المعطيات تقول إن الفلسطينيين سيتجهون للأمم المتحدة للحصول على اعتراف من طرف واحد كما فعلت إسرائيل قبل (60) سنة للحصول على الاعتراف من جانب واحد، وبلا موافقة الفلسطينيين أو العرب... أمريكا تهدد بالفيتو وقطع المساعدات عن فلسطين وعن الدول التي تصوت وحتى عن الأممالمتحدة، كما أن إسرائيل تتوعد بإجراءات وخسائر للفلسطينيين، وبعض المنظمات الفلسطينية تحذر من الخسائر في: حق عودة اللاجئين، وأراضي فلسطين الكبرى والاكتفاء بحدود 67م، ومخاوف من ضياع القدس. هذه مخاوف قد تكون مقبولة قبل الربيع العربي الذي يشكل مرحلة سياسية جديدة بعد الحرب العالمية الثانية وما تلا تلك الحرب من تقسيم الوطن العربي إلى خطوط ملونة ومربعات أرقام وحروف على خرائط الاستعمار. لا أحد يدعي أن الربيع العربي من صناعته كما تحاول أمريكا أن تقول إنه صناعة أمريكية، وإسرائيل تقول إنه صناعتها، وحتى أوروبا تقول إنه من محفزاتها، هذا الربيع إذا كان له (أب) فإنه ينسب للشعب العربي ووسائله الإعلامية والاتصالية، ومشاركة جميع المؤسسات المهنية والمنظمات والجمعيات والتكتلات المدنية. لذا نجد أمريكا تهدد بالفيتو وإسرائيل تتوعد وبعض دول أوروبا تحذر من الخطوة الانفرادية من جانب واحد لكن الواقع العربي الجديد لا يكترث بالتوعد والتهديد والتحذير لأن هناك شارعاً عربياً وقيادات سياسية جديدة لا تنتمي لزمن الاستعمار، ولدت من الجامعات العربية والكليات العلمية والمنتديات الثقافية والاجتماعية، لا تقيم وزناً للوعيد والتهديد، لأنها بنت ثقافتها وأيديولوجيتها وتوجهاتها بعيداً عن الهيمنة السياسية التي كانت تخاف من العقاب الأمريكي بقطع المساعدات المالية، والدعم السياسي، والعصا الأمريكية الغليظة. فالتجربة الصعبة والمريرة التي عاشتها أمريكا في أفغانستان والعراق أعطتها درساً سياسياً وعسكرياً ظهرت بعض مؤشراته في التخلي عن قيادة الناتو ضد ليبيا، كما أن الناتو وأوروبا أدركت صعوبة الحرب في الشمال الإفريقي وتحديد في ليبيا دون الثوار والشعب الليبي لإسقاط معمر القذافي، واكتفوا بالغطاء الجوي. الشارع العربي يتمتع الآن باستقلالية الخيار والقرار، وفلسطين اليوم في أحسن عافيتها وأنسب الأوقات لإعلان الدولة لتكون ولادة مع الربيع العربي قبل أي انتكاسة أو تراجع في الربيع، فهذا خيار جيل جديد لا تعرفه أمريكا ولا إسرائيل ولد من الشعارات التي ترافعها أمريكا: حقوق الإنسان، الديمقراطية، الكرامة، العدالة، حرية الفرد والجماعة. هذا الجيل يحارب بنفس السلاح الأمريكي الحقوقي وبنفس اللغة الخطابية الإسرائيلية التي تتحدث عن الديمقراطية... الفلسطينيون لم يطالبوا إلا بالمبادئ العامة التي ترفعها أمريكا وهي حقوق الشعوب في تقرير المصير، والديمقراطية التي تدعيها إسرائيل. هذا الجيل من الشعب العربي يسترد اليوم كرامة الأجداد والإباء التي أهدرها الغرب خلال نصف قرن.