أجمع عدد من الدعاة والمنتسبين للدعوة إلى الله على أهمية البرامج التوعوية والإرشادية التي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج والعمرة والزيارة بهدف توعية ضيوف الرحمن، وإرشادهم لأداء المناسك على وفق ما جاء في الكتاب والسنة، مقترحين زيادة أعداد الدعاة، وكبائن ومراكز الإرشاد وإجابة السائلين في منطقة المشاعر المقدسة، ومنطقة المسجد الحرام، والمسجد النبوي وداخلهما، وكذا زيادة أعداد المترجمين، وحث الجهات المعنية بالحج في بلدان العالم الإسلامي بتوعية حجاجهم توعية مكثفة قبل قدومه إلى الحج. المشاهد أكثر تأثيراً في البداية، قال الشيخ نايف بن محمد اليحيى عضو الدعوة والإرشاد بمدينة بريدة: لقد أخبر الله - سبحانه - عن حال الناس في الحج أنهم يأتون (من كل فج عميق) بذلوا كل غال ليؤدوا هذه الفريضة، وهذا مما يرفع واجب التوجيه والإرشاد لدى كل من كان له استطاعة على ذلك، ولوزارة الشؤون الإسلامية جهد ملحوظ مشكور في هذا الشأن، يبصره كل ناظر إلى مراكز الإفتاء، والكتب النافعة التي بيد أغلب الحجاج، والبرامج التي تقدمها في عدد من القنوات الفضائية، والمترجمة بعدة لغات، والمرجو من الوزارة أن تزيد وتكثف من هذا الجهد ليعم النفع، فالأمانة قد علقت فيها، والمسؤولية قد أنيطت بها. واقترح أن يضاعف عدد الدعاة المشاركين في توعية الحجاج حيث إن عدد الحجاج كبير جدّاً وتواجد الدعاة تحت مظلة الوزارة، وتكثيف مراكز الإفتاء، ويستعان بالأكفاء من سائر القطاعات، وزيادة عدد المترجمين، وهذا مطلب مهم لإيصال الخير لضيوف الرحمن الذين يشكل غير العرب نسبة كبيرة منهم، كما ينبغي أن توفر نساء داعيات يقمن بتعليم النساء ودعوتهن. وقال: إن المطوف حلقة وصل بين الحجاج الذين معه وبين الداعية، فمن المهم أن يفعل التنسيق بين المطوف وبين الوزارة، ولو ألزم المطوفون بتوفير الميكرفونات ليصل الصوت جميع الغرف لكان حسناً، فكثيراً ما يزورهم الدعاة فيجدونهم متفرقين في غرفهم فيصعب زيارة كل بغرفته، بارك الله في الجهود، وسدد الخطا، إنه سميع مجيب. تصحيح المفاهيم أما الشيخ محمد بن عبد العزيز المطرودي عضو الدعوة والإرشاد بنجران وعضو اللجنة الاستشارية لمؤسسة الراجحي الخيرية فيقول: إن توعية المسلمين بأمورِ دينهم عَمَلٌ مُسْتَبْصِرٌ، خاصةً فيما يتعلقُ بأركانِ الإسلام، وفرائضهِ الواجبة، لا سيما في موسمِ الحج الذي تحتشدُ له الجموعُ من كل فجًّ عميق، وكانَ من عمل النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه يطوف على قبائلِ العربِ في الموسم طالباً النُّصرة كي يبلِّغ رسالةَ ربه، والإمكاناتُ التي توفرها الأمانةُ العامة للتَّوعية الإسلامية رائدةٌ في التواصل مع الحاجِ - والمستفتي خاصةً - بشكلٍ مباشرٍ وسريعٍ ؛ فهذه جموعٌ متباينة في أخلاقها وعاداتها ولغاتها ولهجاتها، مما يتطلبُ كفاءةً عاليةً في الاستعدادِ العلمي والشَّرعي، والنَّفسي، والتقني، والفني، وهذا ما تطّلعُ الأمانةُ بتطويره ومتابعته والحرص على نجاحه. وأكد أن أعظم ما يشغلُ البال تصحيحُ المفاهيم الإسلامية في العقيدة والدَّعوة، والأخلاق والسُّلوك، فهؤلاء الحجاج نعدهم نقباءَ ودعاةً إلى ما يحملون من عقيدةٍ طيبةٍ وأفكارٍ حسنة ؛ نعلمهم إياها، ونحثهم عليها، لا سيما مع تنامي الجهود التنصيرية وغيرها التي تريدُ الوَهَنَ للدينِ ودولتهِ وأهلهِ، وقال: إن من أهم ما ينبغي الاهتمامُ به أنْ يقومَ المسلمُ بأداءِ فريضة الحج كما ينبغي؛ ويمكن تطوير ذلك من خلال معهدٍ متخصصٍ بتعليم الحج والعمرة، فهو من أدق المعاني، والإفتاءُ فيه أمرٌ يحتاج إلى مَلَكِة علميةٍ، وفطنةٍ، ويمكن أن تقدم هذه الخدمة الجليلة للدعاة الذين لم تسبق مشاركتهم في التَّوعية، حتى يزداد عدد المفتين، وكذلك للمطوفين، ومشرفي الحملات، وبهذا نَكْسِب أجوراً عظيمة، ونُعَلِّم المسلمين بطريقٍ مختصر ما يهمهم في شؤون دينهم، وغنيٌ عن القول ما تلقاه هذه المشروعات من دعم الدولة - وفقها الله - فهو جزءٌ من نظامها وسياستها. الصبر والأناة ويؤكد الشيخ محسن بن سيف الحارثي مدير مركز الدعوة والإرشاد بمنطقة نجران: أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لها دور مؤثر وبارز في خدمة حجاج بيت الله الحرام فهي لا تدخر جهداً لراحة ضيوف الرحمن والاهتمام بالحاج وتعليمه وإفادته حتى يتمكن من تأدية هذه الفريضة العظيمة على الوجه المطلوب من خلال جهاز التوعية الإسلامية في الحج الذي يشرف على اختيار الدعاة ليستقبلوا الحجاج في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية ليتم توعيتهم وتعليمهم أمور دينهم، وأحكام حجهم وعمرتهم والإجابة على أسئلتهم واستفساراتهم، والوزارة تقوم على تكليف جميع الدعاة لهذا العمل الجليل فنجد الدروس والمحاضرات والندوات والكلمات الوعظية في جميع منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية وكذلك نجدها في الأماكن القريبة من تلك المنافذ، وهذا من أهم وأسمى أهداف التوعية الإسلامية وكذلك يتم تكليف بعض الدعاة والمترجمين باللغات المختلفة لتعريف غير متحدثي اللغة العربية بفريضة الحج، وهذا يتطلب من الدعاة التزود من العلم مع التحلي بالصبر والأناة والحلم؛ لأنهم يتعاملون مع ضيوف الرحمن الذين جاؤوا من كل فج عميق بطباع ولغات مختلفة ويرغبون أن يتمكنوا من تأدية مناسك الحج على الوجه المطلوب، وأما آليات التطوير لتفعيل العمل الدعوى هي استقطاب العلماء والدعاة وطلبة العلم والعمل على زيادتهم لهذا العمل الجليل, وكذلك زيادة عدد الكبائن الخاصة بالفتوى في المشاعر وذلك لما رأيناه في أثناء عملنا بالحج من ازدحام شديد على هذه الكبائن. الأداء المتنوع وقال الدكتور محمد بن عبدالرحمن العمير الأستاذ بجامعة الملك فيصل بالأحساء: إن المتابع للجهود التي تبذلها وزارة الشؤون الإسلامية في خدمة ضيوف الرحمن يلحظ تطوراً كبيراً في الأداء والتنوع، ولا شك أن هذا التطور قد جاء بعد فضل الله نتيجة للتخطيط والرغبة الأكيدة في الارتقاء ببرامج التوعية. واقترح وضع خطة إستراتيجية تبنى على دراسة للواقع تحدد الرسالة والرؤية والأهداف، ويوضع لهذه الإستراتيجية خطة تنفيذية تحدد البرامج والوسائل والجهات المسؤولة عن تنفيذ كل برنامج وما يحتاجه كل برنامج من دعم مادي وبشري، وتكليف متخصصين في مجالات متعددة بإجراء دراسات علمية تهدف إلى كشف أهم البرامج، وأكثرها فائدة، ثم توظف هذه الدراسات في بناء البرامج المناسبة، وقال: إن من أهم ما يفيد في إنجاح كل مشروع أن يكون بين المؤسسة منظومة من الاتفاقيات والشراكات مع الجهات ذات العلاقة لتتكامل معها الجهود، ومن أهم الجهات التي تفيد في برامج التوعية، الجهات الإعلامية المحلية والعالمية، والجامعات، والسفارات والملحقيات الدينية، والجهات الأمنية والمنافذ الحدودية والمطارات. ودعا د. العمير إلى الاستفادة من جميع وسائل التبليغ المسموعة والمرئية، ويأتي في مقدمتها برامج التلفاز بما يغطي أكبر عدد من اللغات، من خلال أكبر عدد من الفضائيات، والإذاعة، ويمكن في هذا الصدد بث إذاعات بلغات على (إف إم) تغطي المشاعر، ومن ذلك أيضاً نشر ومضاعفة أعداد اللوحات الإرشادية الكبيرة في الشوارع الرئيسة التي تلخص أهم الأفكار على شكل رسائل مختصرة، أو برسومات توضيحية مفهومة، والتواصل المبكر مع الحجاج عبر حكوماتهم، وعبر مؤسسات الطوافة وحملات الحجاج للتنسيق بشأن توعية الحجاج قبل قدومهم، ويمكن أن يصار إلى صيغة شبه ملزمة لكل جهة مسؤولة أن تنظم برامج توعية للحجاج قبل قدومهم، ويمكن أن تشارك الوزارة في تقديم الدعم العلمي لهذه البرامج، وتوظيف التقنية الحديثة من خلال المواقع الإلكترونية، ومن خلال خطوط الهاتف الساخنة على مدار الساعة، ويمكن أن يكون الجواب مباشراً من أحد المشايخ، ويمكن أن يكون بشكل آلي. وقال: إن من أهم فوائد الحج الارتقاء بعلم الحاج وزيادة إيمانه، ومن المفيد في استمرار هذه الوسائل أن يزود بما يبقى معه من مواد علمية نافعة كالكتب والأشرطة التي يتعدى نفعها إلى غيره، وأن يكون للدعاة والمشايخ برنامجاً غير الفتوى، ترسم معالمه، وتحدد موضوعاته على حسب الحاجة والأولوية، ويطلب من المتحدثين التحضير له مسبقاً، وإعطاء شيء من التدريب والتأهيل لكل من سيشارك في البرامج توضح له المهمة المطلوبة منه، ووسائل إنجاحها، وتشرح له رؤية الوزارة والأهداف القريبة التي تريد تحقيقها في الموسم، هذا الأمر مهم وهو من بديهيات التخطيط الإستراتيجي لكي تتوجه جميع الجهود وتتسق في تحقق الرسالة والرؤية، والاستفادة القصوى من مكاتب الدعوة في جميع المناطق والمحافظات، وتكليفها بإجراء برامج للحجاج القادمين من جهاتها، وتوعيتهم قبل الحج، ويمكن أن يصار إلى صيغة مناسبة بوجوب حضور كل حاج لدورة علمية حول الحج في بلده، وتشارك الوزارة في دعم هذه الدورات بالمناهج العلمية الموحدة، هذا ما تيسر تدوينه، كما أن مما يفيد في باب التخطيط أن يكلف فريق علمي متخصص لتصميم عدد من الاستبانات يستهدف بها شرائح متنوعة من العلماء والدعاة والمسؤولين والمهتمين، بالإضافة إلى عامة الناس لاستجلاء آرائهم ثم تدرس هذه الاستبانات وتحلل ويستفاد من نتائجها.