ونحن نترحّم على سلطان بن عبد العزيز ونشيّعه إلى مثواه الأخير، فإننا نودّع ركناً من أركان هذا الوطن، الذين أفنوا حياتهم في ترسيخ وجوده والعمل على تحصين حدوده براً وبحراً وجواً. أمضى سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - حوالي السبعين عاماً، وهو يكدح مع أشقائه ورجاله في دفع عجلة التنمية في المملكة، منها ما يقارب الخمسين عاماً في تأسيس قوات مسلحة عصرية حديثة، من حيث العنصر البشري، ومن حيث منظومات التسليح، ومن حيث البنية التحتية والتجهيزات المعمارية. وفي ظل توليه - رحمه الله - لوزارة الدفاع والطيران، تكلّلت نتائج الحروب التي خاضتها قواتنا المسلحة بالنصر والتوفيق ولله الحمد. وأصبحت الخطوط السعودية إحدى أكبر شركات النقل الجوي على مستوى العالم. وفي ظل نظرته البعيدة المدى، تحوّلت القوات المسلحة من مجرّد جيش، إلى مؤسسة تنموية عملاقة، لها إسهاماتها الماثلة للعيان في مجالات التعليم والصحة والصناعة ونقل وتوطين التقنيات العلمية المتقدمة، بل لقد كانت رائدة في مجال تحقيق التوازن التنموي والاقتصادي بين مناطق المملكة، من خلال انتشار مكوّنات وزارة الدفاع والطيران على اتساع خريطة المملكة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. والحقيقة هي أننا برحيل سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - فقدنا علماً من أعلام الإنسانية الذين عُرفوا بإسهاماتهم السخية في حقول الإغاثة والعون ومد يد الرحمة والإحسان إلى البشر، بصرف النظر عن لونهم وجنسهم وانتمائهم. وطبعاً فلقد كان للعالم الإسلامي نصيب الأسد والحظ الأوفر من عطاءاته وكرمه. إنني أعزّي في سلطان خادم الحرمين وأشقاءه من أبناء الملك عبد العزيز، وأخصّ منهم نائبه الأمير عبد الرحمن ونائبه الأسبق الأمير تركي ورفيق دربه الأمير سلمان بن عبد العزيز. كما أعزّي أبناءه وبناته والشعب السعودي وخاصة رجال القوات المسلحة، الذين هم على رأس العمل أو المتقاعدين الذين عملوا تحت قيادته. تلك القيادة الفذّة التي جمعت نقائض الحزم والعطف، والانضباط والرأفة، والدقة والسخاء. أسأل الله تعالى أن يتغمّده برحمته وأن يحفظ له تلك الابتسامة المشرقة في الدنيا والآخرة، وأن يجزيه بالإحسان إحساناً وبالتقصير عفواً ومغفرة ورحمة، وعزاؤنا هو أنّ الله قد مدّ في عمره حتى رأى ثمار غرس يديه وقد أثمرت وأينعت. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. عميد ركن (متقاعد)