إنّ رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لمشروعات توسعة الحرمين الشريفين المكي والمدني، وعدد من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة، تنطلق من رؤية إيمانية ثاقبة، وعزيمة صادقة، لا لشيء إلاّ ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وهذا يتأكد من قول خادم الحرمين الشريفين - أيّده الله بتوفيقه - عندما أعرب عن شكره للقائمين على تلك المشروعات: «شكراً؛ هذا من فضل الرب عز وجل وهذا ما لنا فيه كرم، الكرم للرب عز وجل ثم للشعب السعودي الصادق الأبي والمسلمين قاطبة، هذا للمسلمين قاطبة».. تلك الكلمات المرتجلة والنابعة من القلب وصلت للقلوب مباشرة؛ بل إنّ حرارة حروفها أوقدت في القلوب دفئاً إيمانياً وجعل أصحاب تلك القلوب يرفعون أكف الضراعة للمولى سبحانه وتعالى أن يحفظ خادم الحرمين وأن يجزيه خير الجزاء على ما يبذله خدمة للأُمّة الإسلامية خاصة وشعوب العالم بوجه عام. ولم يُبالغ الفيصل عندما قال: (أيها الملك .. الذي أحبّ الناس فأحبّوه، وصدقهم فصدقوه، واحترمهم فاحترموه، عهدك زاهر، وخيرك وافر، وذكرك عاطر، وشخصك - نشهد الله والخلق - نادر، لك في الأرض المقدّسة أحلام تتحقق، وأفكار وأعمال تتألّق، تبتدئ برؤية، تتحول إلى مشروع، وتنتهي بإنجاز وإعجاز). نعم هكذا هي الأعمال الناجحة والمشاريع المثمرة، تبدأ بحلم، والحلم يتحوّل إلى فكرة هادفة، والفكرة تتحوّل إلى تخطيط مدروس ومتقن، والتخطيط يتوّج بتنفيذ مشروع عملاق، لينتج عنه إنجاز في واقع إعجاز، وهذا لقصر المسافة بين الحلم وتحقيقه واقعاً معايشاً ملموساً، لينعم به ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوّار، ويتفرّغوا لعبادتهم دون أي شاغل يشغلهم عن آخرتهم وما قدموا من ديارهم من أجله؛ ليعودا بعد ذلك لأوطانهم وقلوبهم مطمئنة وأفئدتهم مشتاقة للعودة للديار المقدّسة، وأكف الضراعة مرفوعة للخالق سبحانه وتعالى بأن لا يحرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أجر ما قدمه من أعمال جليلة؛ خدمة للإسلام والمسلمين وللحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. ويكمل عقد تلك المشروعات الاعتزاز بالهوية الإسلامية عالمياً من خلال توقيت مكةالمكرمة الذي يفخر ويفاخر به كل مسلم بين شعوب العالم اليوم، بعد أن كانوا يعتمدون في دقة التوقيت على مواقيت لبلدان غير إسلامية. وما تلك المشروعات العملاقة التي دشنها خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - إلا امتداداً للأعمال الكبيرة التي خطتها الدولة السعودية لصالح الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والتي بدأت منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه - وسار على ذلك من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله جميعاً - ليتسلّم راية مواصلة المسيرة والنهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أمدّ الله بعمره وألبسه ثياب الصحة والعافية - في هذا العهد الزاهر بين تدشين مشروعات حديثة وتأسيس أخرى جديدة لتتواصل المنجزات التنموية لبلاد الحرمين في مختلف المجالات، لتترجم الرؤية الثاقبة والرغبة الصادقة من رجل النهضة الحديثة والإنجازات والمنجزات - عبد الله بن عبد العزيز - رعاه الله - الذي وعد شعبه وأبناء الأمة الإسلامية، فما كان منه إلا الوفاء بما عاهد الله عليه، فهكذا هي صفات المؤمنين، الصدق والوفاء بالعهد، وما ذلك إلا لأنه أتخذ كتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم منهاجاً وطريقاً، وما تربى عليه في كنف والده المؤسس - طيّب الله ثراه - ونقاء قلبه وصفائه جعله محباً لشعبه وللخير وللعلم والعلماء، فكان لمملكة الإنسانية الاستقرار والأمن والأمان والعلم والصحة ورغد العيش - ولله الحمد والمنّة على ذلك -. [email protected]