منذ مئات السنين والقصيدة الشعبية الجزلة توثق النهج الإسلامي القويم لسلوك الكثير من كبار الشعراء بشكل جلي يعكسه واقع حال نصوصهم من أي جانب تناوله الباحث أو الناقد أو المتذوق أياً كانت زاوية التطرق لفحوى ماهية ما أشير إليه في هذا الشأن. والشاعر الكبير محمد العبدالله القاضي، وهو من آل القاضي المعروفين في عنيزة، ولسنا بصدد التطرق إلى شعره من منظور نقدي لاتفاق الجميع على مكانته الكبيرة في هذا الأمر توفي عام 1284ه، كما أرَّخ لوفاته عبدالله بن خالد الحاتم في كتابه - خيار ما يلتقط من الشعر النبط - ويلحظ متأمل قصيدته التالية توظيفه لأسماء الله الحسنى في ابتهاليته الشهيرة (الكريم، السميع، البصير، العليم، القوي، المتين، السلام، المجيد، المعيد، الحليم، العزيز، العطوف، الرؤوف، الرحيم): يا محل العفو عفوك يا كريم ولطفك اللِّي كافلٍ كل الآنام يا سميعٍ يا بصيرٍ يا عليم يا قويٍ يا متينٍ يا سلام يا مجيدٍ يا معيدٍ يا حليم يا عزيزٍ ذو الجلال والإكرام يا عطوفٍ يا رؤوفٍ يا رحيم جلّ شأنه ما يهان ولا يضام ويصور تهجّده بالدقة الزمانية لتفاصيل الحدث: إموحّدٍ يدعوك في الليل البهيم بالتخشّع والتخضع بالظلام ومن قصيدة الشاعر الكبير محمد العبدالله العوني المتوفى سنة 1343ه والمعروفة - بتوبة العوني - نختار بعض أبيات منها تبين مدى خشوعه وسكينته وتضرعه لله ولجوئه لخالقه سبحانه وتعالى: وإلطف وناظر يالولي في سوالي تقطّعت ما لي سوى الله دليله وحيد ما لي غير ظلّك اظلالي ذليل ما لي غير عزّك وسيله ومنها قوله: يا فزعة المضيوم منشي الخيالي يا فارج الشدّة ولو هي ثقيله يا سامع بالليل حس النمالي وصوت ليونس في البحور الهويله دعاه وضرب الموج مثل الجبالي فوقه وجاب لدعوته وتهليله وها هو الشاعر المعروف مرشد البذال - رحمه الله - يشير لأهمية يوم عرفة موظفاً الصوم والحج والكل يعرف أنهما جزء من خمسة لا تتجزأ، تبدأ (بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتنتهي بحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا): بديت ذكرك يا عزيز الشأني يا واحدٍ ما له شريكٍ ثاني يا من خلق صومه وحجه فريضة ومفضلٍ هاليوم يا رحماني في يوم تاسع من شهر ذي الحجه مشاهدين المسلمين إخواني تحت عرفة مشاهدينٍ خشّع يرجون عفوك يا عزيز الشاني مشاهدين دموعهم هتّافه الكل منهم حافيٍ عرياني كلامهم لبيك اللهمّ لبيك يا دايم وغيرك فاني لبيك لا شريك لك في ملكك لك النعم والحمد والإحساني وهذا التوجه المشرف في الشعر يمتد إلى الجيل المعاصر من أجيال سبقته بسنين طويلة جداً، وها هم نخبة من كبار الشعراء يستهلون قصائدهم بروح مفعمة بالإيمان بالله ورحمته ومغفرته، يقول الأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير: شكواي لله ما لغيره شكاوي هذا ولا لي غير مولاي معبود يا رب أنا في ظِل خيرك غناوي لا جاحدٍ فضلك ولا منكرٍ جود وقّفت في بابك ذليلٍ عناوي وإنت الكريم ومن ترجّاك موعود إدمح خطاي وزلتي بالخطاوي ينزاح عنّي هَمْ الأيام والكود أنا رجيتك يا مجيب الرجاوي يا مصرِّف الأقدار والنقص والزود ويقول الشاعر محمد بن ناصر السياري - رحمه الله -: يالله اليوم يا منشي الغمام إرحم اللي بجالك مستجير من تلاجا بظلّك ما يضام إنت يا جابر العظم الكسير ويشير بنفس المعنى للنهج الشاعر بدر الحويفي إلى أركان الإسلام الخمسة: يالله ياللي ما لنا غيرك أعوان يالواحد الفرد الصمد خالق الكون يا من على المسلم فرض خمس الأركان يالله يا عالم خفا كل مكنون يفوق سلطانك على كل سلطان جميع خلقك عن كمالك يعجزون ونختتم استشهاداتنا بالشاعر الكبير/ أحمد الناصر: بديت باسم اللي للأبواب فتّاح فتّاح بيبان الفرج والتساهيل منشي سحابٍ كن برقه إلى لاح كهرب حلب والدير يوم أظلم الليل في قدرته تجري السفاين بالارياح جلّ الإله مشكّل الناس تشكيل