يمثل التوجه الحديث للمؤسسات الاجتماعية والإصلاحية وحديثا العدلية في المملكة العربية السعودية في البحث عن بدائل السجون أحد أهم الاستراتيجيات في الحد من تفشي ظاهرة العودة للجريمة أو الجنحة، إضافة إلى تبني أساسيات حقوق الإنسان التي تكفل الدين الإسلامي بحفظها وصيانتها. كما يساعد هذا التوجه في ما يعرف بالعقوبات البديلة (ويسمى ايضا العقوبات الاجتماعية) في العمل مع الفرد من وجهة النظر الاصلاحية وليس العقابية. وتعتبر مهنة الخدمة الاجتماعية إحدى أهم المهن التي تتعامل مباشرة مع الفرد المنفذة في حقه العقوبة البديلة، حيث إنه تقع على الاخصائي الاجتماعي - كأحد معاوني القضاة - مهام متعددة في العمل على إعداد التقارير الاجتماعية عن الفرد من الناحية الشخصية والامكانات والقدرات والمهارات والتي يقوم برفعها لفضيلة القاضي من أجل اطلاعه على ما يمكن للفرد ان يقدمه في برنامج قضاء العقوبة في إحدى مؤسسسات المجتمع. كما يقوم الاخصائي الاجتماعي ايضا بمهمة التعاون مع مؤسسات المجتمع من خلال تحديد المؤسسات المناسبة لتطبيق العقوبة بحيث لا يكون هناك إشكالية في عدم مناسبة إمكانات الفرد أو طبيعة شخصيته للبرامج المطروحة من قبل المؤسسة. فمثلا لا يمكن ان تتاح الفرصة لشخص لديه عقوبة في التحرش بالاطفال أن يعمل في مؤسسة تعليمية بحيث تتاح له الفرصة للاحتكاك المباشرة بالطلاب. أيضا تناط بالاخصائي الاجتماعي مهمة المتابعة والتقويم لبرنامج العقوبة البديلة من خلال رفع التقارير الشهرية عن سير عملية العقوبة البديلة للفرد للجهات ذات العلاقة في وزارة العدل. وتشير الدراسات العلمية في الدول المتقدمة الى نجاح برنامج العقوبات البديلة في الحد من العودة للجريمة أو الجنحة وبنسب تصل الى 55% بل في بعض الدراسات وصلت الى ما نسبته 75% في بعض الجرائم. كما اشار العديد من اصحاب الفضيلة القضاة من المهتمين بتطبيق العقوبات البديلة الى نجاح التجربة وأهميتها وخصوصا مع فئات معينة مثل المراهقين والاطفال. ولاشك ان المتابع لاحوال المجتمع والمشكلات المنتشرة في الوقت الحالي يرى أهمية الاسراع في تنبي هذه البرامج في مختلف المؤسسات. وتأتي هذه المبادرة الرائدة من قبل وزارة العدل في إقامة هذه الندوة المباركة التي سوف يكون لها دور كبير في صياغة التوصيات المناسبة لوضع الانظمة الشرعية والاجراءات الاجتماعية المناسبة لايجاد نظام للعقوبات البديلة يتم تفعيله عاجلا في الوزارة بإذن الله تعالى. وقد تشرفت مع اخي فضيلة الشيخ عبدالله السعدان وعدد الزملاء في الوزارة في وضع نظام أولي للعقوبات البديلة يتضمن عددا من البنود التي تم فيها مراعاة جميع الجواب الشرعية والعدلية والاجتماعية. وإنني اتطلع بعون من الله وقدرته على أن يرى هذه النظام النور في القريب العاجل نظرا لما يمثله من اهمية لبرنامج العقوبات البديلة في إدارة الخدمة الاجتماعية في وزارة العدل والتي تم استحداثها مؤخرا بهدف دعم البرامج الاجتماعية في الوزارة وتفعيلا لمسؤوليتها الاجتماعية تجاه افراد المجتمع. وتقع مسؤولية ادارة برنامج العقوبات البديلة على عاتق إدراة الخدمة الاجتماعية نظرا لاهتمام الادارة بعملية الاصلاح الاجتماعي للفرد من خلال البرامج العلمية والتدخلات المهنية المباشرة وغير المباشرة، مما يساهم بإذن الله في عودته فردا صالحا في مجتمعه وأسرته. وإننا نسعى في هذه الادارة الى العمل على إعداد البرامج الاجتماعية المناسبة لكافة الافراد من خلال الكوادر الاجتماعية المؤهلة في تخصص الخدمة الاجتماعية، إضافة الى الاستعانة بالمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي للمساعدة في عملية البحث الاجتماعي للحالات والوقوف على الوضع النفسي والعقلي للفرد المصدر في حقه برنامج العقوبة البديلة. واخيراَ, اٍٍسأل الله العلي القدير ان يحقق هذه الملتقى تطلعات المسؤولين وعلى رأسهم معالي وزير العدل ومعالي والوكيل حفظهما الله وكافة المختصين والمهتمين في المجال العدلي والاجتماعي والامني. واشكر جميع زملائي في اللجنة العلمية وعلى رأسهم رئيس اللجنة اخي فضيلة الشيخ عبدالله السعدان على جهودهم المباركة في ظهور هذا الملتقى بالصور العلمية المتميزة. كما لا أنسى جهود الاخ العزيز الاستاذ فهد البكران رئيس اللجنة التنفيذية للملتقى على حسن الاعداد والتنظيم، وايضا كافة الزملاء في الادارات المختلفة وأخص بالذكر إدارة العلاقات العامة على التميز في سرعة التواصل مع المشاركين واعداد الترتيبات اللازمة. * مستشار معالي وزير العدل للبرامج الاجتماعية المشرف العام على إدارة الخدمة الاجتماعية في وزارة العدل