اليوم جميع الأحاديث في كل مكان من بلادنا عن فقيد هذا الوطن سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز- رحمه الله-، ولكن من يستطيع أن يلم بكل الجهود والمعطيات لشخصية هذا الرجل الذي هو مثل البحر باتساعه وعمقه وعطاءاته لوطنه وللعالم أجمع؟.. لقد أُتيحت لي فرصة أثناء عملي الصحفي أن أقترب من فقيدنا الغالي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وقد سافرت معه في رحلات داخلية وخارجية عدة، وكان يتفقد مَنْ معه، ويتبسط معهم ويمازحهم، ولا يأكل إلا وهم حضور معه جميعاً.. ثم هو دائماً متقد الذهن، يأخذ مصلحة وطنه فوق كل اعتبار.. وهو في جميع تصرفاته مع من حوله ومع من يقابل في سفرياته الخارجية يعامل الجميع سواسية، يفعل ذلك بدبلوماسية أنعم من الحرير.. فإذا جاء من ينبهه عن العدو قال: انتظر فإذا ذلك البعيد يصبح قريباً. إن الأمير سلطان رجل دولة من الطراز الأول.. وهو قد عاصر ستة ملوك.. ثم هو قارئ محايد، لا يترك شيئاً كُتب عن التاريخ والسياسة والحكم والعلوم والثقافة والقراءة. أما عن أعمال الخير لدى سموه فحدِّث ولا حرج، خاصة للفقراء، فهو الذي يسعى إليهم ويطلب منهم أن يقولوا له عن حاجاتهم بل إن كلمته دائماً للفقير (اطلب)، ومواقفه مشهورة في أعمال الخير. ويقول سمو الأمير نواف بن فيصل بن فهد وهو حفيده: إن أعمال الخير التي بذلها كثيرة جداً، والمعلَن أقل من الواقع الفعلي.. وإذا اقترح أحد مقداراً ووصل إليه ضاعفه، ثم هو معنا دائماً في دعم الشباب. مرة اشتكى له مواطن بأن إحدى الجهات تريد أن تخرجه من مسكنه المستأجَر الذي يظله مع عائلته؛ فغضب وقال «الدولة تسعى إلى إسكان المواطن سكناً مريحاً لا إخراجه من المنزل»، وأمر بشراء هذا البيت ومنحه لذلك المواطن فوراً. ثم هناك قصة تلك المرأة في النيجر التي شاهد لها فيلماً وهي تحفر بيوت النمل لتأكل مما جمع النمل من الطعام؛ فبكى ثم أمر بإرسال قوافل إغاثة إلى النيجر لكل محتاج. واهتمامات سموه ليس لها حدود بل تشمل بلاد العالمَيْن العربي والإسلامي، وتشكل كل احتياجات الإنسان وإبداعاته. عزاؤنا للوطن ولمليكنا عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولأشقاء الفقيد ولأبنائه وبناته. والحمد لله على كل حال.