لفت انتباهي خبر في صحيفة الدستور الأردنية عنوانه «توقيع اتفاقيات التفرغ الإبداعي 2011»، جاء فيه أن وزير الثقافة الأردني وقع في مبنى الوزارة على اتفاقيات التفرغ الإبداعي» لهذا العام، في حقول عدة، منها الشعر الفصيح والرواية والقصة القصيرة وأدب الطفل والنقد الأدبي والفني والفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي». بادي ذي بدء؛ أُهنئ نفسي وجميع التشكيليين في المملكة والخليج العربي بهذا الملتقى البصري الفريد من نوعه، وأبارك لوزارة الثقافة ممثلة في الشؤون الثقافية هذا التنظيم الرائع؛ حيث اتسم بالبساطة والجودة العالية، ناهيك عن التواضع لدى منسوبي الوزارة باستقبالهم الضيوف والفنانين، وكأن حالهم يقول هذا زواج أحد أبنائنا، وأبارك لجميع الفائزين من تشكيليين وخطاطين وفوتوغرافيين لحصولهم على درع السعفة، هذا الرمز الذي نفتخر به؛ كونه يمثل الأصالة من حيث المضمون لخليجنا الغالي والريشة من حيث الشكل كان تميُّز الملتقى بعدد الحضور الكبير الذي ازدان الملتقى بهم. لا عجب في كون الملتقى يقام في مدينة جدة، هذه المدينة العريقة التي هي كالمعجم لثقافات العالم العربي والإسلامي، الذي كان إحدى صفحاته بيت التشكيليين بجدة. الخطاطون ومخطوطاتهم هم فرسان في هذا الملتقى، أتوا من الزمن الموغل في الأرض، يصعدون بنا إلى السماء بخطوطهم عموديًا، ثم يهبطون بنا أفقيًا، يتركوننا هناك بالحد الفاصل بين الأرض والسماء، هناك خلف الأفق يتركوننا مذهولين منبهرين بلوحاتهم وأفكارهم، يجسدون الأرض على شكل حرف، ويقدسون السماء بروح آية، وكأنهم بأبطال رواية لم تكتب بعد. المصورون وعدساتهم بين بداية الثلث ونهاية الثلثين، قامت رؤاهم تجسد بؤس الإنسان وفرحه بتوقيف لحظة الزمن من ضمير شعوبهم؛ ليخرجوها لوحة مختزلة، فيها ترقُّب وانتظار وتضارب الليل مع النهار، أفهمونا أن الظل هو الأساس، والضوء مجرد مقياس لقامة شاهقة، تارة تكون سعفة نخلة، وتارة أخرى هي النخلة، صوروا لنا طائرًا في السماء مهاجرًا نحو وطنه، وصوروا لنا أيضًا ورقة في السماء يحملها الريح لوطن آخر، أوقفوني بحالة وكأنني إجابات ليست لها أسئلة. التشكيليون ولوحاتهم توجهاتهم بأعمالهم، للبعض منهم ذاكرة البحر، وبعضهم الآخر يتركنا بلا ذاكرة بين أعمالهم المفاهيمية، ولوحاتهم التجريدية وقوة الانطباعية التي تقف إلى جانب الكولاج، هي ما بعد الحداثة بأم عينها، سبقوا عقارب الزمان، ينتظروننا هناك على حافة المجرّة بألوان ما وراء الضوء، هم أشبه بلوحة لمدرسة لم تُولد بعد. عتب محب جميل هذا الملتقى حد الإثراء بالطرح الفكري البصري الذي جمع العديد من الفنانين الخليجيين، فكانت فرصة ليلتقي بعضنا بعضًا، لنتحدث ونطلع على إنتاجاتهم، كيف كانت؟ وماذا سيكون؟ وماذا لديهم في دولهم من فعاليات؟ وكان عتبي على الوزارة أنها لم تدعُ التشكيليين السعوديين من مختلف مناطق المملكة حتى تكتمل روح هذا الملتقى المميز، فلهم الحق أن يحضروا. حين أقارن عدد المدعوين في مؤتمر الأدباء السعوديين أو معرض الكتاب بعدد المدعوين لهذا الملتقى أجدهم لا يشكلون 5 في المائة من تلك النسبة.