حاوره - سعود الهذلي - عدسة - سعيد الغامدي : طالب وكيل وزارة الثقافة والإعلام لشؤون التلفزيون، عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع، مالكي القنوات الفضائية التي يملكها سعوديون ب: «ألا يغيبوا عن أنفسهم هاجس الوطن والمواطن والمملكة»، معتبرا أن مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقهم. واعتبر الهزاع، في حوار أجرته معه «الجزيرة»، إن «الرسالة التي تتناسب مع احتياجات المواطن ولا تخرج عن الخط العام الذي تسير عليه المملكة»، هي ما يجعلهم في التلفزيون يرفضون الدخول في منافسة مع قنوات: «تطرح قضايا لا تنسجم مع توجهاتنا ولا تخدم مصالح شعبنا ومواطنينا رغم أن هذه القضايا أصبحت أحد معايير المنافسة». وانتقد الهزاع ما وصفه ب: «خلط الفنانين لدينا والعاملين في الدراما بين المنتج والممثل وبين صاحب العمل الوحيد»، معتبرا أن هذا الخلط تسبب في التغاضي عن أمور أساسية في الدراما وبالتالي أثر في شكلها النهائي. وفيما أكد أن الهدف من التنظيمات الإلكترونية ليس: «التقييد أو الحد من الحريات»، قال الهزاع إن تسهيل كل الإجراءات كان: «إبداء لحسن النية في التواصل مع أصحاب المواقع الإلكترونية». دعنا نتحدث أولا عن ما تلمسونه في الوزارة من اهتمام في الفترة الأخيرة بالإعلام من قبل الجهات العليا؟ - يعلم الجميع أن خادم الحرمين الشريفين يضع نصب عينيه مصلحة المواطن في كل مكان وجزء. ومن هذه المصلحة الوسيلة الإعلامية التي يستطيع المواطن من خلالها أن يحصل على المعلومة ويتفقه ويتعلم ويعلم ما يدور في البلد من أحداث وتطورات ومشروعات وتحركات سياسية واقتصادية على كل المستويات. هذا البعد أكده لنا الدعم اللا محدود من خادم الحرمين الشريفين لوسائل الإعلام في المملكة ومن بينها التلفزيون. ولا أدل على ذلك من أن عهده شهد استحداث قنوات فضائية جديدة مثل قناة الثقافية والاقتصادية وقناة أجيال وعدد من القنوات الرياضية وصلت إلى ست قنوات. كل هذا الكم، إضافة إلى الإذاعة المتعددة وفتح المجال لإذاعة إف أم التي بدأ الترخيص لها، هدفه تزويد المواطن بجرعة كافية من المعلومات عبر هذه القنوات وهو ما يترجم حرص خادم الحرمين الشريفين على تطوير الوسائل الإعلامية. في الفترة الأخيرة قامت وزارة الثقافة والإعلام بخطوات تطويرية عديدة شملت نظام العمل التلفزيوني والخطط الفنية. هل انعكست هذه الخطوات على مستوى الأداء التلفزيوني؟ - دعني أؤكد أولاً أن التلفزيون متجدد دائماً. نحن ننفذ مهمة وطنية يجب أن نتحمل مسؤوليتها كاملة. هذه المهمة تتلخص في تقديم رسالة تتناسب مع احتياجات المواطن ولا تخرج عن الخط العام الذي تسير عليه المملكة. هناك ثلاثة محاور أساسية يجب مراعاتها في كل ما نبثه عبر القنوات الفضائية هي: الدين، الوطن والمواطنة، والأعراف والتقاليد والأخلاق والقيم التي تربينا عليها. وهذا بالتحديد ما يخرجنا في كثير من الأحيان عن دوائر المنافسة مع القنوات الأخرى التي تتحرك في حيز أو متسع أكبر يسمح لها بطرح قضايا نشعر أنها لا تنسجم مع توجهاتنا ولا تخدم مصالح شعبنا ومواطنينا. بالتالي فإننا لا نقوم بعرض مثل هذه البرامج رغم أنها أصبحت أحد معايير المنافسة. لا تنس أننا لا يمكن أن ندخل في منافسة تتطلب عرض نوعية من البرامج تتعارض مع القيم والأخلاق ومفاهيم البلد مهما كان الثمن. حسابات المنافسة العديد من القنوات الفضائية العربية تتجه ببرامجها إلى الجمهور السعودي، الذي أصبح ساحة للتنافس المحموم. إلى أي مدى تقيم قدرة قنواتنا الفضائية على المنافسة، وهل لديكم برامج إحصائية لقياس نسب المشاهدة؟ - الحقيقة أن توجه القنوات الفضائية لاستهداف المواطن في المملكة منطلقه الأساسي والرئيس هو أن المواطن أصبح يشكل ثقل ومصدر اهتمام تلك القنوات الخارجية، لما لدينا من إمكانيات ومعطيات دينية وتاريخية وثقافية تجعل هذه القنوات تستهدف المواطن السعودي. إضافة إلى ما لدينا من قاعدة اقتصادية قوية أصبحت مصدر وعين القنوات الأخرى للحصول على الرعاية والدعم التجاريين من الممولين. مع ذلك فإن هذا لا يجعلنا نقف مكتوفي الأيدي ولن نيأس. نحن نعلم أن العديد من القنوات الفضائية يملكها سعوديون ونتمنى من هؤلاء ألا يغيبوا عن أنفسهم هاجس الوطن والمواطن والمملكة. فطالما أنا مواطن سعودي يجب أن أستشعر حجم وكبر المسؤولية الملقاة على عاتقي وأحاول ن يكون المشاهد السعودي هو نصب عيني. في مجال المنافسة، نحن نبذل قصارى جهدنا في تقديم ما هو أفضل. غير أن ثمة قنوات لا يمكن أن أدخل في منافسة معها بسبب الاختلاف في المفهوم ومحتوى المادة. باختصار هذه القنوات لا تدخل في حساباتنا. أما القنوات المعتدلة والمتزنة فيجب أن ننافسها ونقدم أفضل ما لدينا للجماهير. ويمكنني القول إننا نتقدم من حسن إلى أحسن. أما بخصوص الرصد ومعرفة رجع الصدى واتجاهات المشاهدين وأعدادهم أو القياسات الإعلامية المتعارف عليها، فهناك خطة لدى وزارة الثقافة والإعلام نعمل على تنفيذها. لدينا مشروع يتيح إمكانية قياس الرأي العام للبرامج التلفزيونية بطرق إلكترونية حديثة تستطيع أن تتابع على مدار الساعة من يتابع قنواتنا الفضائية والبرامج المشاهدة ومن أي مكان، وهو نظام مطبق في القنوات العالمية نستطيع عبره تسيير برامج قنواتنا. الدراما.. مكلفة الدراما في التلفزيون السعودي لقيت اهتماما في الفترة الماضية تركز خصوصاً في البرامج الرمضانية. هل يعني هذا أننا سنشاهد قريباً أعماًلاً سعودية 100% في ظل وجود هيئة للمنتجين السعوديين؟. - البرامج الدرامية من الأهداف التي حرصنا عليها حتى في خارج رمضان ولكن بالطبع يزداد الصراع عليها في شهر رمضان. الدراما السعودية خطت خطوات جيدة ومتقدمة، وحتى تكون هذه الدراما بالشكل المطلوب يجب أن نوفر الإمكانات المالية الكافية. مثلاُ بمعيار الحساب لو أردت أن أقدم لك في كل يوم حلقة من عمل درامي سعودي على مدار العام فهذا يكلف على الأقل 60 مليون ريال سعودي لتغطية 45 دقيقة فقط من البث على مدار 24 ساعة في قناة واحدة. أصبحت الدراما مكلفة، جراء ارتفاع الأجور وتكلفة الإخراج والتقنية المستخدمة، ويجب أن نجاري هذه الزيادة عبر استقطاب العمالة الفنية. الأمر الثاني هو أن الأعمال الدرامية أصبحت مطلوبة من قنوات غير سعودية، غير القنوات الرسمية، مما يدخلنا في منافسة مع القنوات الأخرى وأن ندفع مثلما يدفعون. مثلا، شهر رمضان كلفنا مبالغ تجاوزنا فيها الصرف عن السنوات السابقة. وكان لا بد أن ندخل في منافسة وكانت تجربتنا جيدة. وماذا ينقصنا في الدراما السعودية برأيك؟ - ينقصنا حتى تكون مكتملة كاتب السيناريو الجيد وذلك من واقع النماذج التي قدمت وتقدم. نفتقر أيضا إلى عملية التخصص المطلوبة. للأسف نجد العديد من الفنانين لدينا والعاملين في الدراما يخلطون بين المنتج والممثل وبين صاحب العمل الوحيد، فالمنتج يجب أن يتفرغ ذهنياً ويركز على أدائه، بل يجب ألا يضع نصب عينه بأن لا ينتج إلا العمل الذي يقوم هو ببطولته. فحينما يتركز على جزء معين يعني أنه يجير الأمور ويكيفها على ما يخدمه كممثل ويدعم دوره في البطولة وقد يتغاضى عن أشياء أساسية. هذه قضية مهمة في الدراما السعودية، لكنني إجمالا متفائل بتقديم كل ما نستطيع. يعتقد البعض أن بعض قنوات التلفزيون السعودي لا تزال تبحث عن مشاهدين رغم إمكانياتها وكوادرها وبرامجها الجديدة. هل ثمة ما ينقص هذه القنوات؟. - البحث عن المشاهد هو الهدف. وسأبحث عنه في كل المحاور والاتجاهات. إن المشاهد يتكون من شرائح عدة وفئات تستهوي كل منها نوعية معينة من البرامج. إن مهمتي هي البحث عن المشاهد، فإذا لم أحصل عليه فمعنى ذلك أما أن بضاعتي بائرة أي أنني لا أعرف إلى من أوجهها. إلى أي مدى نفذ التلفزيون الخطط الخاصة ببرامج التدريب وإعداد الكوادر المؤهلة للتعامل مع الأجهزة والمعدات الحديثة؟ - نولي التدريب اهتماماً كبيراً. هناك تدريب على رأس العمل وتدريب في معاهد متخصصة في الداخل والخارج. وبحسب التجارب السابقة ليس هناك أفضل من التدريب على رأس العمل لأنه ميداني. بمعنى أن الموظف يتدرب على جهاز سيعمل عليه وبيئة سيعمل فيها أيضاً وسيكون مردوده أفضل ومن جهة أخرى لن يتعطل العمل اليومي المفروض على الموظف. التدريب قضية مهمة، وقد اشترطنا على جميع من يتعاقد معنا بعقود، سواء لتوريد أجهزة أو أشياء أخرى، أن يكون التدريب على رأس العمل. هذا الأمر منحنا ميزة كبيرة فأصبح لدينا كوادر جيدة سواء في النواحي التقنية أو البرامجية. نحن ننفذ أيضاً دورات تدريبية داخل المملكة و خارجها في المعاهد المتخصصة والجامعات. مأسسة التلفزيون كان ثمة مطالبات بتحويل الصحف إلى شركات مساهمة عامة، وتحويل التلفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء إلى مؤسسة. هل بحثت وزارتكم هذه الآراء أم أنها لم تخضع للدارسة بعد؟. - موضوع تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة أو مؤسسة في مراحلها النهائية وسينتهي قريبا. أما بالنسبة للصحف فهذا موضوع أحيل الإجابة عليه إلى الإخوة في الإعلام الداخلي. ما أنا متأكد منه أن موضوع الإذاعة والتلفزيون سينتهي قريباً، خاصة أننا نعول على تحقيق هدفين مهمين من التحويل يشمل الحصول على المرونة في النواحي الإدارية والمالية التي تؤهلني وتمكنني أنا من أن أسير عملا إعلاميا على مدار الساعة، بحيث لا يخضع كثيراً للضوابط والأنظمة المطبقة في الجهات الحكومية الأخرى وبما لا يعيق استقطاب الكفاءات والإنتاج والدخول في المنافسة. ما ردكم على الانتقادات التي تطال وزارتكم، وأنها لا تتوفر على خطة واضحة لتطوير الإعلام وترقيته بما يواكب التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة؟ - هذا كلام مردود عليه. لو رجعنا إلى الوراء ثلاثة أعوام أو أربعة ستجد أننا خططنا ودرسنا وخرجنا بقنوات جديدة وحققنا تطلعات جديدة. لدينا خطة مع خطط الدولة الخمسية، وفي كل عام نستفيد مما يطرح في مجلس الشورى من آراء وأفكار وما يصل إلينا من استفسارات. كما ولدينا وكالة خاصة بالبحوث والدراسات تخطط وتنظم. في كل قطاع من القطاعات هناك اجتماعات دورية سواء مع الوزير أو الوكلاء ومسؤولي هذه القطاعات لبحث والاستماع لكل ما يقال. نحن أيضا نتابع ونرصد ما يطرح في وسائل الإعلام. ومع ذلك فلا يمكننا ادعاء الكمال وقلوبنا مفتوحة ونتقبل كل نقد ومقترح وأعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح ونطمح للمزيد. وماذا عن علاقتكم بالمؤسسات الإعلامية المرئية والمقروءة وغيرها؟ - علاقتنا جيدة لأننا جميعا وسائل إعلامية. وبالنسبة إلى الصحف فعلاقتنا جيدة ونعتبر رؤساء التحرير زملاء وأصدقاء ونتواصل معهم ونطلب ألا يبخلوا علينا دائماً بآرائهم فيما يخص برامجنا. وألا يبخلوا علينا أيضاً بمشاركاتهم في برامجنا. تضخم المحتوى الإعلامي الإلكتروني خلّف عبئا كبيراً على الوزارة وآلياتها الرقابية. كيف تقيمون حجم النشر الإلكتروني، مقارنة بالإعلام الورقي والمكتوب؟ - الإعلام الإلكتروني أصبح الآن حقيقة واقعية ونتعامل معه بحجم أهميته. - نحن في الوزارة لا نغفل هذا الجانب، لأنه أصبح يستقطب شريحة كبيرة من الشباب الذين يشكلون ما نسبته 50 % من المجتمع أو أكثر. وتجاوبنا معه يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من هذه الوسيلة. لدينا في وزارة الثقافة والإعلام مواقع عديدة تجاوبت معنا. كما حرصنا في برامجنا على فتح مجالات الفيس بوك والتويتر واليوتيوب ولدينا خطة للاستفادة من وسائل النشر الإلكتروني. لسنا مع التقييد أصدرت وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع عدة جهات مؤخراً مرجعية نظامية للنشر الإلكتروني بما في ذلك الصحف الإلكترونية، فهل لمستم تجاوباً، وما هو حجم التسجيل لديكم؟ - التجاوب كبير. يمكنني القول إنه كان أكثر مما توقعنا. الناس تبحث عن التنظيم وعن المرجعية، ونحن في الوزارة قلنا مراراً إنه ليس هدفنا من تعاملنا مع النشر الإلكتروني أو المواقع التقييد أو الحد من الحريات بقدر ما هو تنظيم وفتح قنوات للتواصل، ونرى ضرورة أن يتعاون معنا الإخوان. مواقع الصحف الإلكترونية حسب آخر إحصائية لدي -وقد تكون قديمة- أنها تجاوزت أو وصلت إلى 250 صحيفة إلكترونية أو أكثر. أما المنتديات فأكثر بكثير. لقد حاولنا تسهيل كل الإجراءات لنبدي حسن النية والتواصل مع أصحاب هذه المواقع وقد وفقنا في ذلك بشكل كبير. تباينت آراء ملاك المواقع الإلكترونية تجاه هذه الضوابط، فبينما شددت الوزارة على أنها تسعى إلى خدمة المواقع الإلكترونية، والتسهيل عليها، رأى البعض أنها محاولة للتضييق عليهم. كيف تنظرون إلى هذا الجدل؟ - ذكرت لك سابقاً أننا حضرنا أكثر من ملتقى وأكثر من منتدى. وقلنا أننا لسنا ضد الحرية ولكن مع الحرية المسؤولة التي تضمن لك أن تتكلم كما تشاء وأن تنتقد ما تشاء، ولكن في الوقت نفسه لا نعطيك مجالا لانتقاد أشخاص بلا دليل أو تنتقدهم في أشخاصهم إلى حد التشهير الذي يتعارض مع الحرية الشخصية. معرض الرياض الدولي يحوز على اهتمام قطاع كبير من المثقفين بالمملكة وخارجها. هل أنتم راضون عن حجم تواجد الكتاب والناشر السعودي في سوق الثقافة العربية؟. - معرض الكتاب تظاهرة ثقافية تقام عندنا كل سنة، ونحسب له الأيام حساباً. وهو معرض يصاحبه دائماً حراك ثقافي وإعلامي واجتماعي، ونستفيد في كل عام مما واجهنا من دروس وتجارب في السنوات السابقة، ونحاول أن نفعل ونطور. ويحقق المعرض في كل عام، بشهادة الأغلبية، الأهداف المرجوة، وإن كنا نتعرض لبعض الإشكاليات التي يتم التغلب عليها. وأعتقد أن حركة النشر في العالم العربي تحتاج إلى المزيد من الدعم. بالنسبة إلى المعرض القادم سنتعامل معه بمهنية عالية وسيكون للكتاب الإلكتروني حيز أكبر ونأمل أن نوفق في إرضاء الناشر والكاتب والمثقف أيضاً بأن يحصل على ما يريد.