في تسجيل تلفزيوني (نادر) لحسن نصر الله أمين عام حزب الله، وجدته في اليوتيوب، وكان على ما يبدو من شكله في شبابه، وفي بدايات التحاقه بالحزب؛ قال بصريح العبارة، ودون أيّة مواربة، متحدثاً عن مشروع حزب الله في لبنان: (مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره كوننا مؤمنين عقائديين هو مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام؛ وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلاميه واحدة، وإنما (جزء) من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه في الحق الولي الفقيه الإمام الخميني). والتسجيل موجود في اليوتيوب على ها الرابط: http://www.youtube.com/watch?v=sFHxnNCCE5Y AND feature=related ثم يضيف بلغة قطعية لا تحتمل التأويل قائلاً: ( أنا واحد من هؤلاء الناس الذين يعملون في مسيرة حزب الله وفي أجهزته العاملة؛ لا أبقى لحظة واحدة في أجهزته لو لم يكن لديَّ يقين وقطع في أنّ هذه الأجهزة تتصل عبر مراتب إلى الولي الفقيه القائد المُبرئ للذمة الملزم قراره. بالنسبة لنا هذا أمرٌ مقطوع ومطمئن به) .. ثم يسأل : ( هل الولي الفقيه هو الذي يُعيّن الحكام؛ أي يعطيهم الشرعية في جميع البلاد الإسلامية؟ : نعم، لأنّ ولايته ليست محدودة بحدود جغرافية، ولايته ممتدة بامتداد المسلمين). أي أنّ حزب الله هو مجرّد كتيبة متقدّمة للغزو الإيراني لإقامة دولة الولي الفقيه في المنطقة بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاص. ولعلّ ما يجري الآن في لبنان، وتَحكُم حزب الله في القرار السياسي، هو امتداد يتواءم مع مشروع الدولة الشيعية التي ما تأسّس حزب الله إلاّ لتنفيذ مشروعها. العراق بعد الغزو الأمريكي، وسقوط حزب البعث، سلّمه الأمريكيون على طبق من ذهب لإيران، وتحوّلت هذه الدولة العربية إلى (مقاطعة) فارسية، يحكمها المالكي، وتتلقّى أوامرها من طهران. ولعلّ من المضحكات حقيقة أنّ عراق المالكي أصرّ على (اجتثاث البعث) من العراق؛ ثم تحالف معه في سوريا، والسبب أنّ قيادة البعث في العراق هم من الطائفة السنّية، بينما قيادة البعث في سوريا هم من الشيعة؛ وهذا يعني أنّ حكاية اجتثاث البعث هي محاولة مستترة، لذر الرّماد في العيون، أما الهدف الحقيقي فهو اجتثاث السنّة في العراق، وتهيئة الأسباب لكي يتحكّم ملالي الشيعة الصفويين في العراق؛ وإلاّ كيف يفسّر لنا المالكي موقفه المتحالف مع بعث سوريا، في حين أنه يسعى كما يدّعي إلى اجتثاثه من الحياة السياسية في العراق؟ ويبدو أنّ سوريا، وضمّها بشكل نهائي، كان المرحلة الأخيرة في المشروع الإيراني في المنطقة، غير أنّ الرياح هبّت على ما يبدو عكس اتجاه المشروع الإيراني؛ نظام الأسد في سوريا كان يظنه الجميع الحلقة الأقوى في الحلف، إلاّ أنه فاجأ خصومه قبل حلفائه بهشاشته وضعفه؛ وها هو الآن يترنّح في طريقه للسقوط؛ الأمر الذي جعل المشروع بكامله مهدّداً بالسقوط، لتتحوّل كل استثمارات إيران السياسية في المنطقة إلى أحلام تذروها الرياح. كلمة نصر الله التي أشرت إليها في بداية هذا المقال، واعترافه بعمالته لإيران على رؤوس الأشهاد، ووقوف إيران بقوة وحزم مع النظام السوري، وإعلان نصر الله في آخر خطبه دعمه اللامحدود للأسد، والأنباء التي تتردّد ويؤكدها الثوّار أنّ كوادر من حزب الله تقاتل في صف النظام السوري، وتشارك بوحشية في قمع الشعب السوري لمصلحة النظام، يجعل مرحلة ما بعد سقوط بشار حافلة بالكثير من الأحداث التي ستغيّر وجه المنطقة؛ وستكون إيران، وهلالها الشيعي التي تعول عليه كثيراً، أهم الخاسرين. والسؤال: هل إيران فيما لو تحقق سقوط الأسد ستستكين، وتقبل بالخسارة، أم ستنتهج نهجاً بديلاً؟ إلى اللقاء.