في إطار مسؤولية المملكة في رعاية الحرمين الشريفين والمحافظة عليهما، وإعمارهما، وصيانتهما، ومن أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والعّمار والزوار فقد تمَّ منذ نحو عشرين عاماً إنجاز أضخم توسعة للحرمين الشريفين عُدّْت في حينها الأكبر على الإطلاق. وقد صممت هذه التوسعة على أحدث الأسس المعمارية والإنشائية والجمالية، وشملت مجموعة من المشروعات الضخمة، على النحو الآتي: إضافة مبنيين للحرمين القائمين بما يزيد من القدرة الاستيعابية لهما، وقد روعي إحداث التجانس بين الجديد والقديم حتى يكون التداخل طبيعياً ومتآلفاً شكلا ومضموناً. توسيع القاعدة الاستيعابية للحرمين لتشمل المساحات المحيطة بهما، وأسطح المبنيين الجديدين والحرمين القائمين. تطوير المنطقتين المركزيتين حول الحرمين لإيجاد حرية حركة، وخدمات مساندة فاعلة ومتكاملة من الساحات والميادين والشوارع الرئيسة والخطوط الدائرية والأنفاق، وتأمين سهولة الدخول والخروج لأعداد القاصدين الضخمة في فترات الصلوات، وفي المواسم، وإعداد البوابات الكافية بما يتماهى مع الطاقة الاستيعابية. تأمين أنظمة أمن وسلامة متطورة، تشمل الدائرة التلفازية المغلقة، والنداء، والطاقة الكهربائية، وإطفاء الحريق، والتهوية الطبيعية، وتلطيف الهواء. نظام لتغذية الماء، وصرف صحي مناسب لحجم التوسعة في كل حرم. مواقف سيارات ذات طاقة استيعابية مناسبة. وكما أن هذه التوسعة هي الأكبر والأعظم، فهي أيضاً الأكثر كلفة على الإطلاق في حينها، فقد بلغت تكاليفها (42) مليار ريال، منها (12) مليار ريال تم إنفاقه على توسعة وعمارة الحرم المكي الشريف، و(30) مليار ريال على توسعة وعمارة الحرم المدني الشريف. وفيما يلي عرض موجز لتفاصيل هذه التوسعة: 1- توسعة الحرم المكي الشريف وعمارته: انطلقت أعمال التوسعة الكبرى للحرم المكي في شهر صفر عام 1409ه (1988م) وقد تم إنجازها في شهر ذي القعدة عام 1413ه (1992م). وقد بلغت المساحة الإجمالية للتوسعة (76) ألف متر مربع، وتكونت من قبو سفلي وآخر علوي، ودور أرضي، ودور أول، إضافة إلى السطح. كما تمَّ إحاطة الحرم المكي الشريف بساحات بلغت مساحتها (88) ألف متر مربع هيئت للصلاة. بما جعل الطاقة الاستيعابية الجديدة لمبنى التوسعة والساحات المحيطة به تصل إلى (460) ألف مصل. وتم إنشاء مرافق جديدة لخدمة هذه الساحات، منها أنفاق مخصصة لحركة السير وذلك لتفريغ هذه الساحات للصلوات ولعبور المشاة، ومنها مبنى خدمات مكون من دورين بمساحة إجمالية تقدر بنحو (14) ألف متر مربع احتوى على مرافق صحية، ونقاط وضوء، ونوافير لشرب المياه، وقد روعي إيجاد مرافق صحية خاصة للنساء بمداخل منفصلة. وقد اشتملت التوسعة كذلك على (18) مدخلاً عادياً، إضافة إلى بوابة رئيسة « بوابة الملك فهد « ومئذنتين شبيهة بالمآذن القائمة، كما اشتملت على سلالم كهربائية متحركة داخلية وخارجية لنقل المصلين إلى الدور الأول والسطح في أوقات الذروة والمواسم، خاصة كبار السن والعجزة، إضافة إلى السلالم الثابتة. واشتملت على (3) قباب، وممرات للمصلين لتسهيل حركة الدخول إلى الحرم والخروج منه. وبإنجاز هذه التوسعة التاريخية أضحت المساحة الإجمالية للحرم المكي الشريف تتجاوز (366) ألف متر مربع بما في ذلك الساحات المحيطة به والمخصصة للصلاة، ليتسع بالتالي إلى أكثر من (800) ألف مصلٍ، ويمكن أن تصل طاقته الاستيعابية إلى مليون مصلٍ في أوقات الذروة والمواسم، كما بلغ مجموع المداخل العادية للحرم المكي (41) مدخلاً إضافة إلى (4) أبواب رئيسة، و(9) مآذن. 2- توسعة الحرم المدني الشريف وعمارته: انطلقت أعمال التوسعة الكبرى للحرم المدني في شهر صفر عام 1405ه (1984م)، وتم إنجازها في عام 1414ه (1994م) . وبلغت المساحة الإجمالية للتوسعة (384) ألف متر مربع، اشتملت على مبنى جديد إلى جانب القديم يحيط به ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة تقدر بنحو (82) ألف متر مربع، ويتكون مبنى التوسعة من طابق الأقبية والطابق الأرضي والطابق الأول. وتمَّ الاستفادة من سطح التوسعة، حيث خصص لأداء الصلوات، وتقدر مساحته بنحو (67) ألف متر مربع. واشتملت هذه التوسعة الكبرى كذلك على إحاطة الحرم المدني الشريف بساحات تقدر مساحتها بنحو (235) ألف متر مربع، خصص منها نحو (135) ألف متر مربع للصلاة، ممَّا جعل الطاقة الاستيعابية لهذه التوسعة الجديدة تصل إلى (577) ألف مصلٍ. وأنشئت مرافق جديدة في هذه الساحات، منها مرافق صحية، وأماكن وضوء، ونوافير لشرب المياه، وإضاءة، وسلالم كهربائية متحركة تتصل بمواقف السيارات التي تكونت من دورين، وتستوعب نحو(4200) سيارة. ومن الممكن أن تستوعب في أوقات الذروة (4.500) سيارة. وأضيف إلى سقف مبنى التوسعة الجديدة (27) قبة متحركة تفتح وتغلق آلياً، للاستفادة من التهوية الطبيعية عندما يكون الطقس مناسباً، كما تم إنشاء (12) مظلة تفتح وتغلق آلياً وذلك في المناطق المكشوفة للسبب ذاته. وتحتوى التوسعة على (7) مداخل رئيسة بالجهات الشمالية والشرقية والغربية، ويحتوى كل مدخل رئيس على (5) أبواب متجاورة، إضافة إلى بوابتين جانبيتين. وهناك أيضاً مدخلان رئيسان في الجهة الجنوبية يحتوي كل مدخل على (3) بوابات متجاورة، إضافة إلى (6) بوابات جانبية، و(10) بوابات أخرى لمداخل ومخارج السلالم الكهربائية المتحركة. وتقع في وسط الجهة الشمالية للتوسعة بوابة (الملك فهد) وهي المدخل الرئيس، ويعلوها (7) قباب، وتحدها من كل جانب مئذنة، وتحتوي التوسعة أيضاً على (6) مآذن في مواقع وأركان مختلفة. وبإنجاز هذه التوسعة التاريخية أضحت الطاقة الاستيعابية لكامل الحرم المدني والساحات المحيطة به تصل إلى أكثر من (700) ألف مصلٍ، ويمكن أن يصلون في الذروة إلى (1.200.000) مصلٍ، كما أضحت المساحة الإجمالية للحرم المدني الشريف والساحات المحيطة به نحو(400327) متر مربع، منها (384) ألف متر مربع تمَّ إضافته في التوسعة الجديدة، أي نحو (23.5) ضعف إجمالي التوسعة السابقة. كلمة أخيرة عناية الدولة السعودية بعمارة الحرمين الشريفين المكي والمدني تجسيد لأدوارها القيادية لمنظومتها الإسلامية، بكل ما تتطلبه من جهود ومبادرات وإصلاحات ودعم مادي ومعنوي. وقد نجحت إلى حدٍ كبير في إنجاز ذلك بفضلٍ من الله ثمَّ بحنكة وحكمة وإخلاص ولاتها. من مأثور الحِكم هنيئًا لمن زار بيت التقى وحطّ عن النفس أوزارها فإن السعادة مضمونة لمن جاء مكة أو زارها