نعم نبايعك مثلما بايع أجدادنا الأولون أجدادك الأولين، على الولاء المطلق بالمكره والمنشط والوفاء لهذا الوطن الغالي ولهذه الأسرة المباركة النجيبة التي حافظت على كرامة العربي أينما كان وحيثما وجد وذلك منذ أن رفرفت راياتكم العليا فوق هذا الثرى الطاهر، حيث الصحاري الممحلة والفيافي الفقيرة وحيث يموت الطائر عطشاً وهو يحلق في سماءاتها الشاسعة التي تفتقر إلى الأنهار والبحيرات بل وحتى الغدران في أزمنة الشح والجفاف واليباب المريع وحيث صمدت هذه الأسرة المتكررة الأمجاد أمام كل الصعاب والخطوب ومحاولات المحو فكلما انتهى حكم أعادوه ببسالة نادرة وبأروع مما كان لذلك ليس غريباً أن ينظر المؤرخ الرائع أمين الريحاني إلى لوحة فوق مجلس عبدالعزيز (الباني والمؤسس والموحد) لهذه الجزيرة العربية ويقول له بكل الصراحة التي عُرف فيها أمين الباحث عن أي أمل في حاكم عربي جديد يُعيد للأمة أمجادها، لذلك نهض الريحاني وأخذ يقرأ بصوت مسموع: (نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا). ثم اتجه إلى عبدالعزيز وقال له: إن صواب البيت يا طويل العمر هو (أن نفعل فوق ما فعلوا) لأنك فعلت ما لم يفعل الأوائل. والريحاني حينما قال ذلك فلأنه من خلال خبرته التاريخية والسياسية والأدبية كان يدرك تمام الإدراك أن لكل (زمان دولة ورجال) فزمان عبدالعزيز بن عبدالرحمن ليس زمن عبدالعزيز بن محمد، وزمن سعود بن عبدالعزيز ليس زمن سعود بن عبدالعزيز الأول وزمن فيصل بن عبدالعزيز ليس زمن فيصل بن تركي العظيم. وزمن عبدالله بن عبدالعزيز ليس زمن عبدالله بن سعود آخر أمراء الدولة السعودية الأولى. أي إنني أريد أن أقول وبكل (ثقة بالتاريخ) إن هذه الأسرة المباركة (آل سعود) هي أسرة منجبة للحكام العظام مهما تغيرت الظروف والأزمنة والأحوال وهذا مجد متفرد اختصت به هذه الدوحة المباركة والوارفة بالظل والخير وينطبق عليها ما قاله الشاعر القديم: كلما غاب سيد جاء سيد قؤول لما قال الكرام فعول ولذا حينما يغيب (سلطان الخير) فلا غرابة أن يحل مكانه (نايف) الأمن والأمان والرؤية الثاقبة والإدارة الفذة والرأي المقنع والحكمة الصائبة والتجربة العريقة.