وفي الأسماء عِبَر وعظة! نشعر منذ الوهلة الأولى من اسمها أنها نار، فكيف يلعب الإنسان بالنار يا ترى؟ هذه المواد هي مركّبات كيميائية تتفاعل، وتتحوّل إلى غازات ولهب، وتحدث صوت انفجار كما تحدث ألواناً وأضواء تبعثها إلى الاتجاهات، ويرجع تاريخ البدايات الأولى لظهور الألعاب النارية إلى أوائل القرن الثامن عشر، عندما اخترعت الصين البارود الأسود. تعتبر ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا مع الأسف الشديد، ورغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب، فإنّ بيعها ما زال منتشراً بلا رقيب، حيث يقوم بائعوها بتوفيرها وترويجها لمن يرغب فيها، خاصة مع الاحتفال بالأعياد، وباتت هذه المواد تشكّل خطراً ليس على مستخدميها فقط، بل كذلك على الآخرين المتواجدين في محيط استخدامها، لما تسببه أحياناً من حروق وتشوّهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقّتة، كما تحدث أضراراً في الممتلكات جرّاء ما تسببه من حرائق، إضافة إلى التلوّث الضوضائي الذي يؤثّر على طبلة الأذن، وبالتالي يسبب خللاً وظيفياً في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين. ما إن يقترب موسم العيد حتى يمتلئ السوق بأنواع مختلفة من الألعاب الترفيهية والمسلّية للأطفال. ومنها الطائرات الحربية، والمدرّعات والمدافع والرشاشات، إضافة إلى الغواصات، ولا تغيب القنابل اليدوية والمسدسات عن أسواق الألعاب، وهي الألعاب الأكثر إقبالاً وترويجاً.. وهذه الأنواع المختلفة من الألعاب لم تَعُد ألعاباً فحسب بقدر ما يمكن وصفها بأسلحة دمار شامل! صحيح، أنّ هذه الألعاب والأنوار والأضواء التي تبعثها تضفي الصغار بهجة ومرحاً، ولكنها مدمّرة بالحقيقة وملوّثة للبيئة. فالمتفق عليه أنه عن طريق اللعب يكتسب الأبناء العديد من القيم، والصفات الخلقية مثل الصدق والشجاعة والإقدام والابتكار والإبداع، ومساعدة ونجدة الآخرين، كما يُعَد اللعب من أدوات التنشئة الاجتماعية، والتي يمكن للآباء والأمهات، والمربين بصفة عامة، توظيفها لتنمية بعض الاتجاهات السلوكية المرغوبة، وتوجيه الابن نحو غايات بعينها، وفي نفس الوقت يمكن توظيف اللعب، للحد من ممارسة سلوكيات مرفوضة، قد لا تفلح معها الوسائل التربوية المباشرة. ويُعَد نشاط اللعب من المؤشرات المهمة للحكم على درجة صحة وسلامة الحياة الاجتماعية والنفسية لأولادنا، ولهذا ينظر علماء النفس والتربية إلى اللعب كوسيلة من وسائل العلاج النفسي والتربوي ومقياس من مقاييس الشخصية يتمتع بدرجة عالية من الصدق والوضوح، ويساهم في قراءة طبائع الطفل لاستنارة شخصيته في المستقبل. والألعاب ليست بهكذا الإطلاق أسلحة دمار شامل؛ فهنالك ألعاب «سلمية» - إنْ صحّ التعبير - لا تؤدي إلى ضرر؛ مثل الألعاب بالدمى ونحوها، وهنالك ألعاب تلحق الإنسان بالضرّر كالألعاب النارية. ومن أضرار الألعاب النارية: من الناحية البيئية، نرى أنها تسبب تلوّث الهواء ببخارها الناتج من انفجار المواد الضارة المصنوعة منها. وفي حالة تكثيف هذه الألعاب فإنها بلا شك تلحق كوارث محققة بهذا المكان من إحراق وتلويث. كما يعتقد علماء النفس بأنه ربما تؤدي هذه الألعاب إلى انعكاسات نفسية سلبية على الأطفال عند كثرة ممارستها، والتي تدفع الطفل نوعاً ما الميل إلى ممارسة العنف. وفي هذا الصدد نستخلص أن كثرة ممارسة هذه الألعاب تزرع في نفوس الأطفال الميل إلى العنف، والذي يجعل فيما بعد تناول الأسلحة الحية وممارستها وسط المجتمع أمراً طبيعياً ومألوفاً. إذن أليست هذه الألعاب تشجع على العنف بشكل ضمني؟. إنّ الألعاب النارية، ونظراً لاستخداماتها الشائعة بين الأطفال في شوارعنا، تدقّ ناقوس الخطر لتنمّي ظاهرة العنف والتساهل بالسلاح أوساط المجتمع؛ فالذي يستخدم «القنابل» للعب والاعتداء والإزعاج، سيستخدمها حيّة - لا محالة - للقتل والتخريب، فإزعاج وأذى الناس الأبرياء ظلم واعتداء صارخ على حقوقهم وممتلكاتهم، وإنْ كان لعباً بنظرة الأطفال البريئة. فبما أنّ الأسرة هي المسئولة عن الأطفال، وهي التي تقدّم لهم المصروف اليومي، والمصروف المخصّص للألعاب، فبإمكانها محاسبتهم عليه، وماذا فعلوا به. غرس تعاليم الإسلام على روح الأطفال، وتربيتهم بالأخلاق الإسلامية الفاضلة كحق المسلم على أخيه المسلم، وحق الجار، وحق الطريق، وحرمة الظلم والاعتداء على الآخرين، وتفعيل قاعدة لا ضرر ولا ضرار وربطها بما تسببه الألعاب النارية من أضرار .. هي أيضاً من الطرق الفعّالة لمعالجة هذه الظاهرة.