البداية كانت من سوق الماشية ذلك الجمع البشري والاقتصادي، وتلك الأنعام من فصيلة الأغنام والماعز منها السمين والهزيل والكبير والصغير والغالي والرخيص.. ذلك المكان يرتفع فيه صوت الدعاية الفورية.. وخلال جولة عابرة لفت نظري ذلك الخروف الذي يبدو عليه الصحة والعافية ورأيت أنه مناسب لكي يكون (ضحية) يقصد بها وجه الله وكانت بورصة الأسعار تتراوح بين 1500 إلى 2000 ريال وما قل عن ذلك ضعف عظمه أو قل شحمه ولحمه أو كبر سنه.. المهم انطلقنا بذلك (الكبش) إلى المكان المعد لإقامته والذي بالطبع لم يكن فئة خمسة نجوم في مزرعة قريبة.. ويبدو أن الخروف لم يطِب له البقاء منفرداً حيث كان أول الواصلين إلى (حظيرة الموت) وكان يشم رائحة الموت من خلال مشاهدته (للمسلخ القريب) وبدأت عليه الوحشة والارتباك وعلامات الذهول.. وكأنه يفكر في الخروج والهروب.. وقد وجد ظالته من خلال فتحة أسفل الشبك الذي يقطن فيه فانطلق بقوة محدثاً طريقاً للخروج وهام على وجهه في الصحراء يمنة ويسرة محاولاً طلب اللجوء لبعض المزارع والاستراحات ومربي الماشية.. وحب الحياة جعله يبتعد عن الأنظار ولم تجدِ مسألة البحث والاستكشاف لمدة طويلة حتى وصلت إلى مرحلة اليأس ويبدو أنه حصل على فيزة دخول وإقامة مجانية مع مجموعة من الأغنام.. وكل ما عمله هذا الخروف هو الهروب من رائحة الموت والحبس الانفرادي مع أنه لم يتعرض إلى تعذيب نفسي أو جسدي آخر.. فكيف نقارن هذا الخروف مع مئات المضطهدين في بعض الدول العربية والذين يشمون رائحة الموت يومياً أمامهم في شوراعهم وأزقتهم وأحيائهم وميادينهم.. بل يتعرضون للأذى والظلم والإهانة ليس من عدوهم بل من حكوماتهم ودولتهم.. إن هذا الخروف قد يكون أفضل حالاً فقد وجد ملجأ آمنًا يأوي إليه.. لكن هؤلاء العزل يشكون أمرهم لله.. فقد أصبحوا (ضحايا) لنيران وأسلحة صديقة (عفواً) كانت ولكنها أصبحت عدوة وبلا رحمة.. ويبدو أن (مكنة) القتل والدمار هي الصوت العالي وهي لغة الحوار مع الأسف وسالت دماء وأزهقت أنفس نرجو لها الرحمة.. وأنا هنا أدعو إلى مراجعة النفس وصحوة الضمير وأن يعم السلام والاستقرار جميع الأوطان العربية والإسلامية والعالمية.. وأن يكون العيد مفتاحًا جميلا يصفي النفوس ويحترم المشاعر وكرامة الإنسان وحقوقه في العيش فوق تراب وطنه بكل طمأنينة.. ونحن في هذا الوطن الغالي نشكر المولى عز وجل أن هيأ لنا حكومة عادلة تحرص على مصالحنا وتسر على أمننا وفقها الله إلى كل خير. [email protected]