رحم الله الأمير سلطان، وأجزل له الأجر والثواب من عنده، وجبر مصيبتنا فيه، فقد كان بالفعل واحداً ممن عملوا بجد وإخلاص في بناء مؤسسات هذا الوطن، وبالذات وزارة الدفاع والطيران التي حظيت منه باهتمام كبير، فجعلها بالفعل من أهم مؤسسات الدولة العملاقة، وأكثرها منشآت، وتجهيزات حديثة ومتطورة. إضافة إلى أن الأمير سلطان كان يضرب به المثل في الكرم والأريحية والمواقف الإنسانية، حتى أصبحت (يمنى سلطان) كناية عن الكرم، و(حجاج سلطان) كناية عن البشاشة وطيب الخلق وحسن استقباله لضيوفه مضرب مثل تسير به الركبان، ويتحدث عنه الصغار قبل الكبار، ويكاد يتفق عليه السعوديون وغير السعوديين. ولعل (مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية)، وهي مؤسسة خيرية شامخة، تجسد حبه للعمل الخيري والإنساني، وقد شملت مشاريعها أغلب مناطق المملكة ثم امتدت إلى خارج المملكة، حتى أصبحت بالفعل مثالاً يُحتذى به في العمل الخيري والإنساني. ومن أهم مشاريعها القائمة فعلاً مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية في بنبان في مدينة الرياض. وبرنامج سلطان بن عبدالعزيز للاتصالات الطبية والتعليمية. ومشروع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود للإسكان الخيري. وهذا المشروع تحديداً، هو أحد مشاريع المؤسسة الضخمة، ويهدف إلى تأمين السكن المناسب للمحتاجين في مناطق المملكة المختلفة، مثل إسكان القحمة (100 وحدة)، إسكان تبوك (100 وحدة)، إسكان حائل (100 وحدة)، إسكان نجران (120 وحدة)، وإسكان مكةالمكرمة وهو الأضخم من بين المشاريع، ويبلغ 180 وحدة سكنية. أما خارج المملكة فقد أقامت المؤسسة المدرسة السعودية للأيتام في إسلام أباد في باكستان، والمشروع الطبي بكشجري في باكستان أيضاً. وجامعة الأزهر في مصر، ومركز علاج الأمراض السرطانية في المغرب، ومركز سلطان بن عبدالعزيز لتنمية السمع والنطق في البحرين. ومركز عبدالعزيز بن باز للدراسات الإسلامية بجامعة ابن تيمية في الهند. والمركز الإسلامي في اليابان. والمسجد الأعلى للمساجد في ألمانيا. والمؤسسة الثقافية بجنيف بسويسرا. ومركز سلطان لجراحة المناظير في كوسوفا. والمركز الإسلامي في إيرفنج في ولاية تكساس في الولاياتالمتحدةالأمريكية. والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في المغرب. ومستشفى التأهيل بواشنطن في أمريكا. مثل هذه الأعمال الخيرية العظيمة هي العناوين الكبيرة التي تولتها مؤسسته الخيرية، التي تشرفت بحمل اسمه رحمه الله، أما مواقفه ومبادراته الإنسانية، وعشقه لحب الخير، فهو حديث كل لسان. ذهب سلطان بن عبدالعزيز إلى رحمة الله ورضوانه، وسوف تبقى أعماله خير شاهد على تاريخه وكرمه ومبادراته الإنسانية العظيمة وحبه لوطنه. والرجال العظماء هم من تبقى مشاريعهم الإنسانية والخيرية تعطي وتثمر وهو في قبره؛ فعطاؤه لا يتوقف عليه حياً وإنما يبقى بعد مماته. يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، وصدقة جارية، وولد صالح يدعو له»؛ فمشاريع هذه المؤسسة صدقة جارية إلى الأبد بحول الله وقوته، ومشاريعه العلمية شملت المملكة داخلها وخارجها، وكلنا أبناء له، نتضرع لله جل وعلا أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عن كل أعماله خير الجزاء إنه سميع مجيب. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .