قال الله تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ نبّه القرآن الكريم بأن نجعل من رسولنا صلى الله عليه وسلم مثالاً يحتذى وقدوة ونبراساً ننهل من صفاته وخلقه وسيرته الحسنه فقد قال تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ولذلك يذهب بعض المفسرين بأن هذه الآية الكريمة هي إشارة الفضل على تقديم النبي صلى الله عليه وسلم على بقية الأنبياء والمرسلين، وكان الصحابة رضوان الله عليهم حريصين غاية الحرص على تطبيق ذلك يتأسون به صلى الله عليه وسلم في عباداته وأخلاقه ومعاملاته فكانوا خير الأصحاب بعد الأنبياء عليهم السلام. وتوالت تلك النظرة جيلاً إثر جيل فكان الآباء يطلقون على أبنائهم مع أسمائهم صفات يرونها مثلاً وقدوة، إما بالشجاعة أو الإقدام أو الفروسية أو العلم أو الشعر أو الفكر، أو الكرم وغيرها من الصفات الحميدة، فهذا يطلق عليه حاتم، وذلك عنترة وذاك سحبان، والأصمعي، والجاحظ وغيرهم من الأسماء المشهورة سواء كان ذلك في العصور المتقدمة أو فيما بعدها. وعلى النقيض من ذلك قد يرمى بعض الأشخاص أو يوصم بصفة (عبارة) فيطلق عليه لقب شخصية اشتهرت بالكذب فيقال مسيلمة، أو الجشع فيقال أشعب وهكذا مما يستقبح. وبنظرة فاحصة لعصرنا الحاضر نجد أن هذه المسلمات لازالت موجودة مع بعض الزيادات التي طرأت نتيجة الحياة المعاصرة فأصبح القدوة في الأغلب إما لاعب كرة أو فناناً، ولسنا هنا لإصدار أحكام معينة للأشخاص، غير أن ما يهمنا هنا عندما تكون تلك الشخصيات أو القدوات لغير المسلمين، مما قد تكون معها الشخصية صاحبة سلوك مشين في الملبس والمأكل وتحيا حياة صاخبة بل قد تكون معادية للإسلام والمسلمين ومع ذلك نجدها تتزين مثلاً بقمصان ويتنقل أبناؤنا وبناتنا بها أينما حلوا إلى البيت أو المدرسة أو المسجد أو الأماكن العامة وكأنما هذه الشخصيات جزء من تركيبة هذا الشخص الذي لازمته في حياته، والأطفال الصغار أشد في تقمص بعض هذه الشخصيات وبخاصة ما نراه من تقليد واضح لتلك الشخصيات الكرتونية الموجودة في تلك الأفلام عن طريق الأقراص المدمجة وألعاب البلاي ستيشن وهكذا حتى يصبح الطفل مقلداً ونسخة مكررة لتلك الشخصية الخارجية. ولا شك أن ترك هذه الأمور عل عواهنها قد يوجد أجيالاً لا تعرف كيف تتوجه وبمن تقتدي، وهل قدوتها ما تقرأه وتدرسه من خلال مراحل التعليم؟ أم تقتدي بما تشاهده وتحاول إلباس نفسها به وهو ما تراه من خلال الوسائط المتعددة، قنوات تلفزيونية (أشرطة مدمجة- ملاعب)؟. ولذلك فإن المسؤولية جد كبيرة، وعلى رجال التربية والتعليم والثقافة والإعلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يتدبروا ذلك ويتابعوه باستمرار حتى نستطيع أن نصل بأجيالنا الحاضرة إلى بر السلامة والأمان والعمل والبناء. مدير عام المهرجان الوطني للتراث والثقافة [email protected]