمراكز ومراقبة أعمال محافظي المحافظات ومديري النواحي ورؤساء المراكز والتأكد من كفايتهم في القيام بواجباتهم، والمحافظة على أموال الدولة وأملاكها ومنع التعدي عليها، والإشراف على أجهزة الحكومة وموظفيها في المنطقة للتأكد من حسن أدائهم لواجباتهم بكل أمانة وإخلاص وذلك مع مراعاة ارتباط موظفي الوزارات والمصالح المختلفة بمراجعهم، والاتصال مباشرة بالوزراء ورؤساء المصالح وبحث أمور المنطقة معهم بهدف رفع كفاية أداء الأجهزة المرتبطة بهم مع إحاطة وزير الداخلية بذلك، وتقديم تقارير سنوية لوزير الداخلية عن كفاية أداء الخدمات العامة في المنطقة وغير ذلك من شئون المنطقة وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام. ولتحقيق تنمية شاملة في البلاد، فقد سخرت المملكة بأمر من خادم الحرمين الشريفين جميع مواردها التي حباها الله بها نحو هذا الهدف وتمكنت بذلك من تحقيق كثير من البرامج الإنمائية المستدامة في سبيل مستقبل أفضل للبلاد وأهلها. ويأتي حرص جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز على تنمية الموارد وتفعيل الاداء في شتى المواقع وصولا الى التنمية الشاملة والمستدامة لضمان ارتفاع دخول الافراد وتحسن معيشتهم ليتحقق بذلك للمجتمع الازدهار والرفاهية من خلال خلق صيغة تعاون دائم بين قطاعات الدولة المختلفة والمجتمع. فالسعودية تزخر بموارد اقتصادية كثيرة ومتنوعة تم توظيفها بشكل سليم مكنت الدولة في فترة قياسية من اكمال جميع ما يلزم توفيره من المرافق الحديثة والبنية التحتية، مما أعطى المواطن السعودي فرصاً واسعة لاستثمار هذه الموارد على افضل وجه ممكن. كما شجعت حكومة خادم الحرمين الشريفين المواطن لاستثمار هذه الفرص وذلك بانشاء الأجهزة المختصة للإقراض والإرشاد واصدار الانظمة والقواعد اللازمة لذلك بغرض دعم نشاطات القطاع الخاص للمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني وذلك إدراكاً من هذه الحكومة لأهمية دور هذا القطاع في العملية التنموية. وعلى هذا الأساس أنشأت الدولة صناديق التنمية لتكون قناة أساسية للتمويل المالي طويل ومتوسط الأجل لدعم القطاعات الزراعية والصناعية والإنشائية. فهناك صندوق التنمية العقارية لتشجيع المواطنين على البناء والتعمير والاستثمار العقاري، وصندوق التنمية الصناعية لاقامة المشاريع الصناعية وتوسيعها، والبنك الزراعي العربي السعودي لرفع الكفاءة الانتاجية للقطاع الزراعي وتشجيع المزارعين على استخدام التقنية الحديثة، وبنك التسليف السعودي لتقديم الخدمات لذوي الدخل المحدود من المواطنين ولمساعدة الشباب في الزواج وغير ذلك من امور، والصندوق السعودي للتنمية لتقديم العون الإنمائي للدول النامية. ومن المعلوم ان العناية بالمواطن السعودي ورعايته تعد من أهم ركائز الحكم السعودي، وهذا ما أكده الملك فهد حفظه الله في كثير من خطاباته ولقاءاته، ولذلك ارتبطت جميع خطط التنمية بطموحات المواطن وتطلعاته، وجسدت قيمه ومبادئه، ولم تخرج في أي جزئية منها عن معتقداته وقناعته. وهذه المباديء والقيم التي بنيت وتبنى عليها الخطط التنموية في السعودية انعكست على النهج التنموي الذي رسمه خادم الحرمين الشريفين وذلك في ان يكون التزام الدولة وتمسكها بمبادئ الشريعة الاسلامية والحفاظ على التقاليد والقيم الثقافية والأخلاقية المرتبطة بها، والمحافظة على الأمن الوطني والاستقرار، وإحداث نمو اقتصادي واجتماعي يلبي حاجات المواطنين ويعود عليهم بالنفع. كذلك اهتم النهج التنموي للملك فهد حفظه الله على ضرورة إتاحة الفرصة للجميع للاسهام والمشاركة في صناعة التنمية، والعمل الجاد والمدروس لتلافي أية إفرازات أو سلبيات قد تنجم عن تداعيات النمو المطرد والسريع، وتنمية المناطق بشكل متوازن، وتطوير بيئاتها وتأهيل مواردها لتعتمد على ذاتها في تحديث بنياتها المحلية وهياكلها الإدارية والتنفيذية ومؤسساتها الإنتاجية الخدمية، ودعم القطاع الخاص لتطوير نفسه حتى يصبح قادراً على الإسهام في الناتج العام وكذلك إعطاؤه مساحة ملائمة من الحرية لينمو ويشارك في تفاعلات الاقتصاد الوطني مع الاستفادة من الكفاءات الوطنية والعمالة المحلية. أيضاً اعتنى هذا النهج التنموي بأهمية تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية بين المملكة وغيرها من الدول، وتنمية الموارد البشرية باعتبارها هدفاً استراتيجياً، وتنويع القاعدة الاقتصادية، ودعم الجامعات ومراكز البحوث والتوسع في التعليم الزراعي والصناعي والمهني وما إلى ذلك ارتباطا وتوافقا مع متطلبات سوق العمل السعودي وقد أدى هذا النهج التنموي الاسلامي، الى ان تحترمه كافة الشركات العالمية المتواجدة في المملكة وتلتزم به.ومن خلال هذا النهج التنموي المتميز، عمل خادم الحرمين الشريفين على أن تكون خطط التنمية في المملكة معتمدة على ثلاثة أبعاد رئيسية وهي البعدالاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد التنظيمي أو المؤسسي. فالبعد الاقتصادي شمل بناء التجهيزات الأساسية وخاصة في مجال الزراعة والصناعة والموانئ والطرق والاتصالات والكهرباء. والبعد الاجتماعي اهتم بتلبية احتياجات المواطنين وتطلعاتهم وتوسيع وتطوير الخدمات المتعلقة بهم وخاصة في مجال التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وإتاحتها لجميع فئات المجتمع. اما بالنسبة للبعد التنظيمي أو المؤسسي فيعتبر الإطار المؤسسي الذي تتطلبه عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتوسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي مع تحقيق قدر أكبر من الكفاءة في الأداء وزيادة عالية في الفعالية. خدمات حضارية وبهذا المسار التنموي وبأبعاده الثلاثة، حرصت كل المشروعات والبرامج التنموية في المملكة على أن تتسم بالتنوع والشمول والتوازن، لذلك جاء كل موقع إنمائي قائم في المملكة نتيجة دراسة علمية متأنية تم فيها قياس تأثيراته من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وما زالت السعودية تنفق بسخاء من أجل المواطن السعودي ورفاهيته، ومن أجل الحفاظ على ثقلها الحضاري، ولم تتردد حكومة خادم الحرمين الشريفين في تنفيذ أي مشروع يخدم مصالح الشعب أو يكون فيه خير للإسلام والمسلمين. أما بالنسبة لإعمار بيوت اللّه، فقد تجلى إخلاص خادم الحرمين الشريفين وحبه للّه عز وجل في إعمار المساجد استشعاراً منه بأهميتها وغاياتها العظيمة ولتستعيد رسالتها الإسلامية في الدعوة ونشر الثقافة الإسلامية. ففي داخل المملكة، اهتم الملك فهد بتوسيع قاعدتها بحيث تشاد على أحدث الطرز المعمارية المتناغمة مع هندسة العمارة الإسلامية الشهيرة وتفرش بأزهى أنواع الفرش وتجهز بكافة التجهيزات اللازمة وتزود بنسخ حديثة من المصحف الشريف طباعة مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة . ولعل أبرز هذه الاهتمامات في هذا المجال توسعة الحرمين الشريفين وتطوير مرافق الحج لتواكب أحدث التطورات التقنية، وذلك تسهيلا من جلالته لحجاج وعمار بيت اللّه الحرام. أما على المستوى الخارجي، فإن المساجد والمراكز الإسلامية والأكاديميات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، تقف جميعها شاهدة على سخاء خادم الحرمين الشريفين الذي أعطى بلا حدود وبلا منّة. حتى ان وصل عدد المراكز الإسلامية التي أنشأتها المملكة أو ساهمت في إنشائها تجاوز 210 مراكز، بينما بلغ عدد المساجد 1359 مسجدا في مختلف أنحاء العالم. وعلى المستوى الأكاديمي، فقد اهتم خادم الحرمين الشريفين بالدراسات الإسلامية، تم إنشاء عدة أكاديميات ومراكز إسلامية منها على سبيل المثال وليس الحصر، الأكاديمية الإسلامية في واشنطن وأكاديمية الملك فهد في لندن وأكاديمية الملك فهد في موسكو وأكاديمية الملك فهد في بون ومركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي الإسلامي في ملقا والمركز الإسلامي في تورنتو بكندا والمركز الإسلامي في برازيليا والمركز الإسلامي في جنيف بسويسرا والمركز الإسلامي الثقافي في بروكسل والمركز الإسلامي في مدريد بأسبانيا والمركز الإسلامي في استراليا والمركز الإسلامي في نيويورك والمركز الإسلامي في روما بإيطاليا. أما بالنسبة للكراسي العلمية الجامعية التي أنشأها الملك فهد مثل كرسي الملك فهد لدراسات الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق في جامعة هارفارد، كرسي الملك فهد للدارسات بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. ولعل من أهم الملامح المدنية والحضارية في المملكة العربية السعودية شبكة الطرق الضخمة التي ربطت كل المناطق والأجزاء ببعضها، وهي من أعظم الإنجازات في العهد الميمون للملك فهد بن عبد العزيز وتضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة حيث بلغت أطوالها 92 ألف كيلومتر. كما أن جسر الملك فهد الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين في 26 نوفمبر 1986م وسمي باسمه، جاء ليخلد اسم الملك فهد وليربط الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية بدولة البحرين وليكون همزة وصل تنشط من خلاله حركة نقل الأفراد والبضائع ويزداد حجم التبادل التجاري لكلا الدولتين. المواقف الشجاعة وعلى الصعيد الدولي، فإنه من خلال السياسة الخارجية الحكيمة التي رسمها خادم الحرمين الشريفين، تمكنت المملكة من أن تحتل مكانة مرموقة ومتميزة وبحضور مميز في مختلف الأصعدة سواء منها العربية أو الإسلامية أو الدولية. فقد اهتمت المملكة بدعم التضامن العربي والإسلامي والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية العادلة وخدمة الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم والمحافظة على الاستقرار والسلام العالميين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتكريس الجهود لتعزيز التعاون الدولي ضد سياسة العدوان واحترام سيادة الدول واستقلالها والسعي لحل الخلافات التي تنشأ بين الدول بالطرق السلمية. ومع بداية عهد الملك فهد الميمون، انطلقت مسيرة مجلس التعاون الخليجي التي من خلالها تم ربط الدول الشقيقة الست في علاقة تعاونية وتكاملية وثيقة وهادفة تجسيدا للروابط العميقة والوثيقة التي تربط شعوب هذه الدول ولتوفر السمات المشتركة بينها والأنظمة المتشابهة التي تحتم التشاور الدائم بين قادتها أصحاب الجلالة والسمو من أجل تحقيق أهداف شعوبها في النهضة والوحدة والازدهار. وتتعدد إسهامات خادم الحرمين الشريفين في تفعيل دور هذا الكيان الخليجي الشامخ، فقد كان جلالته دائماً حريصاً على سلامة مسيرة المجلس، وسعى لتذليل كل الصعاب التي واجهت هذا المجلس في حل مختلف أنواع الخلافات التي طرأت بين دول المجلس، وعمل باستمرار على دفع جهود المجلس لإنجاز أهدافه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وللموقف الشجاع للملك فهد من العدوان العراقي الغاشم على دولة الكويت الشقيقة وغزوه لها، في الثاني من أغسطس عام 1990م، وقفة لا بد منها. حيث يتذكر العالم أن الملك فهد وبعد أن استنفد جميع الوسائل السلمية لإزالة آثار ذلك العدوان عن الشعب الكويتي الشقيق، قد نهض بمسؤولياته التاريخية بكل قوة وحزم، وأصدر قراره التاريخي بالاستعانة بقوات شقيقة وصديقة لمساندة قوات دول مجلس التعاون الخليجية لتحرير الكويت من أيدي القوات العراقية الغازية. ويبقى السجل الناصع لخادم الحرمين الشريفين شاهدا على منجزاته الحضارية والإنسانية العملاقة التي لا تعد ولا تحصى. فبفضله، بعد اللّه عز وجل، استطاعت المملكة العربية السعودية أن تحقق مسيرة تنموية متقدمة اقتصادياً واجتماعياً، تستحق أن تفخر بها. فهو حقا شخصية تاريخية، جمعت كل خصال الزعامة، والقيادة المتمكنة، والحكمة والاعتدال، والإرادة الشجاعة. فحياة خادم الحرمين الشريفين حافلة بالمنجزات والعطاء مكنته من أن يكون، وباقتدار، من القادة والزعماء العرب البارزين، الذين يحظون بالاحترام الكبير والاهتمام البالغ والحضور القوي المميز على الساحة العربية والإسلامية والدولية، نظرا لما يتمتع به من سياسة حكيمة ومصداقية ومواقف أهلته لهذه المكانة المرموقة بين زعماء الدول في العالم. فهنيئا للسعودية بهذا الزعيم العظيم، داعين المولى عز وجل أن ينعم عليه بنعمة الصحة والعافية وطول العمر وأن يحفظه وأن يسدد على درب الخير خطاه، وأن يحفظ لنا أخاه القائد الأعلى لمسيرة نهضة البحرين حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير دولة البحرين المفدى وإخوانهم أصحاب الجلالة والسمو ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي وكافة شعوب دول المجلس، ضارعين إلى المولى عز وجل أن ينعم علينا جميعا وعلى الأمتين العربية والإسلامية بنعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء .. إنه سميع مجيب.