تتحرك إيران في كل اتجاه لتفادي نتائج الربيع العربي الذي حوَّل الأجواء في إيران إلى شتاء وعواصف رعدية أفقدها حلفاء من دول, وشعوب, ورؤساء دول: سوريا, ليبيا, اليمن, البحرين, جنوب لبنان, العراق. كما أن الربيع العربي قد يتحول إلى ربيع فارسي ويجتاح بلاد فارس.. لذا نرى السياسة الإيرانية نشطة وبكثافة في البحرين والعراق بقصد تحريك الشعوب، كما ساندت الحكومة في سوريا من أجل الصمود.. وما محاولتها في بلادنا بالتحريك الفئوي والمذهبي ومحاولة الاغتيال الفاشلة لسفيرنا في واشنطن عادل الجبير إلا مجازفة بهدف فك اختناق دوائر الربيع العربي.. الربيع العربي الذي هبَّت رياحه من الشمال الإفريقي وشواطئ الأبيض المتوسط قد يؤثر في بحر قزوين وفي السواحل الإيرانية على طول الخليج العربي, وتحاول إيران أن تدفع به إلى خارج حدودها؛ لذا خططت لتحريك بعض القرى الشرقية للمملكة بدوافع مذهبية، وحاولت خلق أزمة أمريكية عربية باغتيال السفير السعودي, وقبل ذلك حاولت احتلال البحرين, وسجلها يطول في الإمارات, والتعاون مع القاعدة وطالبان, وفارسية العراق, وطائفية جنوب لبنان, وتحالفاتها الوثيقة مع النظام السوري.. لكن الربيع العربي أخرج إيران من النفوذ والسيطرة على المنطقة العربية كما كان سابقاً زمن الشاه الإيراني عندما كان عسكري الخليج القوي.. الربيع العربي الذي لم يرحب به بعض العرب تخوفاً من مستقبلياته حاصر إيران وألجمها في بلاد فارس، وجعلها تنكفئ على نفسها؛ لأنها فقدت حلفاء كانوا يخنقون المنطقة العربية (سوريا والجنوب اللبناني), والعراق الذي اعتبر إيرانيا قبل الربيع, وطوائف يمنية إيرانية الهوى والمذهب، وتكتلات أخرى هنا وهناك, كما أنها أخرجت معمر القذافي الضاغط النفسي على العرب, والظاهرة الصوتية، وحسني مبارك العربي المرجف, وزين العابدين الذي كبل بلاده وعزلها؛ فوجدت إيران نفسها محاصَرَة بربيع عربي كاسح وحلفاء بدؤوا بالتساقط وتفكك طوقها الحديدي وتراخت الأقفال المُحْكمة. كما بدأت تظهر إرهاصات تتشكل وتعطي إشارات لربيع فارسي قادم قد يجعل من إيران دولة داخل حدودها تحترم الجوار وتجنح إلى السلم ومصالحة التاريخ والجغرافية مع العرب.