المكرم رئيس التحرير تحية طيبة وبعد: لقد حث الإسلام على النصيحة، وذلك لما لها من دور عظيم، وأثر بالغ على المسلمين ولاسيما إن كانت هذه النصيحة خالصة لوجه الله تعالى، وقد كانت النصيحة وظيفة الرسل السابقين عليهم السلام الذين آمنوا بالله، ونصحوا قومهم ودعوهم إلى عبادة الله وحده، وكان آخرهم سيد المرسلين الذي ختم به الله الرسالات، وأكمل به الدين، وترك قومه على المحجة البيضاء، ونصح أمته إلى عبادة الله وإخلاص النية في القول والعمل لله، ودلهم على أبواب الخير وحذرهم من الشر فقال- صلى الله عليه وسلم-: (الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم. وفي هذا الحديث الشريف يكرر الرسول- صلى الله عليه وسلم- (الدين النصيحة) ثلاث مرات، وذلك تأكيدا لأهميتها، وبيان منزلتها، ويبين لنا أن النصيحة لا تقتصر على النصح والإرشاد والتوجيه فقط، وإنما النصيحة باب واسع يشمل كثيرا من الأمور والمعاني أعظمها النصيحة لله, وذلك بعبادة الله وحده، وتوحيده بألوهيته وأسمائه وصفاته، والإيمان به وإخلاص العمل لله واتباع أوامره واجتناب نواهيه، فهو الذي خلق الخلق، وأوجدهم من العدم وتفضل عليهم بالنعم فهو المستحق للعبودية والتقديس والثناء. ومن النصيحة الإيمان والتصديق بكتابه الكريم، وأنه كلام الله تعالى نتلوه ونتعبد به، ونقف عند حدوده وأحكامه، فالحلال ما أحله الله فيه والحرام ما حرمه الله فيه، وكذلك الحرص والاهتمام به، وتدبر أحكامه وفهم معانيه، واخذ العبر والمواعظ من القصص التي سردها القرآن الكريم عن الأمم السابقة وغيرهم. ومن النصيحة الإيمان بالرسول، وتصديق أخباره وإخباره بالحوادث والمغيبات وتصديق اقواله الصحيحة والثابتة في سنته، وطاعته في اتباع أوامره واجتناب نواهيه فطاعته طاعة لله، واتباعه محبة لله ورسوله. وحث ديننا القويم على النصح لائمة المسلمين من حكام ورؤساء وعلماء ومن ينوب عنهم، وأمر بطاعتهم في غير معصية الله، وأن نكون عونا لهم في إقامة الحق والعدل ودفع الظلم ونصرة المظلوم، وحثهم على الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر عن طريق الأسلوب الحسن واللطف القائم على الرفق واللين، والحرص على الالتفاف حول علماء الأمة المخلصين، وأخذ علمهم ونشره بين المسلمين، وعدم تتبع أخطائهم، فالعلماء لهم منزلة عظيمة في الدين, فهم ورثة الأنبياء ومصابيح تنير الطريق كي يهتدي بهم المسلمون، وهم حصن حصين وسد منيع للإسلام والمسلمين أمام الأعداء. ومن الدين النصيحة لعامة المسلمين، وإرشادهم إلى الخير وتحذيرهم من الشر وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، والنصح لهم وأن تحب لهم ما تحب لنفسك، وتحثهم على البر والتقوى كي تنتشر المحبة بين المسلمين ويكونوا كالجسد الواحد. - أوثال