تاريخيا، لم يفز بالرئاسة الأمريكية إلا رجل أبيض مسيحي بروتستاني من أصول أيرلندية، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا الرئيس كينيدي، والذي انطبقت عليه كل الشروط - غير المكتوبة - عدا واحدة وهي أنه كاثوليكي، ولذا لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع فوز الرئيس باراك أوباما بالرئاسة، ومع ذلك فقد حصلت المعجزة وانتهى الأمر. الآن، يصارع أوباما للفوز بفترة رئاسية ثانية، في الوقت الذي تعتبر أمريكا في حرب مع نفسها نتيجة للأزمة الاقتصادية، تماماً كما كانت في فترات سابقة من تاريخها. كل الدلائل تشير إلى صعوبة فوز أوباما، ومع ذلك فإنه قد يفعلها، لا لرغبة الناخبين بذلك، ولكن لأنه قد يكون أفضل الخيارات المتاحة. يسود التوتر أروقة الحزب الجمهوري هذه الأيام، لأنه لا يوجد مرشح بإمكانه إقصاء أوباما فيما لو تمت الانتخابات الآن، خصوصاً بعدما بين استطلاع للرأي تقدم أوباما على أبرز المرشحين الجمهوريين بعدة نقاط. وقبل أن نستعرض منافسي أوباما من الحزب الجمهوري، يحسن أن نؤكد على أن أي رئيس أمريكي قد يفوز لمؤهلاته وتميزه بغض النظر عن قوة منافسيه، ومثال ذلك المفكر توماس جيفرسون- أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة-، وكذلك إبراهام لينكولن الذي حرر السود، وفرانكلين روزفلت، الذي قاد أمريكا في ذروة الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات الميلادية، وخلال الحرب العالمية الثانية. على الجانب الآخر، قد يفوز الرئيس، لا لتميزه، بل لضعف منافسيه، كما في حالة ريجان وبوش الابن وقبلهما نيكسون وايزنهاور وغيرهم. أبرز منافسي أوباما هو ميت رومني، وهو رجل أعمال ناجح كان حاكماً لولاية ماسشيوستس، وهو مؤهل، وسبق أن ترشح، ولكن مشكلته هي أنه من طائفة المورمن، وهي طائفة مسيحية تقطن ولاية يوتا في أقصى الغرب الأمريكي، تبيح تعدد الزوجات، وليس لها حضور يذكر في الحياة السياسية الأمريكية، وقد يكون هذا عائقاً كبيراً أمام فوزه بالرئاسة، كما كان في الانتخابات السابقة. وهناك رجل الأعمال الأسود هيرمان كين، وهذا يتقدم جيداً الآن، ولكنه لا يملك الكاريزما الكافية، ولا الخبرة السياسية. أما نيوت قينقرتش، رئيس مجلس النواب سابقاً، فهو ريفي أحمق ومتطرف يعلن عداءه للعرب والمسلمين، ولديه من الفضائح الشخصية ما تنوء بحمله الجبال. ثم هناك ميشيل بوكمان، عضوة الكونجرس، والتي حلق بها حزب الشاي، وكادت أن تفعلها، ثم انتكست حظوظها بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين. ولا ننسى «الكارثة» ريك بيري، حاكم تكساس، والذي خلف بوش الابن في هذا المنصب، وهو نسخة مشوهة من الأخير، فهو متدين حد التطرف، ويعلن عداءه للمهاجرين، ويؤيد العودة الى أمريكا «ريجان»، حيث حرب النجوم والإمبراطورية التي لا تقهر. المؤسف هو أن السياسي البارع تيم بولنتي حاكم مينيسوتا السابق انسحب من السباق!. أما أبرز مرشحين، وهما المثقف وعضو الكونجرس رون بول، وجان هانتسمان السفير السابق بالصين فإن حظوظهما بالفوز معدومة، لأسباب يصعب تفصيلها هنا، وتحتاج لمقال مستقل يناقش خبايا الواقع السياسي الأمريكي. وختاماً، الصورة واضحة، وما لم تحصل مفاجآت، فإن حظوظ أوباما بالفوز ثانية لا تزال قائمة، في ظل ضعف منافسيه!. فاصلة: «الذين يعتقدون أنهم أذكى من أن يخوضوا غمار السياسة، يتم عقابهم بأن يحكمهم الأغبياء»...بلاتو.