اللقطة ما يوجد ساقطاً فيلتقط من مال أو متاع أو غيره.. وغليس الذي أضيف إلى اللقطة.. شرير مشئوم.. ذهب من أهله لطلب السلب والنهب، والبحث عن الجريمة.. فوجد من هم على شاكلته، فكوّنوا عصابة تلتمس الغرّات، وتتبع الغفلات. أغاروا يوماً على عرب فشعروا بهم وخفّوا للفتك بهم، ففتكوا وأبادوهم، وظل رمق قليل في غليس ولما مكث في مكان المعركة ثلاثة أيام يقاسي جراحه، ويعاني آلامه ويحثو التراب على الجوارح التي يراها حوله تنهش لحوم رفاقه.. وإذا بظعن يقبل عليه.. رجل وامرأته وإبلهم وماشيتهم، فعرّجوا على مكان المعركة، ووجدوا هذا حياً فرقوا له ورحموه وأرادوا أن يعملوا فيه خيراً وينالوا بسببه أجراً ويبذروا فيه معروفاً فحملوه وظلوا يداوون جراحه، ويطعمونه خير طعام، ويعطفون عليه كل العطف حتى برئ واستكمل قواه. وفي غيبة من صاحب البيت يوماً من الأيام راود زوجته عن نفسها، فماطلته لكي تتخلص منه بأسلوب مناسب.. ولما قدم زوجها أخبرته الخبر وجعلت تتفاهم معه على الطريقة التي تسرّحه بسلام بحيث عملوا الخير أولاً ولا يريدون أن يكدروه ثانياً، فلما رقد صاحب البيت تسلل إلى بندقيته فأفرغها في رأس صاحب البيت وقامت امرأته فزعة مرعوبة وامتطت صهوة الفرس وهامت على وجهها في ظلام الليل وحتى الظهر من اليوم الآخر، حيث وجدت فريقاً تلجأ إليهم فسقطت على الأرض مغمى عليها ولما أفاقت أخبرتهم بكامل القصة ووصفت لهم هذا الرجل غليس بأوصافه الخلقية وعلاماته الفارقة، وكان ابن لهم شرير جاءهم خبره أنه قتل من قتل من اللصوص في المكان الفلاني كان يحمل هذه الأوصاف تماماً فلعله كان مصاباً ولم يمت ففعل هذه الجريمة. قال الشيخ أبوالعائلة: إن هذه الأوصاف تنطبق كل الانطباق على ابننا فلان فاثنان منكم ينطلقان على فرسيهما ويتعرفان على هذا الشرير، فإذا وجدتماه فلاناً الذي ينطبق النعت عليه فاقتلاه وأتياني بالإبل وسائر المتاع لأهدئ روع هذه المرأة وأعيد إليها شيئاً مما فقدته، وفعلا ذهبا فوجداه أخاهما فقتلاه واستاقا الإبل وحملا المتاع وسلمها الشيخ للمرأة وبقيت لديهم في جوار عزيز واطمئنان وأمن. وهكذا يقضى على الجريمة في وسط لا تسوده غير عاطفة الخير ولا يحكمه إلا تعالي النفوس عن الرذيلة وحبها لشيوع الفضيلة. واستشهد بعضهم بالقصة في هذه الأبيات: الطيب ما ينبذر بالهيس يجزاك بالعكس بأفعاله عليْ وردت سواة غليس باللي من المعركه شاله عقب الجمايل ومره بليس جازاه بالبوق واغتاله سعود بدر المقاطي - من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية تأليف منديل الفهيد.